«إخوان مصر» يواجهون السلطة القضائية في «جمعة التطهير»

تضارب في موقف قوى المعارضة من المشاركة في الانتخابات

جانب من مظاهرة غاضبة ضد «الإخوان» والنظام الحاكم في مصر بوسط القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تفتح جماعة الإخوان المسلمين في مصر اليوم جبهة جديدة في صراعها مع المؤسسة القضائية في البلاد، بالدعوة لمظاهرة حاشدة لما سمته «تطهير القضاء» أمام مكتب النائب العام بدار القضاء العالي، بعد حكم بإخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك في قضية مقتل متظاهرين، لانتهاء المدة القانونية لاحتجازه على ذمة القضية. يأتي ذلك في وقت تبدي فيه قوى المعارضة في البلاد موقفا متأرجحا من المشاركة في انتخابات البرلمان التي لم يتحدد موعدها بعد، رغم قول جبهة الإنقاذ التي يقودها المعارض محمد البرادعي إن «المشاركة في الانتخابات استحقاق وطني تستعد له».

ودعت جماعة الإخوان المسلمين، التي تنظر بريبة تجاه المؤسسة القضائية ونادي قضاة مصر، إلى مظاهرة حاشدة اليوم الجمعة للمطالبة بـ«تطهير المؤسسة القضائية»، ووضع قانون جديد للسلطة القضائية يخفض سن التقاعد إلى 60 عاما بدلا من 70 عاما كما هو معمول به حاليا.

وتقول مصادر قضائية تحدثت معها «الشرق الأوسط» أمس إن القانون الجديد الذي يجري إعداده في أروقة مجلس الشورى (التشريعي) يطيح بنحو ثلاثة آلاف قاض، واصفين الخطوة بأنها «مذبحة جديدة للقضاة»، ومحاولة لـ«أخونة المؤسسة القضائية».

من جانبه، علق المستشار أحمد سليمان، أحد أقطاب «تيار استقلال القضاء» الذي تصدى لممارسات نظام الرئيس السابق حسني مبارك في تزوير الانتخابات، على الدعوة للتظاهر اليوم تحت شعار «تطهير القضاء» قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الأمور لا تعالج بهذا الأسلوب.. ومن يملك أي دليل على فساد أي قاض فليتقدم بما لديه للنائب العام. لا يصح تلويث القضاة على هذا النحو»، ووصف سليمان القانون الجديد للسلطة القضائية بـ«الخطير جدا». وتتهم قيادات بجماعة الإخوان عددا من القضاة بالولاء للنظام السابق، وتطعن في نزاهة بعضهم. وعمدت الجماعة التي هيمنت على الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور إلى الإطاحة بقضاة من المحكمة الدستورية العليا بتعديل تشكيل المحكمة في الدستور الذي أقر مطلع العام الحالي، بعد أن حملوا المحكمة مسؤولية حل أول برلمان منتخب بعد الثورة. وكان نادي قضاة مصر قد تصدى نهاية العام الماضي بقوة لإعلان دستوري أصدره الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، منح فيه لنفسه حق سلطات واسعة. وعلقت المحاكم أعمالها لنحو شهر في أوسع إضراب للقضاة تشهده البلاد، كما امتنع كثيرون منهم عن الإشراف على الاستفتاء على الدستور مطلع العام الحالي.

ورفضت قوى مدنية وإسلامية المشاركة في مظاهرات اليوم. وأعلن حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية في البلاد، عدم مشاركته في مظاهرات الجمعة قائلا على لسان متحدثه الرسمي نادر بكار إن الحزب لن يشارك فيها. وأشار بيان للحزب إلى أنه يرى اعتماد أسلوب الضغط في ظل وجود سلطة تشريعية وتنفيذية أمرا «غير مفهوم».

وتابع حزب النور في بيانه «مع كوننا قد نتفهم حاجة الرئيس إلى وجود تأييد شعبي ودعم سياسي عند اتخاذ القرارات الحاسمة، فإننا ندعو إلى السعي لكسب تأييد الشعب عن طريق مصارحته والحصول على دعم القوى السياسية من خلال الحوار معها حول الآليات والخطوات التي تتطلب ذلك الدعم».

من جانبه، دعا بيان لحزب مصر القوية الذي يتزعمه القيادي الإخواني السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، إلى بدء حوار موسع حول قانون للعدالة الانتقالية يضمن محاسبة الفاسدين والمجرمين جنائيا وسياسيا في عهد مبارك وما بعده. ورفض البيان ما اعتبره استدعاء لـ«خطاب الثورة عند الحاجة»، في إشارة لممارسات جماعة الإخوان.

من جهته، حذر حزب المؤتمر، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى، في بيان له أمس، من «لجوء الحزب الحاكم وحلفائه للتعبئة الإعلامية والدعوات للحشد ضد القضاء المصري كأسلوب يهدر دولة القانون وينذر بسوء العواقب على النظام العام وحقوق المواطن والسلم الوطني»، مؤكدا وقوفه إلى جانب القضاء واحترام مؤسساته ورفضه لما وصفه بـ«أي اجتراء على أحكام القضاء أو التطاول على القضاة».

وشككت حركة شباب 6 أبريل في نوايا «الإخوان»، وأعلنت في بيان لها رفضها المشاركة في مظاهرات تطهير القضاء، وقالت إن الجماعة أول من أمس نالت من سيادة القضاء وهددت استقلاله، و«الرئيس الذي ينتمي إلى هذه الجماعة عين نائبا عاما جديدا يخدم أهدافه وأهداف جماعته»، بحسب بيان الحركة.

وكان الرئيس مرسي قد عزل النائب العام السابق عبد المجيد محمود بإعلان دستوري مثير للجدل، وعين نائبا عاما جديدا، تنظر له قوى المعارضة فضلا عن المؤسسة القضائية بريبة. وصدر حكم قضائي قبل أسابيع ببطلان إقالة النائب العام السابق، كما ناشد المجلس الأعلى للقضاء النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله تقديم استقالته للحفاظ على وحدة صف القضاة، وهو ما لم يستجب له.

وفي غضون ذلك، تضاربت تصريحات قادة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة التي يتزعمها الدكتور محمد البرادعي، بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي لم يتحدد موعدها بعد. وقال وزير السياحة السابق منير فخري، وهو قيادي بارز في حزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط» أمس «لا يزال موقفنا في الجبهة واضحا.. نعلق مشاركتنا في الانتخابات على تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وإقالة النائب العام الحالي، ووضع قانون جديد للانتخابات».

لكن الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، قال في تصريحات صحافية أمس إن الجبهة لم تعد مقتنعة بـ«مبدأ المقاطعة». ويأتي هذا على الرغم من قول جبهة الإنقاذ في بيان أمس إن «المشاركة في الانتخابات استحقاق وطني تستعد له»، وإنها ستواصل النضال «من أجل خلق الظروف الضرورية لكي تكون هذه الانتخابات تعبيرا عن الإرادة الشعبية وليست تزييفا لها».