مصادر فرنسية: اجتماع أميركي فرنسي بريطاني في لندن لبحث 4 ملفات سورية

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن «تأمين» 19 موقعا للأسلحة الكيماوية السورية يستدعي تعبئة 50 ألف رجل

مقاتل من الجيش الحر يحاول الاحتماء من قصف قوات النظام في مدينة دير الزور شرق سوريا أمس (روترز)
TT

كشفت مصادر فرنسية رسمية أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري طلب خلال اجتماعه مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، بمناسبة مروره في باريس يوم الأربعاء الماضي تنظيم اجتماع ثلاثي في العاصمة البريطانية على هامش مؤتمر وزراء خارجية مجموعة الثمانية للدول الأكثر تصنيعا، وتحضره المعارضة السورية ممثلة بأحمد معاذ الخطيب، رئيس الإئتلاف الوطني السوري واللواء سليم ادريس، رئيس أركان الجيش السوري الحر.

وقالت هذه المصادر لـ»الشرق الأوسط» إن ادريس موجود حاليا في العاصمة البريطانية. لكن مجيء الخطيب إليها «ليس مؤكدا» بسبب الإنقسامات الحاصلة داخل الإئتلاف وتقديم الأخير استقالته ثم إعلانه أنه مستمر في مهمته حتى انتهاء انتدابه في مايو (أيار) القادم.

ويريد الوزراء الثلاثة بحث أربعة مواضيع هي كالتالي: التداول بشأن مستقبل الحكومة الإنتقالية المنتظرة التي كلف غسان هيتو بتشكيلها، وقراءة ما جرى في اجتماعات الدوحة للمعارضة السورية والقمة العربية، والبحث في نوعية الضمانات المطلوبة من المعارضة السورية لتزويدها بالسلاح المتطور وأخيرا السعي للتوصل الى موقف مشترك من «جبهة النصرة» التي وضعتها واشنطن على لائحة المنظمات الإرهابية والوصول الى موقف مشترك من الطلب الذي تقدمت به الحكومة السورية الى مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على الجبهة المذكورة.

وترى باريس ومعها الغربيون أن الطلب السوري بمثابة «فخ ديبلوماسي» وله مردود سياسي سلبي إن قبلت فرض العقوبات أو إن رفضتها وبالتالي فإن غرضه الحقيقي هو الإحراج.

وتريد الأطراف الغربية الثلاثة، علاوة على المواضيع آنفة الذكر، التداول مع المعارضة السورية بشأن الأسلحة الكيماوية الموجودة بأيدي النظام التي تثير مخاوف حقيقية في العواصم الغربية الثلاث فضلا عن إسرائيل وبعض الدول العربية. وثمة سيناريوهان يثير القلق: الأول، لجوء النظام الى استخدامها ضد المدنيين والثاني، وقوعها في أيدي المنظمات الجهادية المتطرفة.

وأفادت المصادر الفرنسية أن المواقع الـ19 للأسلحة الكيماوية السورية «قيد المراقبة الدائمة» من قبل واشنطن والدول الغربية وإسرائيل. لكن المشكلة، وفق ما شرحته، أن «تأمين» هذه المواقع يستدعي تعبئة 50 ألف جندي وهو أمر مستبعد إن لم يكن مستحيلا. ولذا، فإن العواصم الغربية الثلاث تريد من المعارضة السورية «التزاما قويا» بالمحافظة على هذه الأسلحة التي ما زالت حتى الآن بأيدي النظام بمعنى منع انتقالها الى الأيدي الجهادية والبحث في مستقبلها وبمصيرها على المدى الأبعد. ويريد الغربيون توفير المساعدة التقنية للمعارضة للتعاطي مع هذه الأسلحة.

وسيكون الملف السوري على رأس جدول المباحثات اتي يجريها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في باريس مساء يوم الإثنين القادم مع الرئيس فرنسوا هولاند في إطار عشاء عمل. وتريد فرنسا، وفق المصادر رفيعة المستوى، التباحث مع كاميرون بشأن «المدى الحقيقي» الذي يستطيع الطرفان بلوغه في موضوع تسليح المعارضة السورية خصوصا أن باريس متخوفة من أن لا يكون للندن «رغبة حقيقية لفي تقديم السلاح للمعارضة رغم التصريحات العلنية ل كاميرون ولوزير خارجيته وليم هيغ. غير أن الشكوك الفرنسية يمكن أن تنطبق على باريس نفسها التي أخذت تطالب بـ «ضمانات مطلقة» من المعارضة قبل أن تقدم على خطوة تقديم السلاح بعد التحفظ الكبير الذي عبرت عنه غالبية بلدان الإتحاد الأوروبي خلال اجتماع دبلن الأخير لوزراء الخارجية حيث لم تقف الى جانب باريس ولندن بصريح العبارة سوى المجر فيما أحجمت عن ذلك بلدان أوروبية كانت ناضجة للتخلي عن تحفظاتها وذلك بسبب انقسامات المعارضة واستقالة الخطيب ورفض الجيش السوري الحر الإعتراف ب غسان هيتو، رئيسا للحكومة الإنتقالية والخلافات الي ظهرت بين البلدان العربية الداعمة للمعارضة.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي فابيوس أمس، في حديث تلفزيوني، أن بلاده تريد أن تعرف مسبقا «إذا كان بإمكانها أن تثق» بالمعارضة السورية رافضا الكشف مسبقا عما سيكون عليه موقف باريس نهاية مايو المقبل عند انتهاء مدة القرار الأوروبي بفرض الحظر على السلاح الى سورية. ويختلف هذا الموقف مع ما سبق أن أكده الرئيس هولاند من أن بلاده ستتصرف «أحاديا» إذا لم يتوصل الأوروبيون الى قرار جماعي برفع الحظر عن السلاح الى المعارضة قبل أن يعود للمطالبة بضمانات. وقالت المصادر الفرنسية لـ»الشرق الأوسط» إن الموضوع السوري سيبحث على مستوى وزراء خارجية مجموعة الثمانية بحضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي تعارض بلاده تسليح المعارضة السورية وتعتبره مخالفا للقانون الدولي.

وتصف باريس وضع المعارضة السورية التي كانت من أشد المتحمسين لها بأنه «كارثي» وأنها «لا تساعد» الدول الراغبة في دعمها بسبب استمرار انقساماتها العميقة. ومرة أخرى، نبه فابيوس من أن «استمرار الأمور على هذا المنوال» سيؤدي الى انفجار سورية من الداخل بحيث يقوم «قوس إيراني ــ سوري من جهة مقابل المتشددين والقاعدة من جهة أخرى».