خلايا التجسس الإيرانية في الخليج واليمن

6 منها في اليمن و8 في الكويت مرورا بالإمارات.. والهدف سياسي أمني

TT

الإعلان بين الحين والآخر عن القبض على خلية إيرانية للتجسس، أصبح أمرا مألوفا في أكثر من دولة عربية في الخليج والجزيرة. فمع تسارع الأحداث الأمنية، وتزايد الفوضى المصاحبة لـ«الربيع العربي» حاولت طهران استغلال تدهور الأوضاع الأمنية لبث أكبر قدر من جواسيسها في المنطقة.

وقد أعلنت أكثر من دولة عربية ضبط خلايا تجسس إيرانية على أراضيها، وقدم عناصر تلك الخلايا للمحاكمات وسط صمت رسمي إيراني أو إشارات إعلامية تتجاهل الخبر أو تنفيه.

في العام الماضي كشف مسؤولون يمنيون عن أن قوات الأمن اليمنية أوقفت ست خلايا تجسس إيرانية مرتبطة بمركز قيادة ويشرف عليها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني يشرف على عمليات الخلايا في اليمن والقرن الأفريقي. وهو الأمر الذي جعل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يخاطب الإيرانيين في يوليو (تموز) الماضي قائلا «اتركوا اليمن وشأنه».

الرئيس اليمني وخلال محاضرة ألقاها في الولايات المتحدة أكد أن إيران تدعم تيارا متشددا مسلحا مطالبا بالانفصال في الحراك الجنوبي.

كما قال هادي في الولايات المتحدة، إنه «تم الكشف عن خمس شبكات تجسسية تعمل لصالح إيران وتمت إحالتها سابقا إلى القضاء». ومؤخرا تم الكشف عن شبكة سادسة. وإيران اتهمت أيضا من قبل صنعاء في السابق بدعم التمرد الحوثي الشيعي في شمال البلاد.

وفي رد فعل إيراني قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست، إن «طرح مثل هذه الادعاءات لن يحل مشكلات اليمن، وعلى المسؤولين في الحكومة اليمنية أن يسعوا لسماع صوت وطلبات الناس لتحقيق هذه الطلبات، فهذه الادعاءات ليست صحيحة». وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع اليمنية في موقعها الرسمي أنه تم الكشف عن خلية من الجواسيس الإيرانيين كانوا يستوردون أجهزة عسكرية إلى اليمن.

ويفيد الخبر بأن أعضاء هذه الشبكة كانوا يقصدون تدشين مصنع في اليمن باعتبارهم مستثمرين إيرانيين. ورغم أن وزارة الدفاع اليمنية لم تكشف عن هوية هؤلاء، يقال إن جلهم من أعضاء الحرس الثوري الإيراني.

وذكر موقع «مأرب برس» الإخباري أن الأجهزة المستوردة إلى اليمن يمكن أن تستخدم في صنع الصواريخ والتسليحات الأخرى، وذلك لسد حاجات المتمردين الحوثيين في شمال اليمن. وفي عام 2010 استدعت البحرين والكويت سفيريهما من طهران بسبب كشف شبكات تجسس إيرانية.

وقد أعلنت الكويت آنذاك أن شبكات التجسس الإيرانية قامت بتصوير المنشآت العسكرية الكويتية والأميركية وسلمتها إلى الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية. وكانت النيابة العامة البحرينية قد أحالت المتهمين إلى المحاكمة بعد أن وجهت لهم تهمة التخابر «منذ 2002 وحتى أبريل (نيسان) 2010 في مملكة البحرين وخارجها»، مشيرة إلى أنهم «تخابروا مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الإضرار بمركز الدولة الحربي والسياسي والاقتصادي وبالمصالح القومية». وفق وكالة الأنباء البحرينية التي أودت الخبر حينها.

وأشارت النيابة إلى أن المتهمين الثلاثة «تخابروا مع الحرس الثوري الإيراني بغرض إمداده بمعلومات عسكرية واقتصادية ويجمع عناصره بيانات ومعلومات تتعلق بمواقع عسكرية ومنشآت صناعية واقتصادية داخل البحرين بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد».

