«السلفيون الجهاديون» في تونس يعلنون أنهم سيتجمعون الأحد رغم منع الحكومة

المرزوقي يرفض منع التونسيات المنتقبات من اجتياز الامتحانات في المؤسسات الجامعية

رئيس الوزراء التونسي علي العريض ورئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس البرلمان المنصف بن جعفر وحسين العباسي رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل قبيل بدء جلسة الحوار الوطني في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد متحدث باسم جماعة «أنصار الشريعة السلفية» أن تجمع الجهاديين سينظم كما هو مقرر بعد غد (الأحد) على الرغم من منعه من قبل الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي.

وقال سيف الدين رايس في مؤتمر صحافي «لا نطلب تصريحا من الحكومة لإعلاء كلمة الله ونحذرها من أي تدخل للشرطة لمنع انعقاد المؤتمر».

وحذر من أن «الحكومة ستكون مسؤولة عن أي قطرة دم تراق»، مؤكدا أن أكثر من أربعين ألف شخص ينتظر أن يشاركوا في التجمع الأحد المقبل في القيروان وسط تونس.

وكان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس أعلن الأربعاء أن الحكومة التونسية ستحظر التجمع الذي يتوقع أن تقيمه منظمة سلفية جهادية الأحد المقبل في القيروان (وسط). حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الغنوشي في مؤتمر صحافي إن الحكومة قررت حظر هذا المؤتمر الذي لم يحصل منظموه على إذن مسبق بحسب القانون.

في غضون ذلك تحولت الجولة الثانية من مؤتمر الحوار الوطني التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة العمالية) إلى مناقشة علنية لكلمة ألقاها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي دعم فيها حق المنتقبات في اجتياز الامتحانات في المؤسسات الجامعية. وغادر بعض قيادات المنظمات المجتمع المدني الحاضرة في المؤتمر الذي يعقد ليوم واحد بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية القاعة احتجاجا على موقف المرزوقي من أحد الملفات الشائكة التي لا تزال الحكومة والمعارضة بصدد دراستها دون التوصل إلى حل توافقي بعد سنتين من نجاح الثورة التونسية.

وقال المرزوقي في كلمته «لا أفهم أن يمارس أي نوع من التمييز على المواطنين بسبب طريقة ممارستهم لدينهم أو بسبب لباسهم»، وعبر عن رفضه منع التونسيات المنتقبات من اجتياز الامتحانات في المؤسسات الجامعية وأن يرتهن بذلك حسن سير الامتحانات بعناد مقابل عناد. وأضاف المرزوقي وسط دهشة الكثير من الحاضرين في القاعة التي استقبلت أكثر من 500 قيادي سياسي وشخصيات حقوقية «يجب أن نقبل بالآخر سواء أكان حداثيا أو سلفيا أو إسلاميا دون شيطنته أو اعتباره حدثا طارئا يمكن التخلص منه أو إبقاؤه في وضعية دونية»، وقال إن الدولة التونسية تعترف بحق الضمير وحق اللباس للجميع وبحق كل التونسيين حتى الذين يصنفون أنفسهم كسلفيين في أحزاب سياسية تنشط في العلن وفي إطار القانون.

ودعا المرزوقي الجماعات السلفية في المقابل إلى القبول بنفس الحقوق لبقية التونسيين وإن ارتأت الدعوة لطريقتها في فهم الإسلام وممارسته فيجب أن يكون بعيدا عن منطق الإكراه، على حد تعبيره.

وفي تحليله للظواهر الإرهابية التي باتت واقعا ملموسا ومحل اهتمام كل الأطراف السياسية، قال المرزوقي إن جزءا كبيرا من الشباب التونسي الذي التحق بالإرهاب هو شباب مر في معظمه من خانة الجريمة والمخدرات والبطالة والسجون. وفسر التحاقه ودخوله في منظومة الإرهاب بنوع من تبييض الوضع الاجتماعي والانتقال من وضع دوني إلى توهم وضع فوقي.

وحول هذا الموقف الجديد للمنصف المرزوقي، قال بلقاسم حسن الأمين العام لحزب الثقافة والعمل الذي واكب أشغال المؤتمر الحوار الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب الحقوقي في شخصية المرزوقي قد طغى على المنصب الرئاسي هذه المرة. وأشار إلى أن موقف المرزوقي ارتبط بجوانب حقوقية تدخل في تركيبته الشخصية ولا يمكنه الخلاص منها. ولم ينف حسن إمكانية المناورة السياسية في كلمة المرزوقي، فقد أظهرت الكثير من استطلاعات الرأي أنه لم يعد يستقطب الأضواء وربما تكون ورقة السلفيين والمنتقبات ذات أهمية في تعديل كفة المرزوقي السياسية قبالة خصومه السياسيين. ولعل موقفه الحالي سيفتح نقاشا عميقا ويحرج قيادات حركة النهضة التي لم تجرؤ على اتخاذ نفس الموقف خشية رد فعل المعارضة والتيارات الحداثية.

وكان المرزوقي قد وجه انتقادات لاذعة إلى حركة النهضة في المؤتمر التاسع الذي عقدته خلال شهر يوليو (تموز) 2012 واتهمها بمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة.

وأمام أكثر من 55 حزبا سياسيا، جدد علي العريض رئيس الحكومة التونسية إلى التوافق على خارطة طريق محددة المهام والآجال لإدارة المرحلة الانتقالية. وقال في خطابه إن «تونس تحتاج إلى مواقف وطنية وتفعيل الحوار السياسي» لتصبح دولة حرة مستقلة وآمنة متجهة نحو المزيد من الحرية والتقدم على حد تعبيره.

ومن ناحيته أشار الحسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقود أشغال المؤتمر، إلى أن تونس تقف أمام منزلق خطير عبارة عن منزلق نحو الإرهاب المسلح بعد التكفير الدعوي على حد كلامه. وقال إن منسوب العنف قد ارتفع خلال الفترة الماضية وتحول بسرعة من الاغتيال السياسي ممثلا في تصفية القيادي اليساري شكري بلعيد إلى الإرهاب المسلح متمثلا في أحداث جبال الشعانبي بالقصرين وسط غربي تونس التي انتهت بمواجهات دامية مع قوات الحرس والجيش مما خلف أكثر من 15 حالة إصابة بجروح. ودعا إلى تشكيل لجنة وطنية لمتابعة الحوار الوطني حتى لا تبقى المواضيع والملفات المطروحة وعلى رأسها العنف والإرهاب وحل رابطات حماية الثورة، حبرا على ورق على حد تعبيره.

وتمسك عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بالدعوة إلى عقد مؤتمر لمقاومة العنف. وتقرر أن يكون مبدئيا يوم 18 يونيو (حزيران) المقبل، وقال إن من يتخلف عن المؤتمر فهو إما متستر على العنف أو مشجع له دون أن يوجه الاتهام إلى طرف سياسي بعينه. وتنادي أطراف سياسية ووجوه حقوقية بحل رابطات حماية الثورة إلا أن حركة النهضة تعترض على الأمر وتطالب بحل قضائي باعتبارها حاصلة على تراخيص قانونية تمكنها من النشاط في صورة عدم مخالفتها لقانون الجمعيات.