حراك في باريس وعمان تمهيدا لـ«جنيف 2» والأسد محور المباحثات

كيري: نظام دمشق قدم لروسيا أسماء ممثليه

مقاتل سوري يأخذ قسطاً من الراحة داخل أحد المنازل بدير الزور (رويترز)
TT

القاهرة: أدهم سيف الدين بيروت: كارولين عاكوم تل أبيب: نظير مجلي

* لا يزال دور ومصير الرئيس السوري بشار الأسد العقبة الكأداء في طريق المباحثات الحالية لعقد مؤتمر «جنيف 2»؛ ففي حين أيد عدد من وزراء الخارجية العرب، إضافة إلى تركيا، المعارضة في موقفها الرافض لأي حل سياسي لا ينص على تنحي الأسد، قالت دمشق، على لسان وزير الإعلام عمران الزعبي، إن «سوريا لن تكون طرفا في أي جهد سياسي يمس سيادتها الوطنية، في تأكيد على أن الأسد سيلعب دورا محوريا في المرحلة الانتقالية».

ووفقا لمصادر فرنسية رفيعة المستوى فإن روسيا اقترحت 5 أسماء لتمثيل النظام السوري في مؤتمر «جنيف 2». غير أن من بين هذه اللائحة ثمة أسماء «لا يمكن قبولها». وأضافت هذه المصادر أن البلدان الغربية لم تقم من جانبها باقتراح أسماء لتمثيل المعارضة السورية باعتبار أنه «يعود للمعارضة».

ويتوقع أن تنشط التحركات الدبلوماسية التي ستمهد للمؤتمر، إذ تستضيف باريس يومي الخميس والجمعة القادمين اجتماعين على مستوى كبار الموظفين في وزارات الخارجية للمجموعة الثلاثية «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا» والمجموعة الخماسية لدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للتحضير للمؤتمر فيما أكدت عمان أن اجتماعا للمجموعة المصغرة لأصدقاء الشعب السوري سيلتئم في العاصمة الأردنية أواسط الأسبوع القادم.

وتنصب النقاشات على القضايا الخلافية والصعوبات القائمة التي تعيق حتى الآن الدعوة إلى المؤتمر وتهدد بإفشاله في حال انعقاده. ولخص الوزير الفرنسي في تصريحات صحافية أمس هذه الصعوبات بثلاث: القدرة على الجمع على طاولة واحدة ممثلي المعارضة وممثلي النظام «غير الملطخة أيديهم بالدماء، النجاح في تشكيل حكومة انتقالية تتسلم كل السلطات وأخيرا وقف تمدد النزاع إلى بلدان الجوار كما هو الحال اليوم في لبنان وتركيا».

واعتبر فابيوس أن تشكيل حكومة انتقالية «تتمتع بكل الصلاحيات» وفق ما جاء في بيان «جنيف 1» يعني أن الرئيس الأسد «لن تكون له بعد ذلك أي صلاحيات» وهو بأي حال «لن يكون جزءا من العملية السياسية الانتقالية». وكشف فابيوس أن الموقف الروسي حول هذه النقطة قد «تزحزح». بيد أنه أفاد بأن «رحيل الأسد المسبق، أي قبل بدء المؤتمر، ليس مطلوبا ولكن منذ اللحظة التي تتشكل فيها حكومة انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات، فإن الأسد يكون قد فقد كل سلطة».

ومن المقرر عقد «جنيف 2» مطلع يونيو (حزيران) المقبل، وفقا لما قاله وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، الذي حذر نظام دمشق من مغبة عدم حضور المؤتمر الدولي بالقول إنه «لو قرر الأسد عدم الحضور إلى مائدة المفاوضات سيكون ذلك سوء تقدير للحسابات مرة أخرى من جانبه، كما أخطأ في حساب مستقبل بلده العام الماضي».

وترى المصادر الفرنسية أن إحدى أعقد المشكلات هي انتزاع الإشراف على القوات المسلحة والقوى الاستخباراتية والأمنية من أيدي الأسد. أما الصعوبة الإضافية فتكمن في إبقاء إيران بعيدة عن طاولة المفاوضات، كما حصل في «جنيف1» في الوقت الذي يصر فيه الجانب الروسي على حضورها وفق ما صرح به وزير الخارجية سيرجي لافروف إلى إحدى قنوات التلفزة اللبنانية أمس.

