تفريق مظاهرات سلفية بالقوة ترفع درجة التوتر بينهم وبين إخوان مصر

السلطات القضائية أمرت بالتحقيق مع قيادي إسلامي مثير للجدل

متظاهرون سلفيون أمام مبنى مقر الأمن الوطني بالقاهرة مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

تسببت مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين ينتمون لتيارات سلفية في مصر قاموا بمحاصرة مقر جهاز الأمن الوطني بالعاصمة القاهرة مساء أول من أمس، في توتر العلاقة بينهم وبين جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي. واتهم سلفيون جماعة الإخوان بـ«التغاضي» عن إعادة هيكلة الجهاز، والصمت تجاه استمرار بعض قياداته في استدعاء الإسلاميين والتحقيق معهم والتضييق عليهم دون تهم، مثلما كان يحدث في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

ويأتي هذا في وقت بدأت فيه النيابة العامة المصرية التحقيق في بلاغ ضد القيادي السلفي المثير للجدل الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لدعوته لمحاصرة مقر جهاز الأمن الوطني، على حد زعم مقدم البلاغ.

وفرقت قوات الأمن مئات الشباب من المحتجين الإسلاميين باستخدام القنابل المسيلة للدموع بعد أن حاولوا تسلق أسوار مقر الأمن الوطني في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) في وقت متأخر من مساء يوم (الخميس).

وقال الدكتور حسام أبو البخاري، المتحدث باسم «التيار الإسلامي العام»، الداعي لهذه المظاهرة: «الزيارة الأمنية لمقر أمن الدولة المسمى (جوانتنامو) كانت سلمية وحضارية وأوصلنا الرسالة.. رغم عنف قوات الأمن في التعامل مع المتظاهرين».

وأصيب العشرات في الاشتباكات من المتظاهرين وقوات الأمن. ونقل أبو البخاري عن أحد المصابين ويدعى محمد عبد الله قوله إن إحدى المدرعات قطعت الطريق على المتظاهرين ونزل منها جندي ووجه لهم السباب قبل أن يطلق باتجاههم طلقات خرطوش أصابته في مناطق مختلفة من جسده.

وطالب المحتجون، الذين رفعوا رايات تنظيم القاعدة السوداء مكتوب عليها بالأبيض «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، أن يكف ضباط جهاز الأمن الوطني (وهو الاسم الجديد للجهاز الذي كان يطلق عليه قبل الثورة أمن الدولة) عن استدعاء النشطاء الإسلاميين وتهديد المواطنين وترويعهم، والتصدي لممارسات هذا الجهاز التي وصفوها بـ«القمعية»، واصفين استمرار تلك الممارسات بالـ«ردة عن مبادئ ثورة 25 يناير».

وأطلق المتظاهرون الشماريخ والألعاب النارية التي أضاءت سماء المنطقة، رافعين الأحذية أمام مبنى الأمن الوطني ورددوا هتافات منها «أمن الدولة يا أمن الدولة فين الأمن وفين الدولة».

وطالب المحتجون الرئيس الإسلامي مرسي الوفاء بعده وإصلاح وإعادة هيكلة الجهاز الأمني، مؤكدين خيبة أملهم فيه، حيث كانوا يعولون عليه في نصرتهم، وتغيير الطريقة التي عملت بها الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس السابق مبارك، خصوصا ضد الإسلاميين.

وقال الناشط الإسلامي خالد حربي: «إنهم ينتظرون رد فعل من الرئاسة والحكومة حول تمتع الضباط القتلة والمجرمين بالحرية الكاملة حتى الآن وعدم محاسبتهم»، متوعدا بـ«فاعليات جديدة مختلفة ما لم تتحرك الدولة تجاه العمل على رد حقوق المظلومين والمعذبين من قبل هذا الجهاز».

وتم حل جهاز مباحث أمن الدولة في مارس (آذار) 2011، بعد نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام مبارك، وأعلن عن إنشاء جهاز الأمن الوطني عوضا عنه لكن كثيرين يقولون إن الاسم فقط هو الذي تغير.

وهدد حسام أبو البخاري بالعودة مجددا إلى حصار مقار الأمن الوطني، ما لم تتوقف ممارسات الجهاز بحق النشطاء قائلا: «إن عدتم عدنا»، مشيرا إلى محاولات بذلتها قيادات من الجهاز ومن وزارة الداخلية ومن رئاسة الجمهورية لإثنائه عن المضي في الوقفة التي قاموا بها، كما انتقد التغطية الإعلامية لقناة مصر 25 التابعة للإخوان والتي شجبت المظاهرة واعتبرتها «دون أي حسابات واقعية».

وعلق أحد المتظاهرين قائلا: «جماعة الإخوان المسلمين كانت وستظل خارج العمل الثوري الحقيقي».

في المقابل، أعلن مصدر أمني بوزارة الداخلية إصابة أميني شرطة ومجندين اثنين من جهاز الأمن الوطني بأعيرة خرطوش إثر قيام مجهولين بإطلاق الأعيرة عليهم داخل المقر خلال الاحتجاجات، مشددا على أن قوات الأمن التزمت بأقصى درجات ضبط النفس حيال المتظاهرين. وقال المصدر في تصريح، أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه تم نقل المصابين إلى مستشفى الشرطة لتلقي العلاج اللازم.

ومن جهته، أمر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم بالتحقيق في بلاغ تقدم به ضابط شرطة ضد القيادي السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل لدعوته لمحاصرة مقر قطاع الأمن الوطني، وقرر النائب العام بدء التحقيق اليوم (السبت).

وطالب مقدم البلاغ ويدعى الرائد فهمي بهجت، وهو متحدث باسم ائتلاف ضباط الشرطة، وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بإلقاء القبض على أبو إسماعيل بتهمة إرهاب ضباط الشرطة، وقال بهجت إن الاحتجاج أمام مقر قطاع الأمن الوطني يعرقل عمل الضباط في حماية أمن البلاد.

ويرى مراقبون أن مثل هذه المواجهات العنيفة تزيد من حالة الاحتقان بين السلفيين والإخوان منذ وصولهم إلى السلطة، والتي تسببت من قبل في تحويل حزب النور السلفي، ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية، بعد «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إلى جناح المعارضة بعد أن كان من أكبر حلفاء الإخوان وداعميهم.

وأعلن حزب النور أول من أمس رفضه لأي تجاوزات أو ممارسات فيها تعد علي حرية المواطنين، وقال بيان للحزب إنه «لا يمنع أبناءه من المشاركة بصورة فردية في هذه المظاهرات مع مراعاة السلمية والانضباط».