لبنان: أسبوع مفصلي على خطي قانون الانتخاب وتقدم سلام في تشكيل حكومة جديدة

أبو فاعور: المثالي اعتماد «الستين» إذا استعصى التوافق على صيغة جديدة

TT

من المتوقع أن تشهد الساحة اللبنانية، خلال الأيام القليلة المقبلة، دفع عجلة الاتصالات السياسية على مستوى تقدم الرئيس المكلف تمام سلام في مشاوراته من أجل تأليف حكومة جديدة، وعقد لجنة التواصل النيابية آخر جلساتها بشأن قانون الانتخاب.

المعطيات والمواقف الصادرة عن القوى السياسية في لبنان تعكس إجماعا على تسهيل التأليف فوق الطاولة، لكن بعض الفرقاء لا ينفكون عن تمرير شروط تصفها مصادر مواكبة لحراك سلام بأنها «تعجيزية». ومن المقرر أن يحمل ممثلو الكتل السياسية، بعد غد (الثلاثاء)، إلى اجتماع لجنة التواصل النيابية، المخولة درس قانون الانتخاب، أجوبة عن أسئلة طرحها نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، في مقاربة منهجية أشبة باستمارة تم توزيعها في الجلسة الأخيرة، تستطلع الآراء حول صيغة القانون المختلط (نسبي وأكثري) المقدم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وفي موازاة الأهمية المعلقة على سير أعمال الجلسة المقبلة، لفت في الساعات الأخيرة سعي النائب وليد جنبلاط إلى إعادة تعويم قانون «الستين» الأكثري، المعتمد في الانتخابات الأخيرة، بموازاة الفشل في الاتفاق على قانون آخر.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «المنطق الدستوري السليم ينص على احترام الاستحقاقات الدستورية، وبالتالي إجراء الانتخابات في موعدها». وأشار إلى أن «القانون النافذ حاليا هو قانون (الستين)، ونحن لا نعتبره مثاليا ومنفتحون على النقاش حول أي صيغة أخرى»، معلنا في الوقت عينه أنه «إذا استعصى التوافق على صيغة جديدة لقانون الانتخاب، فالمثالي أكثر هو إجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ».

وفي حال عدم التوصل إلى الاتفاق على قانون جديد، تراهن القوى المسيحية، لا سيما تيار النائب ميشال عون، على اعتماد قانون «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، مدعوما من حليفه حزب الله، الذي يؤكد سيره في أي قانون يلقى «إجماعا مسيحيا». وتعول القوى المسيحية على هذا القانون باعتباره «الحل الأخير» الذي يمكن أن يتم التوصل إليه بعد طرحه على التصويت في مجلس النواب، خلال جلسته المقبلة المحددة في منتصف شهر مايو (أيار) المقبل.

ووصف أبو فاعور تسويق بعض الفرقاء لقانون «اللقاء الأرثوذكسي» على أنه «مادة ابتزاز وتهويل، يستخدمها العماد عون وحتى الدكتور سمير جعجع (رئيس حزب القوات اللبنانية)». وقال إن هذه الصيغة باتت «مادة مزايدة مسيحية - مسيحية، بينما يستمر حزب الله بمسايرة العماد عون في هذا الإطار»، مؤكدا أن «الأكيد اليوم أن الجميع يريد الرقص فوق جثة الانتخابات النيابية».

على الصعيد الحكومي، كشف أبو فاعور أن «عجلة تشكيل الحكومة ستتحرّك في اليومين المقبلين». وأوضح أنه «لا عودة إلى منطق الاقتتال حول توزيع الحقائب الوزارية»، في إشارة إلى اشتراط بعض الكتل السياسية الحصول على حقائب معينة من دون سواها. وأعرب عن اعتقاده بأن «التمثيل السياسي متاح لكل القوى السياسية، لكن تقاسم المقاعد الوزارية لا يمكن أن يكون مطروحا أو يكون عنوان هذه المرحلة».

ورأى أبو فاعور أنه «على الرئيس سلام أن ينجح في تشكيل حكومة لبنانية، وعلى جميع الفرقاء التسليم بهذه المهمة». واعتبر أن ثمة «معادلة واضحة تحكم تشكيل سلام لحكومته، تقوم على بندين؛ الأول: الحفاظ على التمثيل السياسي لكل القوى، لكن التمثيل المحق والمشروع بعيدا عن أي مبالغة أو تضخيم، والثاني: احترام مبادئ الحكم الرشيد، من خلال تسمية وزراء لا يغلبون السياسة على المنطق العلمي والوطني، تحديدا فيما يتعلق بالحقائب الأساسية والسيادية».