وأضاف كيري، في أعقاب لقائه برئيس وزراء السويد فريدرك راينفلد، أن عدم حضور نظام دمشق للمفاوضات من أجل المرحلة الانتقالية «سيثبت للعالم أن حديثه فارغ وسيدرك الجميع نياته». لكن كيري كشف عن أن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أبلغه أن نظام الأسد أعطى موسكو أسماء المفاوضين من جانب حكومته.

أمام هذا الواقع، ورغم تأكيد المعارضة السورية على استمرار مباحثاتها ودول «أصدقاء سوريا» لاتخاذ القرار المناسب بشأن المشاركة في المؤتمر الدولي، قال عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني والائتلاف الوطني سمير نشار لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤكد بالنسبة لنا هو أننا لن نشارك في أي مؤتمر لا ينص على بند تنحي الأسد، وإلى الآن مشاوراتنا مستمرة». وأضاف نشار أن «فيتو» المعارضة بخصوص مصير الأسد «ينسحب أيضا على مشاركة إيران التي تدعم النظام عسكريا ضد شعبه»، رافضا مقارنة دورها بأي دور تقوم به أي دولة أخرى تدعم المعارضة.

من جانبه، توقع ميشيل كيلو، عضو «المنبر الديمقراطي» السوري، قبول قوى الثورة والمعارضة حضور مؤتمر «جنيف 2»، وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» معه أنه «لا أحد يستطيع الهروب من مفاوضات جنيف 2»، مضيفا: «نحن في المعارضة لم نقل أن الحل لا يكون إلا عسكريا، إنما سيكون حلا سياسيا يستعين بتوازنات عسكرية على الأرض».

ونوه كيلو إلى أنه «سيشارك في المفاوضات في حال تمت دعوته، لكن إذا كان هناك موقف سوري معارض موحد من جميع الأطراف المعارضة للأسد، وإذا كان هناك قناة واحدة تتحدث باسم الموقف السوري المعارض للأسد، يجب أن يكون موقفا عمليا إجرائيا ومقبولا من الشارع السوري والعربي وبغطاء دولي، لكي لا تكون المفاوضات على حساب الشعب».

وعلى صعيد الحشد الإقليمي لـ«جنيف 2»، بحث وزراء خارجية كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر ومصر، إضافة إلى تركيا، خلال اجتماعهم في أبوظبي، المؤتمر الدولي الذي اقترحت الولايات المتحدة الأميركية وروسيا عقده في نهاية الشهر الحالي. ورأى الوزراء أن اتفاق جنيف يشكل «أساسا مناسبا للوصول إلى الحل إذا ما تمت تلبية التطلعات الشرعية للشعب السوري»، مؤكدين تفهم أن «الرئيس الأسد ونظامه وأعوانه ممن تلطخت أيديهم بالدماء لا مكان لهم في مستقبل سوريا».

يشار إلى أن المجموعة الأساسية لأصدقاء سوريا، التي تشمل الولايات المتحدة ودولا أوروبية وعربية ستجتمع نهاية الأسبوع القادم في الأردن لبحث إمكانية تفعيل الحل السياسي للأزمة السورية.

إلى ذلك, قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، إن «من المهم عدم القيام بأي تحرك قد يؤدي إلى زيادة الصراع في سوريا سوءا»، في تحذير مبطن من أي تدخل عسكري أجنبي أو تسليح لقوات المعارضة السورية. وأضاف بوتين، بعد محادثات أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع سوشي على البحر الأسود، إن من المهم في هذه المرحلة الحاسمة تفادي أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم الصراع. وفي ختام اللقاء الخاطف، الذي استمر 3 ساعات متواصلة، عرض رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أفيف كوخافي، «وثائق تبين أن نظام الرئيس بشار الأسد استخدم السلاح الكيماوي في حربه ضد المعارضة».

وكان نتنياهو وصل إلى روسيا، في زيارة طارئة، قيل في إسرائيل، إن هدفها إقناع القيادة الروسية بتأجيل بيع سوريا 144 صاروخا متطورا من طراز «إس 300»، بدعوى أن هذه الصواريخ قد تقع بأيدي قوى معادية لإسرائيل ولروسيا.