حراك سياسي في لبنان لإنتاج بديل لقانوني «الستين» و«الأرثوذكسي» وضمان الانتخابات في موعدها

مفوض الإعلام في «التقدمي»: نخشى «تطيير» الاستحقاق

TT

كثفت حركة الاتصالات واللقاءات على الساحة اللبنانية في اليومين الأخيرين من أجل التوصل إلى قانون انتخاب جديد، يرضي معظم الأطراف اللبنانية، بما يحفظ التوازنات السياسية الدقيقة، عشية بدء العد العكسي لموعد الانتخابات النيابية، المقررة في شهر يونيو (حزيران) المقبل. وفيما بدا واضحا وجود إجماع على رفض العودة إلى «قانون الستين» الأكثري بموازاة رفض بعض القوى السياسية السير باقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، تزداد الخشية السياسية من تأجيل موعد الانتخابات، بما يتخطى الإطار التقني، الذي قد يفرضه إقرار قانون جديد.

وتسعى القوى السياسية إلى إنتاج قانون جديد للانتخابات يتخطى قانوني الستين و«الأرثوذكسي»، لأن الأول الذي جرت على أساسه الانتخابات الماضية مرفوض من قبل العديد من القوى، خصوصا الأكثرية النيابية، فهو يعتمد النظام الأكثري ودوائره هي الأقضية. علما بأن هذا القانون أعيد إحياؤه بعد اتفاق الدوحة بضغط من نفس هذه القوى، وتحديدا العماد ميشال عون الذي يعتبر أن الدوائر الصغيرة تعطي المسيحيين القدرة على انتخاب غالبية نوابهم بأصوات مسيحية في الأقضية التي يشكلون فيها غالبية بحيث لا يؤثر فيها الصوت الإسلامي.

أما قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي أقرته اللجان النيابية بضغط من القوى المسيحية في المعارضة والموالاة وبدعم من حزب الله وحركة أمل، فهو ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها فقط.

وتجلى الحراك السياسي على خط الانتخابات النيابية من خلال لقاءين بارزين على هامش حركة المشاورات القائمة بين رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، ورئيس كتلة المستقبل النيابية، رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، بالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وتمثل اللقاء الأول بزيارة لافتة قام بها السنيورة إلى معراب، حيث التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء أول من أمس، في لقاء هو الأول بعد تباعد سببه تصويت «القوات» على اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» الذي يعارضه تيار المستقبل. ووضع السنيورة جعجع، بحسب بيان صدر عن اللقاء، في «تفاصيل البحث الجاري بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وفي أجواء الاتصالات الجارية مع الرئيس بري». وأكد المجتمعون «على ضرورة التوصل إلى قانون انتخاب جديد بتوافق الكتل النيابية كافة»، مشددين على «ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها القانونية والدستورية». وخلصوا إلى أن «الصيغة المثلى في الوقت الحاضر هي صيغة القانون المختلط».

وتمثل اللقاء الثاني بالزيارة التي قام بها جنبلاط إلى رئيس المجلس النيابي، الذي أكدت مصادره، وفق ما نقل عنها أمس، أن «اللقاء كان ناجحا وجيدا، وتم خلاله التوافق على نقطتين: قانون الستين لن يمر، والسعي الدؤوب لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها». وقال مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه جنبلاط، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الحراك الذي يقوم به جنبلاط ينطلق من إدراكنا لوجود اعتراضات شديدة على قانون الستين مقابل اعتراضات لا تقل أهمية على اقتراح (اللقاء الأرثوذكسي)»، موضحا «إننا ننطلق من قناعة أساسية تتصل بضرورة السعي لتحويل مناسبة الانتخابات إلى مناسبة تجمع اللبنانيين ولا تكرس الانقسام».

وأشار الريس إلى أنه «انطلاقا من هذا الواقع نرى أنه لا مفر من التوافق على قانون انتخاب جديد، لأن مقاربة قانون الانتخاب بالسعي لتأمين أكثرية عددية له في مجلس النواب هي مقاربة خاطئة، خصوصا أن التوازنات السياسية دقيقة بين اللبنانيين وهي معروفة ولا بد من أخذ الموضوع بعين الاعتبار». وقال الريس إنه «انطلاقا من وجود قوى سياسية تعارض الصيغة الأكثرية بالمطلق وقوى أخرى، نحن بينها، تعارض النسبية بالمطلق، فإنه لا بد من ضرورة بناء التفاهم أو التوافق حول قانون الانتخاب، وربما يشكل النظام المختلط (يزاوج بين النسبي والأكثري) نقطة التقاء بين الفريقين». وشدد على أن «المطلوب من كل القوى السياسية تطوير مواقفها والوصول إلى قاسم مشترك يجنبنا الدوران في حلقة مفرغة».

وأكد الريس «الخشية من تطيير الانتخابات، بمعنى تأجيلها السياسي لا التقني»، وحذر أنه من شأن ذلك أن «يضع لبنان أمام منعطف خطير ويدخل البلاد في أزمة عميقة لن يكون الخروج منها سهلا». وأكد «إننا نعول على بناء التفاهم في الوقت المتبقي، وهو ما يفترض خروج بعض الأطراف السياسية من دائرة المزايدات السياسية»، لافتا إلى لقاءات واتصالات عدة في الفترة الأخيرة مع حزب الله ولقاءات نيابية ووزارية وتواصل بشكل أو بآخر مع بقية القوى السياسية. وكرر الإشارة إلى أن «المطلوب اليوم خطاب سياسي أكثر تواضعا وأكثر قابلية من أجل إنتاج التوافق».

وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان قد أمل أمس أن «تنجح الاتصالات الجارية لإنتاج قانون انتخابي عصري يؤمن صحة التمثيل للشرائح اللبنانية، ينطلق من مشروع القانون الذي أحيل من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب».

ورأى وزير البيئة ناظم الخوري، المحسوب على سليمان «إننا في موسم انتخابات، وكل طرف يسعى لاستغلال أي ظرف أو أي ثغرة لتسجيل المواقف»، معتبرا أن «التعثر في التوافق على قانون الانتخابات يعود إلى المرجعيات البرلمانية، لأن السلطة التشريعية هي المسؤولة عن وضع قانون للانتخابات، علما بأن الحكومة كانت قد قدمت مشروعها».

وأكد الخوري في حديث لـ«وكالة أخبار اليوم» أن «أي طرح جديد يفترض توافر مناخ سياسي وفاقي في البلد يسمح أيضا بإجراء الانتخابات، ويجب أن يكون هذا المناخ موجودا كي يتم الاتفاق على القانون وبعد ذلك تصبح الانتخابات أمرا سهلا تتأمن ظروف إجرائها من الناحية الأمنية، لا سيما إذا توافر الغطاء السياسي». وشدد على أن «الكرة في ملعب المجلس النيابي، لإقرار قانون جديد للانتخابات»، موضحا أن رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة، خصوصا أن ولاية مجلس النواب الحالي تنتهي في 20 يونيو المقبل، وبالتالي يفترض أن تكون الدعوة للهيئات الناخبة في المهلة الدستورية».