بري يقترح حلا وسطا لعقدة قانون الانتخاب اللبناني

الكتائب وعون وحزب الله يرحبون.. و«المستقبل» يرفضه

TT

فاجأ رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أعضاء لجنة التواصل النيابية المصغرة، التي تضم ممثلين عن أبرز الكتل السياسية، بتقديم اقتراح قانون انتخاب صباح أمس، يزاوج بين القانون الأرثوذكسي والقانون المختلط. ويشكل اقتراح بري عمليا حلا وسطا بين المصرين على أن تنتخب كل طائفة نوابها بحسب «الأرثوذكسي» والمطالبين بقانون مختلط يزاوج بين صيغتي النسبية والأكثرية.

ويقضي اقتراح الرئيس بري بإجراء الانتخابات على أساس أن يصار إلى انتخاب 50% من النواب على أساس النسبية الواردة في القانون «الأرثوذكسي» مع اعتماد دائرة انتخابية واحدة، في حين ينتخب 50% من النواب على أساس الأكثرية الواردة في القانون المختلط مع اعتماد 26 قضاء. وسارع أعضاء لجنة التواصل النيابية، بعد تسلمهم اقتراح بري، على توزيعه على ماكيناتهم الانتخابية.

وعكست المواقف الأولية الصادرة عن عدد من ممثلي الكتل السياسية حالة من الرضا حول اقتراح بري، فيما نقلت قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله عن النائب في تيار المستقبل أحمد فتفت قوله قبل التئام لجنة التواصل مساء أمس التوجه لرفض اقتراح بري «لأنه يقوم في جزء منه على القانون الأرثوذكسي»، في وقت استمر فيه التراشق الإعلامي بين رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي اتهم خصمه المسيحي بالتخلي عن القانون «الأرثوذكسي» والتفريط بـ«حقوق المسيحيين».

وقال النائب في كتلة عون آلان عون لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد إسقاط (القوات) للقانون الأرثوذكسي مع الأسف الشديد والحسرة، نحاول من خلال جلسات لجنة التواصل التوصل إلى أي قانون يمكن أن يحصل على أكثرية داخل المجلس النيابي»، موضحا أن فريقه السياسي «يتعاطى بإيجابية مع اقتراح بري».

ووصف عون، هو ممثل كتلة (ميشال) عون في لجنة التواصل النيابية، اقتراح القانون الذي تقدم به بري بأنه «بمثابة حل أو تسوية بين نصف البلد الذي يريد (الأرثوذكسي) والنصف الآخر الذي يريد (المختلط)»، معتبرا أن «الصيغة عادلة للجميع ومتوازنة والساعات المقبلة قد تحدد مصيرها».

وفي موازاة اعتبار مصادر بري، وفق ما نقل عنها، أن مشروعه «يرفع صحة التمثيل للحد الأقصى ولا يعطي غلبة لفريق على آخر»، قال نائب حزب الله وممثله في لجنة التواصل النائب علي فياض إن اقتراح بري «يخلو من الاستنسابية ويوصل نحو 60 نائبا مسيحيا بأصوات المسيحيين». واعتبر أن اقتراح القانون المختلط، المقدم من قوى «14 آذار» بالتنسيق مع رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، قد «وضع بطريقة استنسابية ولا يحقق النتيجة المتوخاة»، داعيا «لإجراء تعديلات جذرية لتوفير العدالة والتوازن بين الطوائف والمحافظات والدوائر».

وبعد أن أبدى حزب الكتائب، الذي يرأسه الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل، اعتراضا شديد اللهجة على مشروع القانون المختلط، أبدت مصادر بارزة في «الكتائب» ارتياحها لمشروع بري. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «البحث الجدي يدور حوله الآن وهو جدير بالبحث»، موضحة أنه عبارة عن «خلطة» بين كل القوانين المطروحة على طاولة البحث.

