«الحر» يواصل قصفه لـ«دير الزور العسكري» و«النظامي» يغير على «موحسن»

مقتل 60 شخصا في مجزرة بمحافظة درعا

سوريون يرسمون علم ثورتهم على أحد جدران مدينة إعزاز بمحافظة حلب (أ. ف. ب.)
TT

كثف مقاتلو الجيش السوري الحر أمس عملياتهم العسكرية بمحافظة حلب، ضمن ما يسمونها معركة «فك الأسرى»، وذلك بعد يوم دام شهد مقتل أكثر من 130 مدنيا، بينهم أكثر من 60 شخصا في بلدتي الصنمين وغباغب في محافظة درعا.

ووفقا لناشطي الثورة، استطاع الجيش الحر إسقاط مروحية في المنطقة الشرقية من محافظة إدلب، وذلك خلال نقلها مواد تموينية لمعسكري الحامدية ووادي الضيف المحاصرين، مما أدى إلى مقتل 4 جنود نظاميين كانوا على متنها. وأظهر شريط فيديو تداوله الناشطون بقايا طائرة مشتعلة وحولها أرغفة خبز ومظلات ممزقة، فيما تجمع عدد من الأشخاص حول جثث الجنود، ويقول مصور الفيديو «ها هو الطيار الخائن. ها هو الطيار الثاني».

في موازاة ذلك، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الطيران السوري بقصف المخابز والمستشفيات وأهداف مدنية أخرى، داعية إلى وقف هذه الـ«جرائم ضد الإنسانية». وأكدت المنظمة، في تقرير حمل عنوان «الموت القادم من السماء»، أن «الغارات التي أمرت بشنها الحكومة والتي قتلت مدنيين بشكل عشوائي ومن دون تمييز، تندرج على ما يبدو في استراتيجية هجمات متعددة ومنهجية ضد المدنيين والتي نعتبرها جرائم ضد الإنسانية».

ولم يثن التقرير الصادر أمس الطيران الحربي النظامي عن شنه لغارات جوية متلاحقة على مدينة موحسن، في محافظة دير الزور، مستهدفا أحياء عدة فيها، وفق ما أعلته لجان التنسيق المحلية في سوريا. ويحاول الجيش الحر تحييد الطائرات عن المعارك الدائرة بينه وبين الجيش النظامي، من خلال استهدافه لمطارات عسكرية، كمطار دير الزور العسكري الذي قصفه «الحر» بقذائف الهاون، بحسب ناشطين.

وبالعودة إلى «الموت القادم من السماء»، أشارت «هيومان رايتس ووتش»، اعتمادا على شبكة ناشطين، إلى أن «الغارات الجوية قتلت أكثر من 4300 مدني في كل سوريا منذ يوليو (تموز) 2012، وهو الشهر «الذي أدخل فيه نظام الأسد الطائرات كسلاح في مواجهة الثوار». ونقلت عن مواطن في إعزاز بمحافظة حلب قوله إن ما لا يقل عن 12 شخصا من عائلته قتلوا في غارة واحدة على منزلهم في 15 أغسطس (آب) الماضي. ودعت المنظمة الدولية «جميع الحكومات والمؤسسات إلى وقف بيع وتزويد الأسلحة والذخائر ومعدات إلى سوريا حتى توقف الحكومة ارتكاب مثل هذه الجرائم».

وفي درعا، أشار المرصد السوري إلى مقتل عشرات المدنيين، ومن بينهم أطفال، بعد أن دخلت القوات النظامية بلدتي الصنمين وغباغب المجاورتين. وأظهرت تسجيلات فيديو بثها ناشطون على مواقع الإنترنت جثثا مرصوصة داخل أحد المباني، ملطخة وجوه أصحابها بالدماء، ولفت أجسادهم بملاءات ووضعت على كل منها ورقة عليها الاسم، وبدا عدد من الأطفال بين القتلى. وجاءت عملية الاقتحام هذه إثر انشقاق 10 جنود والاشتباه في فرارهم إلى البلدتين. وتخللها، بحسب ناشطي المعارضة السورية، إطلاق رصاص وقصف وإعدام ميداني، في ظل اشتباكات بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من «الجيش الحر». كما أسفر القصف عن تهدم وإحراق أكثر من ثلاثين منزلا.

وفور وقوع المجزرة، أصدر الائتلاف السوري بيانا قال فيه إن المجزرة تدل على أن «شهوة القتل والتعطش للدم لا تزال متحكمة في نفوس أزلام النظام الأسدي المجرم». وأضاف البيان أن «هذه الأعمال الدنيئة المرتكبة بحق النساء والأطفال والمدنيين العزل تدل على مدى عجز النظام المجرم عن مواجهة رجال الثورة والجيش الحر، وفشله الكامل في وقف عملية تحرير محافظة درعا، المدخل الجنوبي للعاصمة السورية دمشق».

أما في الشمال، وتحديدا في محافظة حلب، فقد أفادت شبكة «شام» بأن الجيش الحر استهدف معاقل قوات الأمن والشبيحة في قرية الحندرات بريف حلب. كما تجددت الاشتباكات بين قوات الجيش الحر وعناصر النظام في بلدة السفيرة بريف حلب. وتقع المناطق المحررة في حلب تحت سيطرة ثلاثة تشكيلات هي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام، وكلتاهما من الجهاديين، بالإضافة إلى لواء التوحيد المعروف إجمالا بقربه من جماعة الإخوان المسلمين. وينتشر لواء التوحيد، الذي يقول إن عديده 8 آلاف عنصر، على كل جبهات المدينة، بينما تقاتل جبهة النصرة وأحرار الشام حول القواعد العسكرية.

وفي العاصمة دمشق، أعلن لواء أبي الفضل العباس، الميليشيا الشيعية التي تقول إنها تحمي مرقد السيدة زينب، انضمام 70 مقاتلا لها جاءوا من العراق، وذلك وفقا لصفحة اللواء على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». وكان لواء ابي الفضل العباس قد أعلن عن تأسيسه بداية العام الحالي، لهدف «محدد» كما يقول المسؤولون عنه، وهو حماية المقامات والمزارات الشيعية في سوريا، وجميع مقاتلي هذا اللواء من الشيعة العراقيين التابعين لمقتدى الصدر، ومن شيعة لبنان المنتمين لحزب الله. وفي الزبداني، بريف دمشق، ذكرت لجان التنسيق أن القصف تجدد على المدينة مستهدفا مناطق النازحين من الحواجز المحيطة بالمدفعية الثقيلة والدبابات. وذكر المرصد السوري أن «اشتباكات عنيفة دارت على أطراف حي جوبر والمتحلق الجنوبي من جهة زملكا بدمشق، فيما تعرضت بلدات القيسا وخان الشيح لقصف نظامي.

وعلى جانب آخر، أعلنت لجان التنسيق المحلية في سوريا رفضها «جملة وتفصيلا» دعوة زعيم تنظيم القاعدة إلى إقامة «دولة إسلامية في سوريا»، مؤكدة أن «هدف الثورة تحقيق الدولة المدنية». وقالت اللجان في بيان لها صدر أمس إنها «إذ تستنكر هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية السورية، فإنها تؤكد مجددا أن السوريين وحدهم هم من يقررون مستقبل بلدهم»، مضيفة أن الثورة السورية «انطلقت من أجل تحقيق الحرية والعدالة والدولة المدنية الديمقراطية التعددية، وأن حلمنا المنشود كسوريين بعد إسقاط النظام الفاشي هو إرساء نظام قائم على الحريات العامة والمساواة الحقوقية والسياسية بين السوريين».