رفسنجاني يرفض خوض الانتخابات الرئاسية

تراجع نفوذه السياسي بدخول أحمدي نجاد عالم السياسة

TT

نقلت أخبار تفيد بأن الرئيس الإيراني السابق صاحب النفوذ، هاشمي رفسنجاني، قد استبعد نفسه كمرشح رئاسي هذا الأسبوع، إلى جانب انتقاده «تعنت من شغلوا هذا المنصب ممن قادت أفعالهم البلاد إلى هذه الحالة غير المرغوب فيها»، في اجتماع خاص مع أعضاء حاليين وسابقين بالبرلمان. وطالب أيضا المسؤولين الحاليين بالاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت والموقف الحرج الذي تواجهه إيران في الوقت الراهن.

تأتي أخبار قرار رفسنجاني عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تجرى في يونيو (حزيران) من تقرير لم يتم التحقق من صحته من قبل موقع «سحام نيوز» عن اجتماع خاص لمحافظين وزملاء سابقين من إدارته. وقد نقل عن رفسنجاني قوله إنه قد فقد ثقة المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، وأنه من دون هذا لن تكون هناك أي فائدة من أن يصبح الرئيس في المقام الأول. ومع ذلك، فقد أنكر مكتب رفسنجاني هذه الأخبار، وأشار إلى أن الأقوال المنسوبة له «تفتقر إلى الدقة».

وكان هاشمي رفسنجاني صانع قرارات سياسية رئيسا في جمهورية إيران الإسلامية منذ نشأتها في عام 1979، كما كان عضوا بارزا في المجلس الثوري القوي، تم تعيينه ومنحه الثقة من قبل الراحل آية الله الخميني. وتضم سيرته الذاتية القوية شغله منصب رئيس البرلمان لفترتين، وشغله منصب نائب قائد القوات المسلحة نيابة عن آية الله الخميني خلال الأعوام الثمانية التي دارت فيها الحرب بين العراق وإيران، وشغله منصب الرئيس لفترتين من 1989 إلى 1997، وعمله لقرابة 20 عاما كرئيس لمجلس تشخيص مصلحة النظام، إضافة إلى عمله لأربع سنوات كرئيس لمجلس الخبراء، الذي يقوم، بموجب الدستور، بتعيين المرشد الأعلى وفرض رقابة عليه.

وحتى عام 2005، كان يغدق عليه المديح من قبل غالبية مسؤولي الدولة في جميع السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووصف بأنه «عماد الثورة الإسلامية»، وجاء ذكره في مقولة شهيرة لآية الله الخميني في أعقاب محاولة اغتيال في مطلع الثمانيات من القرن العشرين، نصها «الحركة (الإسلامية) حية ما دام هاشمي حيا».

مع ذلك تغيرت المعادلة بدخول أحمدي نجاد عالم السياسة الإيرانية، وأدى ذلك إلى تراجع نفوذ هاشمي رفسنجاني السياسي، الذي كان تفضيله للسياسات الاقتصادية التكنوقراطية واضحا خلال فترته الرئاسية فضلا عن محاولاته لتطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي خاصة العالم العربي والغرب. في الوقت ذاته، شوهت شائعات عن منحه امتيازات اقتصادية ومالية لأسرته وحلفائه سمعته أمام الشعب، وبررت إقصاءه عن دوائر صناعة القرار الرئيسة. ورغم أن عزلة رفسنجاني بدأت مباشرة بعد انتخاب الرئيس خاتمي عام 1997، فقد حدث تحول في موقف مؤيدي الأخير ويودون حاليا أن يستعيد نفوذه. ويُعرف عن رفسنجاني دعمه لسياسة الانفتاح الاقتصادي والتوجه نحو إحداث انفراجة في السياسة الخارجية. لذا يؤيد دمج إيران بشكل أكبر في المجتمع الدولي. وأثار هذا الموقف انتقادات المحافظين، الذين حاولوا الحط من قدره من خلال وصفه بالسياسي الليبرالي البراغماتي الذي لا يتمسك بمبادئ الثورة الإسلامية. وكان هذا هو السبب الرئيس وراء اتخاذ قرار معارضته خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2005، حيث خسر في جولة الإعادة أمام محمود أحمدي نجاد. في المقابل كانت صورة أحمدي نجاد هي صورة الشخصية النقية البعيدة عن أي شبهة فساد والتي تتمسك بأهداف ومبادئ ثورة عام 1979. ورغم صورته وطموحاته، أثبت موقف أحمدي نجاد الصارم ضد الفساد والمحسوبية فشله إلى حد كبير. وما يصيب أكثر مؤيديه الآن بخيبة الأمل هو أن عليهم مواجهة المفارقة المريرة المتمثلة في الاعتماد على رفسنجاني ومهارته في بناء التوافق بالنظر إلى الضغوط الخارجية الحالية وسوء إدارة شؤون البلاد الداخلية. ربما يحدث هذا من دون ترشحه للرئاسة بشكل مباشر.