ورغم إشارة المصادر الكتائبية إلى أن «نظرتها الأولية إلى اقتراح بري إيجابية»، لكنها لفتت إلى أن «الموافقة عليه تتطلب دراسة معمقة لا يمكن أن تتم خلال 24 ساعة»، وهي الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة العامة لمجلس النواب اللبناني المقررة عند السادسة من مساء اليوم. وأضافت المصادر عينها: «نشك في إمكانية حصول هذا الاقتراح على موافقة كلية لكن يمكن خلال الجلسة الاتفاق على خطوطه العريضة، على أن يصار في الأيام المقبلة إلى درسه تفصيليا في اللجان الفرعية ثم الهيئة العامة لمجلس النواب».

وكان رئيس حزب الكتائب أمين الجميل قد دحض أمس وجود أي خلاف مع فريق «14 آذار» بعد اعتراضه على القانون المختلط، وأكد أن حزبه يشكل «ركنا أساسيا في قوى 14 آذار، وإذا اعتبرنا أن هناك بعض الهفوات في المشروع المختلط بطبعته الأخيرة، فمن الطبيعي أن ندلي بوجهة نظرنا بهدف الإصلاح الحقيقي وتعديل بعض البنود الواردة فيه».

وأبدى الجميل اعتقاده بأنه «في حال لم نتوصل إلى قانون تتوافق عليه الأطراف، فلا مفر اضطراريا من تمديد ولاية مجلس النواب لفترة تقنية وجيزة مع مواصلة السعي بحثا عن القانون المفقود»، مؤكدا أن نواب الكتائب سيشاركون «في أي جلسة عامة لمجلس النواب يناقش فيها مشروع قانون الانتخابات».

وفيما حذرت مصادر الكتائب في تصريحها لـ«الشرق الأوسط» من رغبة أطراف لبنانية، من فريقي 8 و14 آذار، بالعودة إلى قانون الستين الأكثري والنافذ حاليا، رفضت الحديث عن «تمايز» كتائبي عن «14 آذار» في موضوع الانتخابات. وقالت: إن «الكتائب لا تزال على موقفها الأساسي لناحية التمسك بالقانون الأرثوذكسي»، ومن تمايز هو من خرج عن إجماع بكركي، في إشارة إلى حزب القوات اللبنانية.

ورد رئيس حزب القوات سمير جعجع أمس على حملة التخوين التي أطلقها بحقه عون ونوابه، معتبرا أن «الحملة أبعد من قانون الانتخاب بل تتعلق بوجود القوات». وقال: إن «أصحاب الحملة هم حزب الله سوريا لسببين هما: موقفنا من الربيع العربي والثورة السورية لأننا من أوائل الأشخاص الذين وقفوا بجانب الثورة السورية وهذا ليس بالأمر المستجد»، معتبرا أن فريقه هو «أكثر فريق على الأراضي اللبنانية يضايق حزب الله ويسبب له الإزعاج لأننا رأس حربة».

وأشار جعجع إلى أن حزبه «يتعرض لحرب إلغاء جديدة لأسباب شبيهة بالتي حصلت سابقا، ولكن كما فشلت حرب الإلغاء واضطهدنا سابقا سيفشلون اليوم».

في المقابل، رأى النائب في كتلة عون إبراهيم كنعان أن «الاتفاق الثلاثي بين المستقبل والاشتراكي والقوات أطاح بالمناصفة لكن المعركة لم تنته»، متهما القوات بـ«نقل الأكثرية من الأرثوذكسي إلى المختلط الذي لا توافق عليه، فباتت الأكثرية في مكان آخر». وأعرب عن اعتقاده أنه «منذ الطائف وحتى اليوم يبدو المستقبل والاشتراكي ملتزمين المسيحيين»، مبديا أسفه لأن «القوات أمنت لهم الغطاء في السابق ودفعنا جميعا الثمن وهي تؤمنه لهم اليوم، لكن هذا الاتفاق لن يمر».