فشل مفاوضات توسيع الترويكا الحاكمة في تونس.. وترقب لتقديم العريض تشكيلة الحكومة للمرزوقي اليوم

أستاذة أمراض نفسية تخلف أستاذ الفلسفة المستقيل من المجلس التأسيسي

العريض لدى وصوله لاجتماع مع ممثلي الأحزاب الرئيسية لبحث تشكيل الحكومة أمس (أ.ف.ب)
TT

توقع علي العريض، رئيس الحكومة المعين في تونس، أن يقدم التشكيلة الحكومية الجديدة إلى رئيس الجمهورية محمد منصف المرزوقي اليوم (الجمعة). وقال العريض في مؤتمر صحافي أمس «المشاورات التي قمت بها مع الأحزاب السياسية استمرت إلى ساعة متأخرة من الليل، وتواصلت اليوم (أمس) الخميس»، وتابع «تم الاتفاق على جزء كبير من التركيبة الحكومية، وهناك نقاط خلافية لا يزال النقاش حولها جاريا». وأوضح العريض أن ما اتفق حوله أكثر مما اختلف فيه. وزاد قائلا «لقد اتفقنا في المجمل على أرضية العمل، وما زال النقاش جاريا حول ما تبقى من نقاط». وفي معرض رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تأخير مواعيد الإعلان عن الحكومة وما إذا كان ذلك يترجم صعوبة المفاوضات بين الشركاء السياسيين، قال العريض «نحن نحدد المواعيد ثم نسائلها، وكل مخاض صعب تكون نتائجه على قدر الآمال المعلقة عليه».

من جهته، قال المولدي الرياحي، القيادي في حزب التكتل من أجل العمل والحريات، إن سبب التأخير في الإعلان عن تشكيلة الحكومة، هو «الخلاف الحاصل في صلب المشاورات التي جمعت ممثلي الأحزاب السياسية برئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة المنتظرة، والمتعلق بالأساس حول التسميات على رأس وزارتي الداخلية والعدل». وكان تكتل الحرية والكرامة، والتحالف الديمقراطي، وحركة وفاء، قد انسحبوا من مشاورات الحكومة المرتقبة بعد الاجتماع المطول الذي تواصل حتى فجر أمس الخميس. وواصلت أحزاب الترويكا بعد ظهر أمس نقاشاتها حول تشكيلة الحكومة، حيث مثل حركة النهضة كل من نور الدين البحيري وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، ومحمد بن سالم وزير الفلاحة، إلى جانب العريض، وعن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية عزيز كريشان، وطارق الكحلاوي، وعماد الدايمي.. ومثل حزب التكتل من أجل العمل والحريات في المفاوضات مع العريض، خليل الزاوية، وزير الشؤون الاجتماعية، ومولدي رياحي.

من جهته، انتقد محمد الصالح الحدري، القيادي بتحالف الجبهة الإسلامية، ورئيس حزب العدل والتنمية (حزب إسلامي تأسس بعد الثورة) سير مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، وشبه من يتفاوضون على تشكيلها بأنهم جماعة «النازلين من الجبل» في غزوة أحد. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنهم يجلسون للتفاوض بعقلية من جاء لتقاسم الغنائم واللهاث وراء كعكة الحكم من دون مراعاة أوضاع التونسيين وأوجاعهم، على حد تعبيره.

واعتبر أن تلك العقلية هي التي أدت إلى فشل التفاوض بين الأطراف السياسية الستة التي أبدت استعدادا للمشاركة في الحكم. وقال الحدري، وهو عقيد متقاعد، إن الفرصة الوحيدة لنجاح أي حكومة تكمن في الاستقرار الأمني. وأضاف أن الأمن هو مطلب كل التونسيين وفي غيابه ستعم الفوضى ولن تنعم تونس بالاستقرار الاجتماعي أو النماء الاقتصادي.

على صعيد آخر، استغربت رئاسة الجمهورية من التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي، والتي ذكر فيها أنه لم يتم الرجوع إلى المؤسسة العسكرية عند التمديد لحالة الطوارئ بالبلاد. وقال الناطق باسم الرئاسة، عدنان منصر «تم الرجوع إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي، مع أخذ رأي المؤسسة العسكرية عند إقرار التمديد في حالة الطوارئ»، وتابع «هذا القرار هو قرار سياسي بامتياز يأخذ بعين الاعتبار رأي المؤسسة العسكرية ولكن ليس بالضرورة الاستجابة له». وعلى صعيد إعداد الدستور، تم الكشف عن صرف 41 مليارا و500 ألف دينار تونسي على الهيئة العليا للانتخابات، ما بين 18 مايو (أيار) 2011 و31 مارس (آذار) 2012، ومنذ باشر المجلس مهامه تم صرف 22 مليونا و230 ألف دينار. وفي ميزانية 2013 تم تخصيص 25 مليونا و500 ألف دينار، وبذلك تكون الاعتمادات التي رصدت للمجلس التأسيسي منذ بداية عمله حتى الآن في حدود 48 مليار دينار تونسي. ويتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية للدستور إلى 89 مليارا، أي أن فصلا واحدا من الدستور (149 فصلا) يكلف 597 مليون دينار (الدينار يساوي نصف يورو تقريبا). ويتوقع أن تتم المصادقة النهائية على الدستور في يوليو (تموز) المقبل. إلى ذلك، خلفت استقالة قيادي في حركة النهضة ردود فعل أضعفت الحركة في تفاوضها مع بقية الأحزاب. ووجه أبو يعرب المرزوقي، الذي استقال من عضوية المجلس التأسيسي ومن منصب المستشار الثقافي للرئيس المرزوقي، انتقادات لاذعة إلى الحكومة والنخبة السياسية الحاكمة، وحمل حركة النهضة بوجه خاص الجزء الأكبر من مسؤولية عدم تنفيذ البرامج المختلفة. وقال على صفحته على «فيس بوك» إنه لم يكن ينوي إبداء ملاحظاته حول الحكومة والأحزاب «لو تبين له أن تأليف الحكومة الجديدة قد تحرر من العيوب التي شابت الحكومة المستقيلة». وأضاف المرزوقي «أكبر عيب وقع فيه الحزب الإسلامي الذي يحكم تونس بعد الثورة، وقد يكون الأمر نفسه حاصلا في مصر، هو أنه يعمل بعكس (...) ما توجبه الاستراتيجية الحكيمة، فأصبح حكمه عملية غزو، يرد فساد (النظام) السابق بفساد من جنسه». وأضاف في البيان الذي حمل عنوان «ما يحصل لا يبشر بخير»، أن حكم الإسلاميين في تونس «تحول إلى توزيع مغانم في الحكومة وأجهزتها والإدارات وتوابعها على الأقرباء والأصحاب والأحباب دون اعتبار لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب». وكان المرزوقي، وهو أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية، قد ترشح لانتخابات المجلس التأسيسي ضمن قائمة حركة النهضة بالدائرة الانتخابية «تونس الأولى»، وتمكن من النجاح وحافظ على استقلاليته طوال الفترة الماضية. وسارعت «النهضة» إلى تعويضه بوردة التريكي، وهي أستاذة طب نفسي.