لجنة المطلك تطلق سراح معتقلي الحويجة ودعوة المالكي للحوار تواجه بدعوته للاستقالة

قرار اقتحام الحويجة اتخذه الدليمي بموافقة القائد العام للقوات المسلحة

بلدوزر تابع للجيش العراقي يزيل المنصة الخطابية لمتظاهري الحويجة قرب كركوك أمس بعد أن تم اقتحام المركز وقتل أكثر من 60 منهم قبل يومين (رويترز)
TT

دعا رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس إلى الحوار والتفاهم لحل المشكلات الموجودة في البلاد. وقال إن «الحكومة ومجلس النواب منكم، وإن حل المشكلات ليس بالانسحابات، وإنما بالمناقشة بروحية البحث عن الحلول». وأضاف قائلا «أتوجه إليكم بخطاب من القلب والحرص والرغبة والأمل بأن نرى العراق موحدا ونرى العراقيين إخوة يتعايشون بمحبة وسلام يسهمون ببناء وطنهم بلا تهميش أو طائفية في ظل الدستور».

في هذه الأثناء أكدت اللجنة الوزارية التي شكلت لتقصي الحقائق في أحداث الحويجة برئاسة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك إطلاق سراح جميع المعتقلين في أحداث الحويجة بعد يومين مما اعتبر مجزرة أقدم عليها الجيش العراقي في ساحة المظاهرات هناك، وقد كشفت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن «قرار اقتحام ساحة المظاهرات في الحويجة اتخذ من قبل خلية الأزمة التي ترأسها وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي بحضور عدد من كبار القادة والمسؤولين ولم يكن المالكي موجودا في الاجتماع». وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع شوان طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات المؤكدة التي توفرت لدى لجنة الأمن والدفاع أن خلية الأزمة كانت قد اجتمعت يوم الثاني والعشرين من شهر أبريل (نيسان) الحالي وحضر الاجتماع وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وعبود كنبر وزهير الغرباوي وعلي غيدان وفاروق الأعرجي واتخذت قرارا يقضي باقتحام ساحة مظاهرات الحويجة أولا ومن ثم صلاح الدين فسامراء والموصل وصولا إلى الفلوجة»، مشيرا إلى أن «رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي لم يكن موجودا في هذا الاجتماع ولكن اللجنة أبلغته بقرارها ووافق عليه». وأكد طه أن «الأحداث التي حصلت في أعقاب مجزرة الحويجة التي أدت إلى الكارثة المعروفة إنما هي من صنع العسكر وهو ما حذرنا منه باستمرار حيث إن الاتجاه نحو العسكرة وربط مصير البلد بقادة عسكريين دون مشاورة القوى السياسية إنما هو أمر في غاية الخطورة ومهما كانت التبريرات التي تم سوقها باتجاه حفظ هيبة الدولة والجيش وهو أمر لا غبار عليه لكن شريطة أن لا يتم التعامل مع مظاهر الحراك الشعبي المكفول دستوريا وفقا لهذه الطريقة». وأكد طه أن «هذه المعلومات والدلائل تشير إلى أن هناك خطة مسبقة للقيام بذلك وأن كل ما كان مطلوبا هو البحث عن مبرر للاقتحام». وبشأن دعوة المالكي للحوار التي أطلقها في كلمة متلفزة له أمس قال طه إن «الحل الوحيد الممكن من وجهة نظرنا للخلاص من هذه الأزمة هو ترك المجال لأهالي الحويجة للجوء إلى القضاء من أجل مقاضاة أصحاب القرار من القادة العسكريين لكي يردوا الاعتبار لهيبة الدولة»، معتبرا أن ما حصل هو «عقوبة جماعية ولا يمكن تبريره».

وكانت اللجنة الوزارية التي تم تكليفها بمهمة تقصي الحقائق في الحويجة أعلنت الإفراج عن جميع المعتقلين في أحداث الحويجة، في محاولة لتهدئة الأوضاع. وتتزامن دعوة المالكي إلى الحوار مع دعوة مماثلة أطلقها أول من أمس الأربعاء رئيسي ديواني الأوقاف السني والشيعي في العراق تقوم على أساس عقد اجتماع اليوم الجمعة الساعة الخامسة عصرا في جامع أم القرى غرب بغداد (مقر الوقف السني). وشملت دعوة الوقفين كلا من رئيس الوزراء نوري المالكي والبرلمان أسامة النجيفي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ونائبي رئيس الوزراء صالح المطلك وحسين الشهرستاني ورافع العيساوي وأحمد أبو ريشة. من جهته أعلن نائب رئيس ديوان الوقف السني محمود الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوقفين السني والشيعي لم يتلقيا حتى الآن استجابة من أي مسؤول كبير للحضور على الرغم من أن هناك ترحيبا متفاوتا من قبل الجميع».

وأكد الصميدعي أن «الدعوة إلى الحوار تأخرت كثيرا حيث كان المفروض أن تحصل مثل هذه الدعوة قبل احتدام الأزمات التي يمر بها البلد حاليا». من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة تكمن في أزمة الثقة مع المالكي وهو ما يجعل إمكانية أي حوار صعبة لأننا سبق أن تحاورنا وعقدنا الاتفاقيات وأشهرها اتفاقية أربيل التي لا تزال دون تطبيق». وأضاف المطلك أنه «على الرغم من أهمية الحوار فإن السؤال هو: ما الضمانة في تطبيق ما يتم الاتفاق عليه». وردا على سؤال بشأن رؤيته للحل قال المطلك إن «الحل يكمن في استقالة الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تدير البلد لأن هذه الحكومة فشلت ولا وجود لثقة برئيسها». وفي السياق نفسه أكد التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر أن «الأزمة الآن تكمن في المالكي نفسه وبالتالي فإن الحل يكمن في استقالته وحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة»، معتبرا أن «الحوار مع المالكي بات أمرا صعبا لأنه كلما يمر بأزمة يذهب إلى أزمة جديدة كي تعبر تلك الأزمة وهكذا وهو أمر لم يعد ممكنا التعامل معه».

إلى ذلك يعزز الجيش العراقي قواته المحيطة بناحية سليمان بيك في محافظة صلاح الدين التي سقطت بأيدي مسلحين، تمهيدا لبدء عملية «تطهيرها»، بحسب ما أفاد الخميس مسؤولون لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال ضابط في الجيش رفيع المستوى «نحن انسحبنا تكتيكيا كي نعمل على تطهير المنطقة بشكل كامل بعدما عرفنا أن السكان خرجوا منها»، مضيفا «سنطهر المنطقة زاوية زاوية ولن نسمح بالاعتداء على أمن المواطنين». وفي تطور لاحق أعلن المتحدث باسم متظاهري الحويجة أنهم أعلنوا مبايعتهم لجيش الطريقة النقشبندية الذي ينشط هناك. ويذكر أن جيش الطريقة النقشبندية كان قد تأسس عام 2007 بقيادة عزة الدوري نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين ويضم في تشكيلاته عددا من الفصائل المسلحة العراقية.