وكان رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، وبعد زيارته، أمس، الرئيس بري، قد آمل «الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة»، وقال إنه «يجب الإسراع في ذلك». وأشار إلى أنه بحث مع بري «في مختلف الأوضاع السياسية الراهنة، وأهمها قانون الانتخاب، وضرورة التعجيل في الاتفاق على قانون يتوافق عليه جميع اللبنانيين ويؤمن صحة التمثيل لمختلف المكونات السياسية اللبنانية».

وأوضح ميقاتي أنه «ليس في وارد الدخول في سجال مع الرئيس المكلف الذي نكنّ له كل احترام ومحبة، ونريد دائما أن نكون إلى جانبه لمساعدته في أي أمر يؤمن مصلحة البلد، ولكن مع الوقت سيدرك دولة الرئيس المكلف أن هناك فارقا بين المثالية والواقعية، وأن الإنسان يجب أن يكون واقعيا في أدائه لا مثاليا بالمطلق».

وأضاف ميقاتي: «كل واحد منا يتمنى الأفضل لبلده، وما يتمناه دولة الرئيس المكلف اليوم سبق وتمنيناه، ولكن بين الواقع والمرتجى هوة كبيرة جدا، وعلينا أن نكون جميعا واقعيين ونتصرف بواقعية من أجل عبور لبنان الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة».

وشدد ميقاتي على أنه «حان الوقت لأن ندرك جميعا أن القرار يجب أن يكون لبنانيا؛ فلا نربط أمور وطننا بأي قضايا أخرى، بل نعمل على إدارة شؤوننا بأنفسنا كما يجب».

في موازاة ذلك، يكرر حزب الله رغبته في تشكيل حكومة «سياسية»، تلتزم ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة». وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، خلال احتفال ديني، أمس، إن «قوة لبنان هي في معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وإسرائيل تراهن بتغيير حكومي وبانتخابات نيابية على تغيير هذه المعادلة».

وشدد على أن «في لبنان معادلات قوية وراسخة أقوى من أن تتغير بتغيرات إقليمية أو إملاءات خارجية أو كيديات محلية». وتابع: «في لبنان معادلات راسخة وثابتة لا تسمح للسفيرة الأميركية بأن تفرض إملاءاتها على الواقع السياسي اللبناني، كما انتصرنا على إسرائيل عسكريا، نحن ننتصر على أميركا سياسيا؛ إن بتشكيلة الحكومة وإن بالانتخابات النيابية». وأكد قاووق الحرص على «إكمال طريق التوافق لتشكيل حكومة سياسية جامعة ليس فيها إقصاء أو إلغاء لأحد، هذا مقتضى الحرص على المصلحة الوطنية. نحن واثقون تماما بأن المرحلة المقبلة ليست مرحلة تحقيق أي مكاسب لأميركا على حساب الثوابت الوطنية، لأن لبنان لا يحتمل سياسة الأمر الواقع ولا حكومة الأمر الواقع ولا قانون انتخابات الأمر الواقع».

في المقابل، اتهم الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري حزب الله، الذي «لا شك أنه أعطى مناخا إيجابيا عند تأليف الحكومة وسمّى الرئيس سلام» بأنه «يقدم شروطا تعجيزية لولادة الحكومة الجديدة، وهي الشروط عينها التي أدت إلى تعطيل حكومات سابقة».

وأعرب، في حديث إذاعي، أمس، عن اعتقاده بأن «حزب الله يريد اليوم أن يحافظ على وزارة الخارجية ليلمع صورته ويلمع صورة النظام السوري لتكون هذه وزارة خارجية سوريا وليس فقط لبنان، كما فعل الوزير عدنان منصور. كما أنه يربط وزارة الاتصالات بموضوع أمني، لأن كشف (داتا) الاتصالات سيفضح كل خططه الأمنية». وتابع: «يريد أيضا أن تبقى وزارة الموارد المائية والكهربائية مع «التيار الوطني الحر» كي يبقى هناك صفقات مربحة لشركائه»، معتبرا أن الحزب «إضافة إلى ذلك، يريد في السياسة أن نعطيه بطاقة بيضاء ليشن الحرب ساعة يريد، عبر ثلاثية «شعب وجيش ومقاومة».

ورأى الحريري أن «العقبة أمام الانتخابات النيابية ليست فقط الحكومة، بل أيضا قانون الانتخابات»، موضحا: «رضينا بالقانون المختلط بين الأكثري والنسبي، وفي هذا السياق قدّمنا تنازلا كبيرا، والكرة الآن في ملعب الفريق الآخر».