الائتلاف الوطني يسعى للحصول على مقعد سوريا في الأمم المتحدة

روسيا تتعهد بإفشال مساعيه

TT

بعد تمكنها من دخول «المؤسساتية العربية» عبر مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة مؤخرا، تتجه أنظار المعارضة السورية إلى مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، وبالتحديد إلى الجادة الأولى فيها، إذ تسعى المعارضة السورية لدخول «المؤسساتية الدولية» من خلال الحصول على المقعد السوري في هيئة الأمم المتحدة، الأمر الذي تعهدت موسكو بإفشاله.

وفي هذا الصدد، صرح مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أمس، بأن بلاده ستعارض بشدة منح مقعد «الجمهورية العربية السورية» للائتلاف الوطني السوري لقوى التغيير المعارض، معللا ذلك بوجود سلطة شرعية منتخبة تمثل السوريين، ومضيفا «لا يمكن أن تعطي مقعدا ببساطة لجماعات معارضة لم تمر بعملية ملائمة لاكتساب الشرعية، يجب أن تكون هناك سلطات شرعية».

وبلغة دبلوماسية لا تخلو من النقد غير المباشر، أكد المندوب الروسي أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هم «أعضاء مسؤولون»، ويقدرون المؤسسة التي ينتمون إليها، وتاليا فلن يسمحوا بـ«إضعاف موقف الأمم المتحدة» من خلال تجميد أو سحب مقعد سوريا من نظام الرئيس بشار الأسد، والذي وصفه بالسلطة الشرعية، وإعطائه للائتلاف السوري، في إشارة إلى ما قامت به الدول العربية في قمتها في الدوحة مؤخرا.

وكانت روسيا قد انتقدت تلك الخطوة، متهمة الجامعة العربية بالتخلي عن دعم الحل السلمي للصراع الذي دخل عامه الثالث في 15 مارس (آذار) الحالي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس «ننظر بأسف لنتائج القمة العربية في الدوحة؛ المعنى الأساسي للقرارات التي اتخذت هناك هو أن الجامعة العربية ترفض الحل السلمي».

وشغل رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب مقعد سوريا المجمد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الثلاثاء الماضي في القمة العربية التي أيدت تقديم مساعدات عسكرية للمعارضين الذين يقاتلون للإطاحة بنظام الأسد. ودعا الخطيب خلال كلمته إلى مساعدة الدول العربية في مساعي المعارضة لشغل مقعد سوريا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بدلا من نظام الأسد.

ولن تكون خطوة تسليم الائتلاف المقعد السوري في الأمم المتحدة، إن تحققت، سابقة في تاريخ المنظمة العالمية، إذ سبق أن مُنح المجلس الانتقالي الليبي مقعد دولته إبان الثورة الليبية على نظام العقيد معمر القذافي. وحينئذ لم تجمد الأمم المتحدة عضوية ليبيا، لكن أعضاء البعثة استقالوا بشكل جماعي في 21 فبراير (شباط) 2011، أي بعد 5 أيام من اندلاع الثورة الليبية، بعد أن طالبوا بعقد جلسة لمجلس الأمن لبحث الأمور في ليبيا. وفي 25 فبراير 2011، ألقى رئيس البعثة عبد الرحمن شلقم كلمة أمام مجلس الأمن، أعلن فيها انشقاقه عن نظام القذافي، مكررا عبارة عمر المختار «نحن شعب ننصر أو نموت».

وعلى عكس نظيرتها الليبية، لا تبدو البعثة السورية بنيويورك في طور التصدع أو الضعف، بل على العكس، يجد رئيس البعثة السورية بشار الجعفري في الأمم المتحدة منبرا للدفاع عن نظام الأسد وتفنيد ما تقوله المعارضة السورية. وقال عدة دبلوماسيين بمجلس الأمن الدولي إن الائتلاف الوطني السوري الذي ينشئ مكاتب اتصال في نيويورك وواشنطن سيسعى للحصول على مقعد سوريا بالمنظمة الدولية.

يشار إلى أن الائتلاف الوطني قام بفتح مكتبي تمثيل له في الولايات المتحدة، أحدهما في واشنطن والثاني في نيويورك في فبراير الماضي. ووفقا للمكتب الإعلامي للائتلاف، فإن الهدف من المكتب الأول فتح مزيد من قنوات التواصل مع صناع القرار في واشنطن، بينما يهدف المكتب الثاني إلى تمثيل سوريا في الأمم المتحدة والمؤسسات المتشعبة عنها.

وفي هذا الصدد يقول رئيس مكتب نيويورك البروفسور نجيب الغضبان إن حصول المعارضة على مقعد سوريا بالأمم المتحدة منطقي. ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أركنسو أن «نظام الأسد فقد الشرعية التي تؤهله لتمثيل سوريا في اليوم الذي بدأ فيه حملته المسلحة ضد الشعب السوري والتي أسفرت عن موت ودمار وكارثة إنسانية تتطلب اهتماما فوريا من المجتمع الدولي».

ووفقا لدبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه فإن المعارضة ربما تسعى إلى الحصول على مقعد سوريا في سبتمبر (أيلول) حين يلتقي زعماء العالم في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن دبلوماسيا عربيا قال لـ«رويترز» إن السعي لمنح مقعد سوريا بالأمم المتحدة للمعارضة قد يتم في وقت أقرب كثيرا.

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» لاستيضاح حظوظ المعارضة السورية في مساعيها في نيويورك، قالت مصادر داخل الأمم المتحدة إن طلب المعارضة يواجه بعض التعقيدات، ذاك أنه عليه أن يمر عبر «لجنة المسوغات» بالأمم المتحدة التي تعنى بمراجعة أوراق الترشيح، والتفويض، واعتماد السفير وأعضاء بعثته. وتتكون اللجنة من ممثلي تسع دول يعينهم رئيس الجمعية العامة في بداية كل دورة. والأعضاء الحاليون هم روسيا والصين وبيرو وترينيداد وتوباغو والولايات المتحدة وأنجولا والسويد وتايلاند. وتقدم اللجنة تقريرا إلى الجمعية العامة بعد دراسة أوراق طلب كل دولة، حسب إجراءات قبول أوراق واعتماد سفراء الدول الأعضاء. ولا بد من خطاب رسمي من رأس الدولة أو وزارة الخارجية بتفويض أشخاص محددين كممثلين لهذه الدولة في الأمم المتحدة. ولا تتمتع موسكو بحق النقض «الفيتو» في هذه اللجنة أو في الجمعية العامة التي يبلغ عدد أعضائها 193 عضوا.

لكن روسيا تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وقد استخدمته بالفعل لعرقلة ثلاثة قرارات تندد بما يقوم به نظام الأسد بحق المعارضين لحكمه.

ويشير الغضبان إلى أن ما يزيد على نصف أعضاء الجمعية العامة هم ضمن مجموعة أصدقاء سوريا، وبالتالي فمن المرجح أن يدعموا مطلب المعارضة. ويضيف أن الأمم المتحدة يمكن أن تساعد في ضمان انتقال مستقر في سوريا إلى هيكل دولة سلمي وديمقراطي وشامل من خلال منح مقعد سوريا بالأمم المتحدة للمعارضة السورية.