بارزاني يصدر قرارا بتنظيم الانتخابات الرئاسية بكردستان في سبتمبر المقبل

أجهض جهود حزبه وحزب طالباني لإقناع المعارضة بتمديد ولايته

TT

تغير مسار الأزمة الراهنة في كردستان حول انتخابات رئاسة الإقليم مع صدور أمر رئيس الإقليم مسعود بارزاني بإجرائها بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأرسل بارزاني رسالة بهذا المعنى إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق يبلغها بالعمل على تنظيم الانتخابات الرئاسية بحلول الثامن من سبتمبر.

وبصدور هذا القرار المفاجئ من بارزاني يكون قد أجهض جهود حزبه (الديمقراطي الكردستاني) وحزب الرئيس العراقي جلال طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) التي بذلت خلال الأسابيع الأخيرة مع أحزاب المعارضة بهدف تمديد ولايته الرئاسية لسنة أو اثنتين، وهو الأمر الذي لم تبت به أحزاب المعارضة بعد، ما عرض قرار بارزاني إلى تأويلات وتكهنات كثيرة.

وكانت مصادر قيادية اتصلت بها «الشرق الأوسط» قد أعربت عن دهشتها لصدور هذا القرار، وتزايدت التكهنات حول ملابسات القرار وأهدافه، حيث أكدت مصادر في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني الحليف الرئيسي لحزب بارزاني «أن القرار اتخذ من دون أي مشاورة مع الاتحاد الوطني، وكان يفترض أن يكون هناك تفاهم مشترك حول هذا القرار، خاصة أن جهودا مشتركة بذلت طوال الفترة المنصرمة باتجاه التمديد».

لكن قياديا آخر، اشترط عدم الكشف عن هويته، قلل من أهمية تلك التكهنات بقوله إن بارزاني «يبدو قد حسم أمره فيما يتعلق بمسألة الانتخابات الرئاسية، وأعتقد أنه لم يعد مهتما بمسألة التمديد، وسيتوجه للانتخابات الرئاسية مهما كلف الأمر». وتابع: «هناك خمسة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات، وقد تستثمر هذه الفترة لإجراء المفاوضات مع المعارضة بغية التوصل إلى اتفاق يقضي بتعديل قانون رئاسة الإقليم بما يمكن رئيس الإقليم من الترشح لدورة انتخابية كاملة بدل التمديد لسنة أو سنتين».

وكشف المصدر القيادي عن أنه «خلال المشاورات التي بدأها وفد مشترك من الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) مع أطراف المعارضة الكردية (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية)، بدا واضحا أن هذه الأحزاب ليس لديها مرشحون لمنافسة بارزاني، وقد يكون هذا هو الدافع الأساسي لصدور ذلك القرار، بمعنى أنه في المحصلة لا بد من إعادة انتخاب بارزاني للمنصب باعتباره الأكثر أهلية لقيادة الإقليم في هذه المرحلة الحساسة، خاصة أن هناك أزمة عميقة بين كردستان وبغداد، ناهيك بتداعيات أحداث المنطقة على الإقليم، وغيرها من التحديات التي تتطلب وجود شخص بمستوى مسعود بارزاني لقيادة شعب كردستان في هذه المرحلة».

من جانبها رحبت أحزاب المعارضة الثلاث بصدور هذا القرار من رئيس الإقليم، وأكدت عدة مصادر فيها «أن أطراف المعارضة سبق أن دعت قيادة الإقليم إلى الالتزام بمواعيد الانتخابات، وأن قرار رئيس الإقليم يلبي طلب المعارضة بتنظيم الانتخابات في مواعيدها المحددة».

وفي سياق متصل أظهر استفتاء أجراه موقع «روداو» الكردي الذي يعتقد أنه تابع لنائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني نيجيرفان بارزاني «أن 67 في المائة من المشاركين في الاستطلاع رفضوا التمديد لولاية مسعود بارزاني».

وتشير النتائج الأولية للاستفتاء الذي انطلق في السادس من الشهر الحالي ويستمر حتى العاشر من الشهر المقبل، وشارك فيه حتى يوم أمس 6294 شخصا، إلى أن 31 في المائة من المشاركين كانوا مع التمديد و2 في المائة كانوا غير مهتمين. ولم تستقر الأرقام عند حد معين، حيث تبدأ بالتصاعد والانخفاض حسب مشاركة أعداد جديدة من المصوتين.

يذكر أنه حسب مشروع الدستور المحلي لإقليم كردستان، فقد تم تحديد مدة ولاية رئيس إقليم كردستان بأربع سنوات تبدأ من تاريخ أدائه اليمين الدستورية، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية اعتبارا من تاريخ نفاذ الدستور.

وحسب هذه المادة لا يجوز إعادة انتخاب بارزاني لدورة ثالثة؛ لأنه قضى دورتين رئيسا للإقليم. وتنص المادة 61 على أنه «ينتخب رئيس إقليم كردستان عن طريق الاقتراع العام السري المباشر من قبل مواطني الإقليم». فيما تحدد المادة 68 رابعا تمديد مدة عمل الرئيس وتربطها بالحرب والكوارث الطبيعية، وتنص على مايلي: «يستمر رئيس الإقليم في أداء مهامه في حالة انتهاء ولايته وتعذر إجراء انتخابات جديدة لرئيس آخر بسبب الحرب أو الكوارث الطبيعية لحين زوال الموانع المذكورة وانتخاب رئيس جديد».

أما قانون رئاسة إقليم كردستان فقد حدد بدوره مدة ولاية الرئيس بدورتين انتخابيتين، وبما أن بارزاني قد شغل المنصب لدورتين بشكلين مختلفين، الأول بانتخابه من قبل البرلمان الكردستاني، والثاني عبر اقتراع مباشر من الشعب، فإن المصادر القانونية في الإقليم ترى أن له الحق بشغل المنصب لدورة أخرى كاملة لمدة أربع سنوات باعتباره شغل المنصب نتيجة الاقتراع المباشر لدورة واحدة، ولذلك فإن الأمر يحتاج إلى إجراء تعديل على قانون رئاسة الإقليم بما يمكن بارزاني من شغل المنصب لدورة ثالثة، أو طرح الدستور على الاستفتاء الشعبي، ثم إعادته إلى البرلمان لإجراء التعديل اللازم عليه، وهذان أمران مرتبطان بالمشاورات التي ستستمر بين أحزاب السلطة والمعارضة خلال الفترة المتبقية من الأشهر الخمسة المقبلة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.