تردي الأمن في مصر .. وتواصل الاشتباكات في بورسعيد والتحرير

اختطاف مدير شركة «أكسون موبيل» وزوجته لساعات. وحرس «مرسي» ينسحب من تـأمين منزله بالزقازيق

عنصر أمن يوجه بندقيته باتجاه المتظاهرين في شوارع بورسعيد أمس (أ.ب)
TT

دخلت الأوضاع الأمنية في مصر منحنى خطرا، بعد أن اختطف مجهولون مدير شركة «أكسون موبيل» الأمريكية للبترول وزوجته (بريطانيان) لبضعة ساعات، فيما تزايدت إضرابات ضباط الشرطة واحتجاجاتهم في عدد من المحافظات، قبل يومين من النطق بالحكم في قضية مقتل 72 من مشجعي النادي الأهلي القاهري في إستاد بورسعيد والمقررة غدا «السبت»، بينما تواصلت الاشتباكات المتقطعة أمس في ميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة، ومدينة بورسعيد، وفي محافظة الزقازيق انسحبت تشكيلات قوات الأمن المركزي المكلفة بتأمين منزل الرئيس محمد مرسى وأعلنوا الاعتصام في الاستناد الرياضي .

وقالت مصادر أمنية، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن مجموعة من قبيلة (الجرارشة) تجمعوا أمام نيابة رأس سدر وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء احتجاجا على تجديد حبس 4 من أفراد القبيلة في قضية حيازة سلاح بدون ترخيص، وقاموا بقطع الطريق، وأثناء ذلك تصادف مرور أندرو ديفيد مدير شركة «أكسون موبيل» وزوجته كارولين، وهما بريطانيان، بسيارتهما متوجهين إلى مدينة رأس سدر، فقاموا باعتراضهما وإنزال السائق من السيارة واختطافهما، والتوجه بهما إلى المنطقة المتاخمة لطريق رأس سدر. وأشارت المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن جنوب سيناء نجحت بالتنسيق مع كبار شيوخ وعواقل قبائل سيناء في تحديد مكان احتجاز المختطفين وتحريرهما سالمين، فيما تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيق.

يأتي ذلك فيما سادت حالة من التذمر واسعة النطاق بين ضباط الشرطة في عدة محافظات مصرية، حيث انسحبت تشكيلات قوات الأمن المركزي المكلفة بتأمين منزل الرئيس محمد مرسى بمدينة الزقازيق ، وأعلن ضباطها وأفرادها الاعتصام داخل إستاد الشرقية الرياضي المواجه للمنزل للمطالبة بتوفير حماية قانونية لهم وعدم الزج بجهاز الشرطة في أزمات سياسية تضعهم في مواجهات مباشرة مع الشعب.

وقال الضباط والجنود المعتصمون إنهم لن يشاركوا في حماية أي مقرات أو منشآت ذات طابع سياسي، إلا إذا تم تسليحهم ومنحهم ضمانات قانونية تتيح لهم الدفاع عن أنفسهم وعدم تعرضهم للمحاكمات الجنائية إذا ما تم الاعتداء عليهم.

وفي القاهرة، أغلق ضباط قسم قصر النيل، الذي يتبعه ميدان التحرير، ديوان القسم أمام المواطنين ورفضوا العمل، معلنين رفضهم لسياسة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وما سموه بـ»أخونة الوزارة».

وأكد ضباط القسم رفضهم تعامل وزير الداخلية في واقعة مقتل الضابط محمود أبو العز بمصر القديمة، حيث لم يحضر جنازته، وطالبوا بتسليحهم الكامل لمواجهة أي أعمال بلطجة أو اقتحامات السجون، مؤكدين أن ضابط مصر القديمة قتل لسوء التسليح وضعفه.

كما تظاهر مئات الضباط وأفراد الشرطة أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، للمطالبة بلقاء الرئيس مرسى، كما انضم إليهم أسر الضباط المختطفين في سيناء.

