البرلمان الكويتي يطالب باستجواب وزير الداخلية على خلفية خلية «إخوان الإمارات»

اتجاه لتعديل وزاري لتفادي مواجهة مع البرلمان يقي شر الاستقالة الجماعية

TT

تصاعدت حدة الأجواء السياسية في الكويت أمس بشكل مفاجئ، بعد تقديم خمسة نواب بالبرلمان استجوابين لوزيري الداخلية والنفط.

وبحثت الحكومة في اجتماعها أمس برئاسة الشيخ جابر المبارك، والذي حضر جانبا منه رئيس البرلمان علي الراشد، ثلاثة خيارات لتفادي مواجهة مع البرلمان، الأول يتمثل في إجراء تعديل وزاري يقي الحكومة شر الاستقالة الجماعية، تقبل بموجبه استقالة الوزراء المستجوبين، والثاني رفع الحكومة إلى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد كتاب عدم تعاون مع البرلمان على أن يختار الأمير بين إقالة الحكومة أو حل البرلمان الذي لم يتجاوز عمره ستة شهور، والثالث الطلب من الأمير استخدام المادة 106 من الدستور التي تمكنه من تعليق أعمال البرلمان لمدة شهر لحين صدور حكم المحكمة الدستورية منتصف الشهر المقبل والذي يتعلق عليه مصير البرلمان.

وتنص المادة 106 من الدستور الكويتي المعمول به منذ عام 1962 على أن «للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة (البرلمان) لمدة لا تتجاوز شهرا، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد».

ومن جانبه، أكد رئيس البرلمان علي الراشد، بعد حضوره جانبا من اجتماع الحكومة، أن «الأمور طيبة ولا صحة لاستقالة الحكومة، ولم أبلغ بشيء من هذا».

وبدورهما، قدم النائبان يوسف الزلزلة وصفاء الهاشم استجوابا لوزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح، لمساءلته عن عدم تعاونه مع البرلمان وحدوث انتهاكات للأحكام القضائية وحوادث انفلات أمني، وما اعتبره المستجوبان تسترا على المتهمين الكويتيين في قضية «خلية الإخوان المسلمين» التي تم إلقاء القبض عليها في الإمارات نهاية العام الماضي.

وبينت النائبة صفاء الهاشم، بصفتها أحد مقدمي الاستجواب، أن «استجواب وزير الداخلية سيشهد مفاجآت ليست رحيمة بالوزير، ونحن نصحناه وتدرجنا في جلسة خاصة وتوصيات لم يتم تنفيذها، ولجأنا إلى فترة السماح والمهلة، واستنفدنا كل التدرج بالمراقبة والمساءلة».

وجاء في محور التستر على المتهمين الكويتيين في خلية «الإخوان المسلمين» بالإمارات، بحسب المستجوبين، أن وزير الداخلية الكويتي عرض أمن دولة الإمارات للخطر، كونه لم يرد على طلب دولة الإمارات العربية بمعلومات عن الخلية الكويتية التابعة لـ«الإخوان المسلمين» التي أسهمت واشتركت بالدعم المادي والمعنوي مع الخلية الإرهابية التي حاولت زعزعة أمن الإمارات واستقرارها، بعد أن قدمت الإمارات التسجيلات الصوتية والمرئية والوثائق والأدلة الكافية على تورط بعض الكويتيين، إلا أن الوزير لم يحرك ساكنا لاعتبارات سياسية باعتبار أن من بينهم نوابا سابقين بالبرلمان.

أما النواب سعدون حماد وناصر المري ويعقوب الصانع فقدموا استجوابا لوزير النفط هاني حسين، لمساءلته حول تكبد الكويت غرامة لشركة «الداوكميكال» للبتروكيماويات، بعد تراجع الحكومة نهاية عام 2008 عن إبرام صفقة شراكة بين الطرفين بلغ الشرط الجزائي فيها ملياري دولار أميركي، إضافة إلى قيام محطات تزود بالوقود تابعة لإحدى شركات مؤسسة البترول الكويتية ببيع خمور ومجلات خليعة، ومخالفة القطاع النفطي مقاطعة إسرائيل بإبرام شراكة أجنبية مع شركة إسرائيلية، وكذلك وجود تجاوزات في الترقيات التي أجريت أخيرا في القطاع النفطي على مستوى القياديين.

