المعارضة السورية تناقش في إسطنبول «التوسعة والرئاسة وجنيف 2»

معاذ الخطيب يطرح مبادرة جديدة لحل الأزمة في سوريا

المعارضة السورية تجتمع في اسطنبول
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة على محاضر اجتماعات الائتلاف الوطني لقوى التغيير والثورة السورية أن «الشد والجذب» كان سيد الموقف في الجلسة الصباحية، التي انعقدت صباح أمس، والتي تمخض عنها توافق على ثلاث نقاط أساسية: أولاها، تأجيل مسألة التصويت على رئاسة الائتلاف والحكومة المؤقتة والمناصب القيادية إلى اليوم الأخير للمؤتمر وضمن حقيبة شاملة، وفق صيغة توافقية وليس على أساس «كسر العظم». أما النقطة الثانية فتتعلق بالتوسعة، إذ تم إضافة 18 شخصية إلى الائتلاف، بينما لا يزال هناك خلاف حول 7 شخصيات.

وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بشرط عدم كشف هويتها، أن النقطة الثالثة كانت الموقف من مؤتمر «جنيف 2»، وقد طرحت ثلاثة آراء: الذهاب إلى «جنيف 2» دون وجود شرط مسبق برحيل الرئيس بشار الأسد، مع (طرح هذا الشرط في الكلمة الأولى)، مع مطالبة بإشراف المعارضة على الجيش والأمن ووزارة المالية والبنك المركزي، وحتى قناة «الدنيا» (شبه الرسمية). أما الرأي الثاني فكان ربط الذهاب إلى طاولة المفاوضات مع «وجود شيء على الأرض يغير من الواقع بحيث تذهب المعارضة وهي تقف على أرضية صلبة». ويتجه الرأي الثالث، وهو الذي يحظى بدعم واسع من أعضاء الائتلاف، نحو «عدم الذهاب إلى مؤتمر السلام حتى يعلن في بداية (جنيف 2) أن هذه العملية سوف تنتهي برحيل الأسد، على غرار منحى الحل في اليمن الذي أفضى إلى رحيل الرئيس علي عبد الله صالح».

وستستمر اجتماعات المعارضة في مدينة إسطنبول التركية حتى مساء الغد، إذ من المتوقع أن يتم تسمية رئيس جديد للائتلاف خلفا لمعاذ الخطيب، وتفيد الترشيحات إمكانية حصول المعارض ميشيل كيلو على هذا المنصب، انطلاقا من الميل الواضح للمعارضة لتقليل مظهر سيطرة الإسلاميين على المعارضة، من دون إسقاط إمكانية وصول مرشح آخر من الإخوان أو المقربين منهم، أو انتخاب الرئيس السابق للمجلس الوطني برهان غليون لهذا المنصب. أما الاستحقاق الآخر فسيكون انتخاب أمين عام جديد للائتلاف بدلا من مصطفى الصباغ، الذي فاجأ الجميع أمس بموافقته على التوسعة، بالإضافة إلى تكليف رئيس جديد للحكومة الانتقالية، بعد فشل غسان هيتو في مهمته وعدم القبول به من جانب قيادة أركان الجيش السورية الحر.

إلى ذلك، فاجأ رئيس الائتلاف المستقيل الخطيب الحضور بطرحه مبادرة جديدة لحل الأزمة تقضي بالسماح بـ«مخرج آمن» للرئيس السوري بشار الأسد و500 شخصية يختارها مقابل تخليه عن السلطة. وبرر الخطيب مبادرته الجديدة بأنها تأتي «منعا لاضمحلال سوريا شعبا وأرضا واقتصادا وتفكيكها إنسانيا واجتماعيا نتقدم بهذه المبادرة حقا لبلدنا وأهلنا علينا، واستجابة عملية لحل سياسي يضمن انتقالا سلميا للسلطة». وقال الخطيب أن «هذه المبادرة سورية المنبع والهدف، وهي وحدة متكاملة، ومقيدة بجدول زمني واضح». ودعا السلطة في سوريا وجميع فصائل الثوار والمعارضة إلى تبنيها مخرجا من الكارثة الوطنية في بلدنا، كما دعا المجتمع الدولي إلى رعايتها وضمان تنفيذها.

وتنص المبادرة على أن يسلم الرئيس الأسد صلاحياته كاملة لنائبه أو لرئيس الوزراء ومغادرة البلاد مع 500 شخص ممن يختارهم مع عائلاتهم وأطفالهم إلى أي بلد يرغب باستضافتهم دون حصانة من الملاحقة القانونية. كما تنص على استمرار الحكومة الحالية بعملها بصفة مؤقتة لمدة مائة يوم من تاريخ تسلم الشخص المكلف صلاحيات رئيس الجمهورية.

وتشمل مبادرة الخطيب 16 بندا منها إطلاق سراح جميع المعتقلين، وفتح الأراضي السورية لجميع أنواع الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية، وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة وسيطا دوليا للإشراف على المرحلة المؤقتة في سوريا، والالتزام بها، ورعاية عملية انتقال السلطات.

ومن المرجح أن يرفض الأسد أو يتجاهل مبادرة الخطيب، المكونة من 16 نقطة، خاصة بعد المكاسب العسكرية التي حققتها قوات الحكومة السورية في مواجهة مقاتلي المعارضة. لكن مبادرة الخطيب تظهر استعدادا للعمل مع أشخاص ارتبطوا بالأسد خلال الانتفاضة وستعتبر يدا ممدودة لأعضاء في الحكومة.

وتعقيبا على المبادرة، قال عضو الائتلاف رمضان إن «اجتماع إسطنبول لم يناقش بعد مبادرة الخطيب» (مساء أمس)، لكنه أكد أن «النظام أبدى رفضه جملة وتفصيلا لمضمونها». وذكر بأن «موقف النظام السوري ليس مستغربا، فهو يرفض في كل مرة المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه مبادرة الخطيب وهو مبدأ انتقال السلطة وتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وتسليمه صلاحياته كاملة إلى نائبه فاروق الشرع أو رئيس الوزراء الحالي وائل الحلقي». وشدد على أن النظام السوري «يواصل رفضه لأي حل يقوم على أساس الحل السياسي لا بل إنه يصر على الحسم العسكري والدموي»، مستنتجا أنه «يرفض بالتالي الاستجابة لأي مبادرة أو طرح مقدم من أطراف سورية أم إقليمية أم دولية». من جانبها رأت العضو في تيار «بناء الدولة السورية» المعارض ريم تركماني، أن مبادرة الخطيب لإنهاء الصراع في سوريا لا تعالج «جذور الأزمة». وقالت تركماني عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس الخميس، إن المبادرة تعاني من عدة عيوب ومن ثغرة كبيرة في بندها الأخير الذي يدعو إلى أن تتولى حكومة انتقالية «مهام التحضير والتأسيس لسوريا الجديدة».