وأما عن خلايا التجسس الإيرانية في الكويت فقد صدرت في الكويت أحكام بالسجن المؤبد على 4 أشخاص، بينهم إيرانيان بتهمة التجسس لصالح إيران عام 2010. وهذا كان حكم محكمة الاستئناف لأن المحكمة الابتدائية طالبت بإعدام هؤلاء الاثنين. وذكرت صحيفة «القبس» الكويتية حينها أنه ومع تسارع المواقف السياسية بشأن أحكام الإعدام التي صدرت بحق أعضاء شبكة التجسس الإيرانية، كشفت مصادر مطلعة عن أن الشبكة التي تمت محاكمتها هي واحدة من أصل 8 شبكات تجسسية في البلاد.

ونسبت الصحيفة إلى المصادر قولها إن اثنتين من الشبكات السبع مسلحة وإن الملحق السياحي في السفارة الإيرانية علي ظهراني هو المسؤول الاستخباراتي للحرس الثوري الإيراني في الكويت ومنطقة الخليج. وقد غادر البلاد مع 3 دبلوماسيين في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009 بعد ورود أسمائهم في التحقيق بقضية شبكة التجسس. وكشفت المصادر عن أن الملحق السياحي ظهراني عمل على تجنيد أعضاء الشبكات بالتعاون مع بعض الشركات التي تتغطى بأعمال السياحة في الكويت والخليج.

وقد تم إرسال بعض أعضاء هذه الشبكات للتدريب في إيران وبعض دول الجوار. وقالت المصادر للصحيفة الكويتية، إن أعضاء الشبكتين المسلحتين تلقوا تدريبات على استخدام الأسلحة والمتفجرات، وإن مصدر القلق الرئيس هو أن شبكة التجسس زرعت أعضاءها في المؤسسة العسكرية وتحديدا الجيش، حيث وصلوا إلى معلومات دقيقة في الحاسب الآلي. لكن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال ردا على موضوع استدعاء السفير الكويتي من طهران: «ماذا تملك الكويت حتى تتجسس عليها إيران؟».

وفي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات حكما بالسجن سبع سنوات على المتهم سالم موسى فيروز خميس، إماراتي الجنسية بتهمة التخابر مع دولة أجنبية. وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن الحكم جاء بعد اعتراف المتهم بما نسب إليه وعلمه بأن الجرم الذي ارتكبه بتزويد دولة أجنبية بمعلومات يضر بالأمن الوطني ومنشآت الدولة وعلاقاتها مع الدول الصديقة.

وكانت معلومات وردت إلى الأجهزة الأمنية الإماراتية تفيد بتخابر المتهم المذكور مع ضباط استخبارات في قنصلية لإحدى الدول الأجنبية يعملون تحت اسم وظائف قنصلية مختلفة، وبعد الحصول على إذن النيابة العامة قامت الأجهزة الأمنية بتفتيش سيارة المتهم ومنزله وتم العثور على بعض المستندات التي تحتوي على معلومات عن القوات المسلحة الإماراتية وأماكن وجودها وتمركزها.

واعترف المتهم في محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة بما نسب إليه من تهم حيث تعرف على شخصين من القنصلية المذكورة في عام 2008 لمساعدته في قضية خاصة تتعلق بزوجته الإيرانية وبعد عدة لقاءات مع الشخصين المذكورين طلبا منه معلومات عن القوات المسلحة كونه كان أحد منتسبيها قبل تقاعده وذلك مقابل مبالغ مالية.

واعترف المتهم بأنه قدم لهما كل المعلومات المتوفرة لديه عن القوات المسلحة وعندما طلبا منه معلومات أخرى إضافية ولم يستطع الحصول عليها دلهما على مواطن آخر يعمل بالقوات المسلحة وبعد اطمئنان المحكمة إلى المعلومات والإثباتات التي قدمتها النيابة العامة واعتراف المتهم بتقديم معلومات عسكرية من شأنها الإضرار بمركز الدولة العسكري والسياسي ومطالبة النيابة بمعاقبته طبقا للمادة 155 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا حكمها القاضي بحبسه 7 سنوات.

وتسعى إيران من خلال تكثيف عمليات التجسس في الدول العربية إلى استغلال حالة الفوضى الأمنية التي تمر بها بعض الدول التي مر عليها «الربيع العربي»، لتكوين بيئة اجتماعية وسياسية ملائمة لتوجهات نظام إيران في المنطقة، والترويج لمشروعها الذي تغلفه بغلاف الممانعة والمقاومة. وتنظر طهران إلى التجسس على اعتبار أنه سلاح فعال يوفر عليها الكثير من الجهد والوقت والمال، لنشر أفكارها وتصدير مشروعها الذي لا تكف عن الترويج له بكل الوسائل الممكنة.