وصول أول دفعة من طلائع مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى إقليم كردستان

بغداد تهدد باللجوء إلى مجلس الأمن.. وأربيل تقول: نتفهم موقف الحكومة الاتحادية

اول دفعة من مقاتلي «العمال الكردستاني» تصل شمال العراق (رويترز)
TT

وصلت في الساعة السادسة من صباح أمس الدفعة الأولى من مقاتلي حزب العمال الكردستاني المنسحبين من داخل الأراضي التركية إلى إقليم كردستان العراق، لتبدأ بذلك عملية انسحاب شاملة لأكثر من خمسة آلاف من مقاتلي الحزب المنتشرين داخل الأراضي التركية ابتداء من الحدود العراقية المشتركة إلى العمق التركي قرب البحر الأسود، وذلك في إطار مبادرة سلام أطلقها رئيس الحزب المعتقل عبد الله أوجلان من داخل سجنه بجزيرة إيمرالي.

ولقي الواصلون استقبالا حافلا من مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في هذه المنطقة الجبلية النائية، حيث وقف هؤلاء في صفين، واحد للنساء وآخر للرجال، وبدأوا يعانقون زملاءهم ويصافحونهم فور وصولهم. وما إن انتهت مراسم استقبال المقاتلين المنسحبين الذين بدا عليهم الإرهاق الشديد جراء الطقس البارد حتى وضعوا أسلحتهم جانبا والتفوا حول نار مشتعلة.

وقال قائد المجموعة الذي عرف عن نفسه باسم جكر للصحافيين في المكان: «نحن أول مجموعة تصل إلى منطقة الحماية»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف وهو يتحدث باللغة الكردية: «جئنا من منطقة بوتان في تركيا بعدما أمضينا سبعة أيام في الطريق، وجاء انسحابنا بعد توجيهات الزعيم (عبد الله) أوجلان، حيث إننا نريد أن نفتح طريقا للسلام بهذا الانسحاب». وتابع: «عانينا الكثير من المصاعب الجوية بسبب الأمطار والثلوج، ومراقبة الطائرات التركية لنا، وبشكل عام نعاني من صعوبات من الانسحاب بسبب مراقبة الجيش التركي لنا، عدا البرد القارس».

وقال بختيار دوغان المتحدث الرسمي باسم قيادة القوات الشعبية الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من مقره بجبل قنديل: «إن المجموعة الأولى من المقاتلين المنسحبين من داخل الأراضي التركية وصلت إلى إقليم كردستان وتتألف من 15 مقاتلا، 9 شباب و6 نساء مقاتلات، وهم موجودون حاليا بجبل كارة بمنطقة بهدينان بإقليم كردستان العراق». وأشار دوغان إلى أن «العملية كان مقررا لها في الثامن من الشهر الحالي، ولكن أسبابا كثيرة حالت دون تحقيقها في موعدها المحدد، منها سوء الأحوال الجوية، وكذلك رصد القوات المنسحبة من قبل طائرات الاستطلاع التركية، وأيضا نصب نقاط مراقبة أرضية لتحركات تلك القوات، حيث كانت العملية محفوفة بالمخاطر، ومع ذلك فقد التزمنا نحن المقاتلين بقرار قيادتنا، وأتممنا العملية لكي نظهر للطرف التركي جديتنا وسعينا نحو السلام وإنجاح مبادرة زعيمنا أوجلان».

وحول مواعيد وصول بقية القوات المنسحبة قال المتحدث الإعلامي للجناح العسكري للحزب: «قرار قيادة جبل قنديل يشمل جميع المقاتلين المنتشرين داخل الأراضي التركية، وبالطبع ستلي هذه المجموعة التي شكلت الدفعة الأولى مجموعات أخرى ستنسحب تباعا في أوقات لاحقة، وكل حسب الظروف المتاحة أمامه، وقد أبلغنا جميع مقاتلينا بقرار الانسحاب وفوضناهم باختيار الوقت المناسب والطرق الملائمة للوصول إلينا، وقد حذرنا القوات التركية من أي استهداف أو تعرض لهذه القوات المنسحبة، لأن أي تعرض لهم سيفشل العملية برمتها، وبالنتيجة فإن فشل عملية الانسحاب ستفشل بدورها عملية السلام التي بادر بها زعيمنا».

وحول مناطق تمركز تلك القوات المنسحبة قال دوغان: «المجموعة الأولى التي وصلت أمس ستستقر بمنطقة جبل كارة بحدود محافظة دهوك بإقليم كردستان، وعند وصول الأعداد اللاحقة سنبحث هذا الموضوع مع قيادة حزبنا التي ستقرر مكان تجمعهم بالاتفاق مع حكومة الإقليم».

وفي اتصال مع فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحكومة الإقليم أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك أي اتفاق بين حكومته والعمال الكردستاني في ما يتعلق بتجميع تلك القوات بمناطق محددة في الإقليم، لكنه أشار إلى أن «عملية السلام التي بدأت في تركيا تهم حكومة الإقليم على اعتبار أنها ستسهم بدعم أمن واستقرار المنطقة». وقال مصطفى: «نحن نتفهم موقف الحكومة الاتحادية من هذه المسألة، وعلى وجه الخصوص قلقها ومخاوفها بهذا الشأن، ولكننا ندرك أيضا أهمية نجاح هذه العملية في الجانب الآخر من حدودنا، فالصراع الدائر منذ أربعة عقود قرب حدودنا، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من أبناء تركيا، أصبحت هناك فرصة مهمة وثمينة لإنهائه بمبادرة سلمية ستعود بالنفع على جميع دول المنطقة، ويفترض بنا أن ندعم هذه المبادرة والجهود التي تبذل لإحلال السلام بدولة جارة لنا، وهي تركيا التي تحتل موقعا مهما على خارطة المنطقة، لأن نجاح هذه العملية سيدعم بكل تأكيد أمن واستقرار المنطقة، ونحن عندما نؤيد خطوات حزب العمال الكردستاني ونشجعهم على المزيد من المبادرات السلمية إنما تهمنا بالدرجة الأولى مصلحة شعبنا وإقليمنا ومصلحة العراق، ولذلك ندعو إلى دعم جهود السلام ونرحب بخطوات حزب العمال الكردستاني لتحقيق ذلك».