نقاط خلافية تعيق المصادقة على المسودة الثانية للدستور التونسي

نائب: توطئة الدستور صورة من مثيله الإيراني

TT

لا تزال مجموعة من النقاط داخل المسودة الثانية للدستور التونسي الجديد محل خلاف بين الأطراف السياسية، من بينها النظام السياسي المزمع اعتماده في تونس، والصلاحيات الممنوحة لكل من السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلى جانب مخاوف من الأحزاب اليسارية المعارضة بتهديد مدنية الدولة التونسية والتحضير لبناء دولة دينية.

وفي هذا السياق، اتهم أعضاء من المعارضة بالمجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة، بتمرير مسودة دستور تونسي يقارب في مصطلحاته ومفاهيمه الكبرى ما يتضمنه الدستور الإيراني. وقالت النائبة سامية عبو المستقيلة من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أحد شريكي حركة النهضة في الحكم، إن مشروع الدستور التونسي الجديد يتضمن مصطلحات من الدستور الإيراني من قبيل «تأسيسا على الإسلام» في النسخة الإيرانية، و«تأسيسا على ثوابت الإسلام» في النسخة التونسية. واعتبرت أن مثل ذاك التداخل قد يفتح الباب أمام التأويل المتعدد والمختلف، وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى التأسيس لدستور لا يحظى بالتوافق بين مختلف الأطراف السياسية. وتنص المادة الرابعة من الدستور الإيراني على أنه «يجب أن تكون الموازين الإسلامية أساس جميع القوانين والقرارات المدنية والجزائية».

ويناقش أعضاء المجلس التأسيسي التونسي، خلال هذه الفترة، المسودة الثانية للدستور، وهي خطوة أساسية في اتجاه إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية السنة الحالية. ولا تزال مجموعة من النقاط داخل المسودة المذكورة محل خلاف، من بينها النظام السياسي المزمع اعتماده في تونس، والصلاحيات الممنوحة لكل من السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وتدخلت أطراف سياسية معارضة في هذا الجدل، وقالت إن التشابه «موجود من حيث الفلسفة، وليس من حيث تطابق المصطلحات»، وقالت إن تلك التوطئة القريبة من الدستور الإيراني تجد لها موطئ قدم لدى الدول التي اعتمدت الشريعة مصدرا للتشريع، أو التي تنبت أنظمة دينية ثيوقراطية. واعتبرت أن توطئة الدستور التونسي شحنت بمصطلحات آيديولوجية، مثل التدافع السياسي والتكافل والإخوة، وهي تعبر عن التوجه الحزبي لمن يمتلك الأغلبية داخل المجلس التأسيسي، في إشارة إلى حركة النهضة.

وفي هذا الشأن، قال الحبيب خضر المقرر العام للدستور لـ«الشرق الأوسط»: إزاء ما يصدر عن البعض من إيحاء بأن توطئة الدستور «منسوخة»، أو «مأخوذة» عن الدستور الإيراني، فإنه من الضروري التوضيح أن الصيغة الواردة في مقدمة الدستور الإيراني مختلفة من حيث الصيغة والمضمون الوارد في مشروع توطئة الدستور التونسي. وأرجع خضر جذور التنصيص التونسي إلى توطئة دستور سنة 1959 من تعلق الشعب التونسي بتعاليم الإسلام، وهو يتماشى وبقية ما تضمنته دساتير بلدان المغرب العربي في المغرب والجزائر وموريتانيا وليبيا وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.

وكانت صحيفة «الحدث» الأسبوعية التونسية قد أقامت في عددها الأخير مقارنة طريفة بين الإمام الخميني والشيخ راشد الغنوشي، وقالت إن الغنوشي هرب من بطش بن علي إلى لندن، تماما كما هرب الخميني من إيران إلى فرنسا، ورجع الرجلان بعد الثورة، ورفضا الحكم والانغماس في عالم السياسة.