خسارة جديدة لإخوان مصر في انتخابات النقابات المهنية

مراقبون عدوها مؤشرا على تآكل شعبية الجماعة قبل الانتخابات البرلمانية

TT

واصلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر فقدان مواقعها في مجالس النقابات المهنية، إذ منيت الجماعة، الأكثر تنظيما في البلاد، أمس، بخسارة وصفت بـ«الساحقة» في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصيادلة، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا قويا على تراجع شعبية «الإخوان» الذين فازوا في كل الاستحقاقات التي تلت الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل أكثر من عامين.

وكشفت النتائج النهائية لانتخابات النقابة العامة للصيادلة، التي تبلغ جمعيتها العمومية نحو 170 ألف صيدلي، عن حصول قائمة «اتحاد الصيادلة المهنيين» المحسوبة على تيار الأحزاب المدنية، ويمثلها عدد من الأحزاب الليبرالية على رأسها «الدستور»، و«المصريين الأحرار»، و«المصري الديمقراطي الاجتماعي»، على 10 مقاعد بمجلس النقابة العامة، من بين 12 مقعدا جرت عليها الانتخابات أول من أمس الجمعة.

وفيما بدا كإعلان للنصر، قال الدكتور محمد سعود، منسق قائمة «اتحاد الصيادلة المهنيين»، في تصريحات صحافية له، أمس، إن «مرشحي القائمة اكتسحوا انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصيادلة وحصلوا على 10 مقاعد»، بينما اكتفت قائمة «ائتلاف صيادلة مصر» المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، بمقعدين فقط في قطاع الدلتا، بينما خرجت قائمة الصيادلة المستقلين من سباق الانتخابات دون أي مقاعد.

من جانبه، قلل الدكتور علاء الصغير، عضو النقابة العامة للصيادلة المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، من أهمية النتائج قائلا: «الإقبال على الانتخابات كان ضعيفا للغاية ويمكن الحديث عن مشاركة 3% فقط من أعضاء الجمعية العمومية».

ورغم اعترافه بخسارة قائمة «الإخوان»، قال الصغير لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد جعلت من جماعة الإخوان أقل اهتماما بالانتخابات.. لم يكن هناك تحضير جيد، وربما سلم أولويات الجماعة الآن مختلف بعض الشيء نظرا لهذه الظروف».

لكن مصادر في لجنة المهنيين بجماعة الإخوان المسلمين تحدثت أمس عن اعتزام الجماعة عقد اجتماع طارئ لمرشحي قائمتها في الانتخابات لدراسة أسباب خسارتهم في الانتخابات.

ويعتقد مراقبون أنه في ظل غياب مؤسسات استطلاعات رأي موثوقة في البلاد، يمكن الاستعانة بانتخابات النقابات المهنية لقياس اتجاهات الرأي العام في البلاد التي لا تزال تعاني اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية رغم مرور نحو 9 أشهر على تولي الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان مقاليد السلطة.

ويرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في نتائج الانتخابات النقابية مؤشرا بالغ الدلالة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعد نتائج انتخابات النقابات مقياسا جيدا لاتجاهات الرأي العام، في ظل عدم وجود مراكز استطلاع رأي.. وإذا ما اعتمدنا هذه النتائج سنكتشف تراجعا كبيرا في شعبية جماعة الإخوان».

يضيف نافعة، الذي كان منسقا عاما لـ«الجمعية الوطنية للتغيير» قبل ثورة 25 يناير: «التآكل في شعبية الجماعة أمر ملحوظ في الشارع المصري، يمكن تلمسه في تعليقات سائقي التاكسي، وبوابي العمارات والباعة الجائلين، لكن هذه النتائج توفر مؤشرا ملموسا على هذا التآكل قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة».

ويشدد نافعة على أن ضعف الإقبال في انتخابات نقابة الصيادلة يعد مؤشرا إضافيا في غير صالح الجماعة التي عرف عنها قدرتها على الحشد والتنظيم، يقول: «كلما قلت نسب المشاركة في تقديري كانت الدلالة أخطر.. فنحن أمام جماعة أكثر ما يميزها ماكينتها الانتخابية وهي ماكينة تعمل بفعالية أكبر في ظل الأعداد القليلة، إذ تظهر قدرتها على الحشد والتنظيم».

وقبل أسابيع، منيت جماعة الإخوان المسلمين بخسارة كبيرة في الانتخابات الطلابية في معظم الجامعات المصرية التي شهدت تقدما ملحوظا للتيار المدني الذي هيمن على معظم مقاعد الاتحادات الطلابية في الجامعات الكبرى: القاهرة، والإسكندرية، وعين شمس، وحلوان، وجامعات الدلتا. كما خسرت أيضا في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين قبل أسبوع، بالإضافة إلى خسارتها جميع مقاعد نقابة البيطريين في محافظتي القاهرة والجيزة.

وكان الرئيس مرسي قد أصدر إعلانا دستوريا في نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، أثار غضبا واسعا في صفوف قوى المعارضة في البلاد التي توحدت تحت مظلة «جبهة الإنقاذ الوطني». ويرى مراقبون أن سياسات الرئيس عقب هذا الإعلان لم تنجح في جسر الهوة التي أخذت في الاتساع مع إصراره على إقرار دستور لا يحظى بالتوافق.

وفقدت جماعة الإخوان حليفا رئيسا لها من التيار السلفي، على خلفية اتهامات وجهت لحزب النور السلفي ومن خلفه «الدعوة السلفية» التي تعد من كبرى القوى السلفية في البلاد، بشأن سعي «الإخوان» للهيمنة على مفاصل الدولة ورغبتهم في ما سموه «الاستئثار بالسلطة».