حكومة «8 آذار» تسقط باستقالة ميقاتي

بعد سنتين من تأليفها والإطاحة بالحريري

TT

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مساء أمس استقالته بعد اصطدامه برفض قوى «8 آذار» التي تمثل الغالبية داخل حكومته بمسعاه إلى إقرار لجنة الإشراف على الانتخابات ورفضها تمديد ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.

وباستقالة ميقاتي تسقط حكومته التي تألفت قبل نحو سنتين إثر الانقلاب الشهير على الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، ومعها تدخل البلاد في أزمة سياسية مرتقبة جراء صعوبة تأليف حكومة جديدة في ظل الاصطفافات السياسية القائمة والتقارب الكبير في الأصوات بين فريقي المعارضة والموالاة في البرلمان ما قد يجعل من الأمور أكثر تعقيدا.

ودعا ميقاتي إلى تأليف حكومة إنقاذية تساهم في قيادة البلاد في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية المفترض أن تجرى قبل نهاية ولاية البرلمان الحالي في يونيو (حزيران) الحالي وتجنيب البلاد فراغا سياسيا وتشريعيا. ورفض ميقاتي بعد تقديمه بيان الاستقالة الإجابة على سؤال حول قبوله تأليف حكومة الإنقاذ هذه، معتبرا أن الأمر سابق لأوانه، في حين كانت معلومات أشارت إلى أن ميقاتي هدد قوى «8 آذار» بالاستقالة، فكان جوابها «لا مانع». كما أشارت معلومات أخرى إلى أن دبلوماسيين أجانب سارعوا للاتصال بميقاتي لثنيه عن الاستقالة، لكنه أصر عليها.

وكان ميقاتي غادر جلسة لمجلس الوزراء رفعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعد رفض قوى 14 آذار تأليف لجنة للإشراف على الانتخابات نتيجة رفضها إجراء الانتخابات وفق القانون القائم الذي يعطي الأفضلية لقوى 14 آذار للفوز في الانتخابات المقبلة. ولاحقا توجه إلى اللبنانيين بكلمة قال فيها: «منذ اللحظة التي امتشقت فيها سيف العمل العام قررت مبارزة الأفق المسدود وحاولت اختراق كل الأزمات ورصد كل الحلول وتلمس النهايات الواعدة (...) خلال مسيرتي آليت على نفسي ألا أتوقف عند حملات التجني والتجريح التي طاولتني، وغلّبت الصبر والحكمة والتاني ورباطة الجأش، وبذلت كل جهد من أجل الحفاظ على وطني الحر وشعبه الشجاع». وأضاف: «اليوم (أمس) أيقنت ونحن نبحث في مجلس الوزراء موضوع إجراء الانتخابات النيابية أن التجديد لضخ الدم في الحياة السياسية والبرلمانية اللبنانية واجب وطني، وأن وقف الضخ هذا يؤدي إلى شلل في البلاد وتعطيل للمؤسسة الأم. من هنا فأنا مع إقرار قانون للانتخابات بالشكل الذي يتوافق عليه اللبنانيون، ومع إجراء الانتخابات في موعدها، مهما كانت الظروف، لكنني كنت ولا أزال ضد قانون للانتخابات يلغي رسالة لبنان ومفهوم العيش الواحد بين جميع أبنائه. أما وأن قانونا جديدا للانتخابات لن يقر، على ما يبدو، ضمن المهل التي تسمح بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وأن هيئة الإشراف على الانتخابات تم الحؤول اليوم دون تشكيلها في مجلس الوزراء على الأقل كإعلان حسن نوايا لضمان إجراء الانتخابات، كما أنه خلال أيام قليلة ستدخل مؤسسة أمنية كبرى في الفراغ بإحالة مديرها العام على التقاعد، فقد وجدت أن من الضروري في هذه المرحلة الدقيقة استمراره في مهامه لأن في ذلك واجبا وطنيا تفرضه ضرورة حماية المؤسسة التي شكلت ملاذا آمنا للبنانيين ولمست اليوم أيضا أن ثمة توجها في مجلس الوزراء بعدم التجاوب مع هذا الأمر، ونتيجة لكل ما سبق فأني أجد نفسي مضطرا لاتخاذ الموقف الذي يحكمني ضميري باتخاذه إفساحا للمجال أمام العودة إلى الحوار الذي يرعاه فخامة رئيس الجمهورية والذي لا بديل عنه ولا مفر منه، إذ لا سبيل لخلاص لبنان وحمايته إلا من خلال هذا الحوار وإفساحا في المجال لتشكيل حكومة إنقاذية تتمثل فيها كل القوى السياسية اللبنانية لتتحمل مسؤولية إنقاذ الوطن بما يكفل إطفاء الحرائق ومواكبة الأحداث الإقليمية بروح عالية من المسؤولية الجماعية». وكشف ميقاتي أن الاستقالة راودته مرتين «مرة حين عقدت العزم على تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومرة لحظة استشهاد اللواء وسام الحسن. وفي المرتين اقتضت مصلحة لبنان علينا الاستمرار في تحّمل المسؤولية التي تنوء عن حملها الجبال. فالمنطقة تنحدر نحو المجهول والحرائق الإقليمية تصيبنا بحممها والانقسامات الداخلية تترك جراحا عميقة والضغوط الاقتصادية والحياتية تتزايد من كل حدب وصوب. أما اليوم فإني أعلن استقالة الحكومة علها تشكل مدخلا وحيدا لتتحمل الكتل السياسية الأساسية في لبنان مسؤوليتها، وتعود إلى التلاقي من أجل إخراج لبنان من نفق المجهول».