كريستوفر روس: الأوضاع في «الساحل» تتطلب حل نزاع الصحراء

الوسيط الدولي يصل إلى العيون اليوم في إطار جولة بالمنطقة

د. سعد الدين العثماني وزير خارجية المغرب لدى لقائه كريستوفر روس الوسيط الدولي في نزاع الصحراء بالرباط أمس (منير امحميدات)
TT

يصل كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، إلى الصحراء اليوم (الجمعة) وتحديدا إلى العيون كبرى مدن الصحراء، ويزور بعدها مدينة الداخلة قبل التوجه إلى مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر) ثم موريتانيا والجزائر.

وكان روس قد بدأ جولته الثانية إلى المنطقة التي تستمر حتى 3 أبريل (نيسان) المقبل، بزيارة الرباط الليلة قبل الماضية وتباحث مع عدد من المسؤولين المغاربة بينهم عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، وكريم غلاب رئيس مجلس النواب، ومحمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين. كما تباحث أمس مع سعد الدين العثماني وزير الخارجية، ومحند العنصر وزير الداخلية. وحضر هذه المباحثات محمد لوليشكي، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة. وقال روس في تصريحات للصحافة عقب مباحثاته أمس مع العثماني، إن الوضع في منطقة الساحل وجوارها يجعل حل قضية الصحراء أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى. وأوضح أنه «دشن في الرباط جولة جديدة من أجل إيجاد حل لمشكلة الصحراء وفق القرارات المتتالية الصادرة عن مجلس الأمن». وأشار روس إلى أنه سيعرض خلاصات هذه الجولة أمام مجلس الأمن يوم 22 أبريل (نيسان) المقبل.

من جانبه، قال العثماني: «أكدنا لروس دعمنا وحرصنا على نجاح هذه المهمة لنصل إلى حل نهائي ودائم لمشكلة الصحراء المغربية»، وأضاف الوزير المغربي: «ناقشنا بعمق الخطوات المقبلة التي يقترحها في مهمته التي تشكل الرباط محطتها الأولى في زيارته للمنطقة».

وكان بيان صادر عن رئاسة الحكومة المغربية الليلة قبل الماضية قد أشار إلى أن ابن كيران استعرض مع روس آخر التطورات في المنطقة، خاصة تنامي عدم الاستقرار بمنطقة الساحل وهي الوضعية التي تطرح بإلحاح أكبر ضرورة إيجاد حل للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمغرب.

وأضاف البيان أن رئيس الحكومة ذكر «في هذا الصدد بالمبادرات العديدة التي يقوم بها المغرب بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل الوصول إلى حل سياسي وواقعي ونهائي ومقبول من كافة الأطراف على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وفي إطار الاحترام التام للسيادة وللوحدة الترابية للمملكة المغربية».

وجدد رئيس الحكومة خلال مباحثاته مع روس «التزام المغرب بجد ونية صادقة بالمشروعية الدولية وبمبادرات وجهود الأمم المتحدة لتجاوز الطريق المسدود ووضع حد للوضع الراهن، وكذا استعداد المملكة للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى الحل النهائي الذي تدعو إليه القرارات الأخيرة لمجلس الأمن».

كما عبر ابن كيران عن «رغبة المغرب الأكيدة للمساهمة في بناء صرح المغرب العربي الكبير وتوفير ظروف الأمن والاستقرار والرفاهية لشعوب المنطقة».

من جانبه، أثار رئيس مجلس النواب المغربي انتباه روس خلال مباحثاتهما إلى عدد من القضايا؛ وعلى رأسها العمل على ضمان حرية تنقل الصحراويين المغاربة المحتجزين (تعتبرهم جبهة البوليساريو لاجئين) في مخيمات تندوف، والصعوبات التي يواجهونها من أجل ذلك مشيرا إلى أنه أطلع روس على التطورات التي شهدتها المنطقة التي عرفت تناميا للحركات الإرهابية وتدهورا للأوضاع الأمنية، وبصفة خاصة في ظل الحرب التي تشهدها مالي.

وأبرز غلاب أن تطورات الأوضاع بالمنطقة تستدعي من المنتظم الدولي الانكباب بقوة على معالجة قضية الصحراء، وإيجاد حل سياسي يحترم السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة.

وكان نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة قد قال إن الهدف من هذه الجولة هو «تحضير المرحلة المقبلة في عملية التفاوض واحتمال استئناف المحادثات المباشرة بهدف التوصل إلى حل سياسي متبادل ومقبول من الطرفين».

وكان روس قد أعلن تخليه عن أسلوب المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو، الذي اعتمد في أغسطس (آب) 2009، بعد تسع جولات من هذه المفاوضات التي لم تحقق أي تقدم يذكر، وتعويضه بـ«دبلوماسية مكوكية» بين الجانبين، وذلك في محاولة لتخطي الجمود في التوصل إلى حل سلمي للنزاع.

وكانت الرباط قد اتهمت روس في مايو (أيار) من العام الماضي بالانحياز، وسحبت ثقتها منه قبل أن تتراجع عن هذا القرار، بعد أن تشبث الأمين العام للأمم المتحدة به. وكان بان كي مون أكد للعاهل المغربي الملك محمد السادس خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما في أغسطس (آب) الماضي، أن الأمم المتحدة لا تعتزم إحداث أي تغيير على مهمتها الرئيسة في الصحراء، وهي إيجاد حل للنزاع. وكانت جبهة البوليساريو قد طالبت بتوسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء «مينورسو» لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، الأمر الذي رفضه المغرب بشدة.