وفي محافظة المنيا بصعيد مصر، نظم العشرات من أمناء وأفراد الشرطة بالمنيا، وقفة احتجاجية أمس أمام مديرية الأمن للتضامن مع زملائهم في عدد من المحافظات، حيث قطعوا طريق كورنيش النيل أمام مبنى المديرية، مطالبين بعدم تسييس الوزارة وتسليح الأفراد بالسلاح الشخصي نظرا لأعمال البلطجة التي يتعرضون لها أثناء تأديتهم عملهم.

وفي شمال سيناء، ساد التذمر قطاع الأمن المركزي بالمحافظة تضامنا مع زملائهم في المحافظات التي تشهد اشتباكات مع المتظاهرين، حيث أعلن الضباط والأفراد إضرابهم عن العمل وانسحب بعضهم بالفعل من مواقع الخدمات الأمنية القائمة، في الوقت الذي رفض فيه البعض الآخر التوجه إلى خدماتهم.

وتواصلت الاشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين على طريق كورنيش النيل، بعد إلقاء الأمن القبض على عدد منهم لقطعهم طريق الكورنيش، ورشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة، واستمرت عمليات الكر الفر في محيط فندقي شبرد وسميراميس، مع وجود حالة من الارتباك المروري تسود منطقة وسط القاهرة بالكامل.

وقرر المستشار محمد ثروت قاضى المعارضات بمحكمة قصر النيل، إخلاء سبيل 30 متهما في أحداث اشتباكات كورنيش النيل بكفالة 5 آلاف جنيه لكل متهم. وكانت نيابة قصر النيل برئاسة سمير حسن قد أمرت بحبس المتهمين 4 أيام، ووجهت لهم النيابة تهمة إثارة الشغب وقطع الطريق والتعدي على أفراد الشرطة.

وفي بورسعيد، تواصلت الاشتباكات المتقطعة في محيط مديرية أمن بورسعيد، بين المتظاهرين ورجال الشرطة، رغم محاولات رجال الجيش الثاني الميداني السيطرة على الأوضاع. من جهة أخرى، أعلن المستشار مصطفى دويدار المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة، أن المستشار حازم صلاح المحامى العام بالمكتب الفني للنائب العام، أصدر قرارا بضبط وإحضار خمسة من الأعضاء المؤسسين لمنظمة «البلاك بلوك»، وتم اتخاذ إجراءات ضبطهم وإحضارهم من قبل الأجهزة الأمنية وسيتم تقديمهم لجهات التحقيق في أسرع وقت.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة في بيان له أمس أن قرار النيابة جاء بناء على التقارير الواردة من مصلحة الأمن العام، وإدارة المعلومات والتوثيق التابعة لوزارة الداخلية، وجهاز المخابرات العامة المصرية، والتحريات التي اتخذتها الجهات المعنية للكشف عن المتورطين في أعمال التخريب والشغب التي تبنتها مجموعة «البلاك بلوك».

من جهتها، حذرت جبهة الإنقاذ الوطني من تداعيات استمرار الوضع الحالي على مستقبل مصر وشعبها، منبهة إلى أخطار الاعتماد على الحلول الأمنية في مواجهة المشاكل التي تستدعي حلولا سياسية واقتصادية في المقام الأول.

وقالت الجبهة في بيان لها أمس أن لجنة إدارة الأزمات أصدرت عدة توصيات عقب اجتماعها الليلة قبل الماضية دعت فيها إلى القصاص العادل لضحايا جريمة بورسعيد والكشف عن مرتكبيها ومحاكمتهم محاكمة ناجزة، على أن يتم التحقيق في ما حدث في بورسعيد منذ 26 يناير (كانون الثاني) الماضي بواسطة لجنة لتقصي الحقائق تتكون من عدد من القضاة وعدد من الشخصيات العامة المستقلة. ودعت اللجنة إلى اعتبار من قتلوا في 26 يناير شهداء، والتعامل مع قضيتهم على هذا الأساس، ودعت أيضا إلى الوقف الفوري لاستخدام أي شكل من أشكال العنف في مواجهة أهالي بورسعيد، وعدم الاكتفاء بتغيير بعض مسئولي الأمن عوضا عن محاسبة المسئولين عن تنفيذ هذه الجريمة.