الحكومة العراقية تبحث خيارات جديدة للتعامل مع أزمة المظاهرات في المحافظات الغربية

مقرب من المالكي لـ «الشرق الأوسط» : الحرب مقبلة مع القتلة في الرمادي

TT

من الأنبار وإليها تبدأ الخطط والمبادرات والتحركات وتنتهي. هذا ما يجري منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر. وفود تأتي وتذهب بين الحكومة من جهة والعشائر من جهة أخرى، بين من يدعي تمثيل الحكومة ومن يدعي تمثيل المتظاهرين.

وتبقى عين الحكومة على مظاهرات الأنبار بوصفها الأكبر والأكثر خطورة على مستقبل العراق. فمع كل ما بين المتظاهرين والحكومة من خلافات عميقة، فإن القاسم المشترك بين الطرفين هو الموقف من تنظيم «القاعدة». ومع ذلك فإنه مع استمرار الزمن دون حصول تقدم جدي على صعيد حلحلة الأزمة والاستجابة للمطالب الـ14 التي عرضها المتظاهرون في الأنبار وتبنتها باقي المحافظات الغربية، فإن متغيرات كثيرة حصلت كان الأبرز فيها اتهام أبرز شيخين كانا ممن قاتلوا «القاعدة» بالأمس (أحمد أبو ريشة وعلي الحاتم السليمان) بدعمها اليوم، وهو ما تطور إلى إصدار مذكرة إلقاء قبض بحقهما.

وبينما يستقيل وزير المالية رافع العيساوي فإنه يتعرض بعد أيام من استقالته إلى محاولة تراوحت بين الاختطاف والاغتيال على الطريق الدولي بالقرب من طريبيل من قبل طائرات هليوكوبتر. ومع تصاعد الأزمة، وطبقا للمعلومات التي كشف عنها لـ«الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر، الذي يوصف بأنه كبير مفاوضي رئيس الوزراء نوري المالكي مع أبرز خصومه، فإن هناك فرزا للأوضاع في تلك المناطق.

الشابندر رسم خارطة الطريق التي تتحرك فيها الأزمة قائلا إن «محافظة الأنبار منقسمة الآن إلى ثلاثة أقسام.. قسم يحمل لواء المعارضة المسلحة والمدفوعة، التي تتبنى أجندة خارجية، وهذا القسم لم يخرج منذ البداية إلى ساحة الاعتصام من أجل نيل مطالب معينة بقدر ما يريد مواجهة التجربة الديمقراطية في العراق وإسقاطها»، مشيرا إلى أن «الدافع لهذه التحركات خارجي، بينما مادة التعبئة طائفية».

ويضيف الشابندر قائلا: «أما القسم الثاني من المتظاهرين فإنه يتبنى مطالب وأهدافا سياسية وهذا القسم في غالبيته العظمى شريك في الحكومة وفي البرلمان وفي مجمل العملية السياسية، ولكنه ركب موجة المطالب وحاول أن يحتمي ويهدد الحكومة بالقسم الأول، وذلك بإرغامها على التنازل ولكن هذا القسم يبدو أنه تعب وبات يخشى أن يتم استخدامه من قبل القسم الأول»، كاشفا أنه «بدأ يحاور الحكومة لكنه لا يستطيع أن يحاورها في العلن، بل في الظلام، وبالتالي فإنهم يريدون حوارا لأنهم يدركون أنه مهما كانت درجة الخلاف، فإنها ينبغي أن لا تصل إلى القطيعة».

ويتابع الشابندر قائلا: «أما القسم الثالث فهم أبناء الوفد العشائري الذي زار بغداد مؤخرا والتقى رئيس الوزراء (نوري المالكي) ورئيس اللجنة الوزارية السباعية حسين الشهرستاني، وبودي أن أوضح هنا نقطة مهمة، وهي أن هذا الوفد يمثل عيون أهالي الأنبار فضلا عن أنه لم يكن راضيا عن كثير مما تحقق، وقد كان لقاؤه عاصفا مع الشهرستاني، ورفض أن يتم إصدار بيان بما تعتبره الحكومة إنجازات، بل اعتبر أن ما تحقق خطوة باتجاه الحل».

ويؤكد الشابندر أن «هذا الوفد الذي يمثل القسم الثالث من أصحاب الحقوق المشروعة تحدى القسم الأول من رافعي لواء المواجهة، وتجاهل موقف القسم الثاني الذي يريد حوارا في الظلام كما أشرنا».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك جدية من قبل الحكومة في التوصل إلى حلول جذرية للمشكلات هناك قال الشابندر إن «ما حصل في الأنبار وغيرها من المحافظات الغربية كشف في الواقع أن هناك أزمة في الجهاز الحكومي برمته، وأن خللا لا بد من معالجته سواء فيما يتعلق بإدارة الدولة أو الفساد، وأن هذا يشمل أصغر دائرة في الدولة إلى أكبر مؤسسة فيها».

واعتبر الشابندر أن «ما يحصل في الأنبار ليس كله نذير شؤم لذلك هناك حراك حكومي قوي سوف يحصل خلال الأيام القليلة المقبلة باتجاه إيجاد حلول حقيقية، لا سيما بعد أن حصل الفرز بين من يتحرك لإسقاط التجربة السياسية في العراق ومن يتحرك من أجل مطالب مشروعة، ولذلك أستطيع القول إن الحكومة جادة جدا في تصحيح الأوضاع بقوة».

وبشأن كيفية التعامل مع القسم الذي ترى الحكومة أنه لا يعترف بأي خطوة تقوم بها الحكومة، قال الشابندر: «أستطيع القول إن الحرب مقبلة مع هؤلاء، وأقصد بهم (القاعدة) والتكفيريين والقتلة، لأن باب الحوار موصد تماما مع هذه الفئة، وهم وإن كانوا قلة، إلا أن صوتهم الآن هو الأعلى، لا سيما أن الخطوات الحكومية لن تمنح لأي جهة ذريعة التشكيك».