وذكر النائب يعقوب الصانع بصفته أحد مقدمي الاستجواب أن «المجلس الحالي بدأ سياسته بالتريث، وأعطينا الحكومة الوقت الكافي، وأعتقد أن استجواب (الداو) مستحق، والمسؤولية السياسية تقع على عاتق وزير النفط لأنه لم يقم بتحويل المتسببين للتحقيق، ونحن اجتمعنا كنواب في كتلة المستقبل وأكدنا أن استجواب وزير النفط مستحق ولا بد أن نبر بقسمنا لأن هناك شبهة تربح من المال العام».

ورأت مصادر «الشرق الأوسط» أسباب تصاعد الأحداث السياسية استباقا لحكم المحكمة الدستورية المقرر النطق فيه 16 يونيو (حزيران) المقبل، للفصل في 68 طعنا يتعلق بعضها بمرسوم أصدره أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بموجب صلاحياته الدستورية لتعديل عدد الأصوات من أربعة أصوات لكل ناخب إلى صوت واحد، وأن هناك محاولات نيابية عبر التصعيد على الحكومة بهدف الحث على حل البرلمان لتحصينه دستوريا قبل أن تفصل في مصيره المحكمة الدستورية.

وأضافت المصادر أن عددا من نواب البرلمان يريدون رفع شعبيتهم للتعامل مع ما سيسفر عنه حكم المحكمة الدستورية الذي لن يخرج عن واحد من ثلاثة احتمالات، إما القضاء ببطلان انتخابات البرلمان الحالي مما سيتطلب إجراء انتخابات جديدة، أو تثبيت البرلمان الحالي مع تغيير بعض النواب إما لفقدانهم شروط العضوية بالمجلس أو لوجود خطأ بجمع عدد الأصوات، أو إبقاء الحال على ما هو عليه ورفض الطعون الانتخابية.

ويأتي تقديم خمسة نواب، أمس، استجوابين لوزيري الداخلية والنفط متعارضا مع قيام البرلمان قبل شهرين بتأجيل مبدأ استجواب الوزراء بداعي تمكين الحكومة من العمل قبل المساءلة.

وعلى صعيد آخر، حجزت محكمة الاستئناف قضية النائب السابق مسلم البراك، والمحكوم فيها بالحبس خمس سنوات مع الشغل، للحكم يوم 27 مايو (أيار) الحالي، بعد أن نظرت فيها أمس. وسبق لمحكمة الجنايات أن حكمت بحبس البراك منتصف الشهر الماضي بالحبس خمس سنوات لمساسه بالذات الأميرية المصانة دستوريا، خلال خطابه الذي ألقاه منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والمعروف شعبيا بخطاب «لن نسمح لك». وقال البراك أمس أمام قاضي الاستئناف إنه مصمم على طلب استدعاء رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك للاستماع إلى شهادته في القضية، وهو الطلب ذاته الذي رفضه قاضي الجنايات في محكمة أول درجة باعتباره غير مرتبط بالقضية.

وذكر البراك أمس أمام القاضي «هذا قدري الذي اخترت، قلته وسأقوله ولو بعد عشر سنوات، لكنني أطالب بمحاكمة عادلة، وأنا لا أنكر ما قاله، لكني أنكر ما تم تفسيره لما قلت، ولا أريد ولا أطالب سوى بالضمانات والحقوق المكفولة للمتهم طبقا للقانون». وبرر البراك سبب طلبه استدعاء رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك للشهادة لأنه بمعية سبعة نواب في البرلمان الذي أبطلته المحكمة الدستورية يونيو الماضي زاروا رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، وحذروه من خطورة إصدار مرسوم تقليص عدد الأصوات التي يملكها الناخب خلال الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء البرلمان من أربعة أصوات إلى صوت واحد، وهو التعديل ذاته الذي أجراه الأمير في أكتوبر الماضي بموجب صلاحياته الدستورية، وأجريت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وفقا له.

ونقل البراك أمام القاضي أمس أن رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك قال له مع النواب السابقين الذين التقوا به «ليس لدي ما أفعله لأنني سأكون أول المتضررين من هذا المرسوم إذا صدر، لأنه ستتم الإطاحة بي، لأنه سيصدر لصالح رئيس الحكومة السابق الشيخ ناصر المحمد ورئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي».