«الجيش الحر» يتصدى لمحاولات النظام إحكام قبضته على القصير

الاشتباكات مستمرة في المدينة.. والمرصد السوري يؤكد مقتل 46 من عناصر حزب الله في الأيام الأخيرة

TT

واصل «الجيش السوري الحر» أمس، تصديه لمحاولات جيش النظام السوري مدعوما من عناصر حزب الله اللبناني، لإحكام قبضته على مفاصل مدينة القصير في ريف حمص، على وقع استمرار الاشتباكات العنيفة واستهداف القوات النظامية المنطقة بغارات جوية.

وسخر قياديون في «الجيش الحر» من تصريحات صدرت مساء أول من أمس عن محافظ مدينة حمص أحمد منير محمد، أشار فيها إلى أن «القصير ستعلن بعد ساعات قليلة، منطقة آمنة»، لافتا إلى «مفاجآت تحصل خلال الأعمال القتالية، جراء الألغام وتحصينات يحمل بعضها الطابع الإسرائيلي».

وقال منير محمد إن «الجميع في سوريا يتوقع إعلان القصير منطقة آمنة نظيفة من العصابات المقبلة من أغلب دول العالم». واتهم «الإعلام الغربي بالترويج لهذه الأكاذيب»، ردا على سؤال عن مشاركة عناصر حزب الله في القتال في القصير، مؤكدا أن «الجيش السوري يستهلك 10% فقط من قوته ولا يحتاج لقوة ثانية».

ووضع المنسق الإعلامي والسياسي للجيش الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» كلام منير محمد «في سياق الأمنيات»، مذكرا بأن «محافظ الرقة سابقا أعلن أن الجيش النظامي سيدخل إليها ويستعيدها، ولا تزال حتى الآن تحت سلطة المعارضة».

وتباينت التقديرات أمس بشأن عدد قتلى حزب الله الذين سقطوا في القصير، فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «مقتل 104 عناصر من حزب الله خلال مشاركتهم إلى جانب قوات النظام السوري في معارك ضد المجموعات المسلحة المعارضة في سوريا خلال فترة تقارب الثمانية أشهر». وأعلن المرصد أن «46 منهم قتلوا خلال الأيام الخمسة الماضية في القصير، بينما قتل عشرون آخرون خلال اشتباكات الشهر الجاري في ريف القصير». وذكر كذلك أن «38 آخرين قتلوا منذ خريف العام الماضي في ريف القصير ومنطقة السيدة زينب في ريف دمشق».

وتزامنت تقديرات المرصد لعدد قتلى حزب الله مع نقل وكالة الصحافة الفرنسية عمن سمته «مصدرا قريبا» من حزب الله قوله إن «75 عنصرا من الحزب قتلوا في سوريا في المعارك التي يشاركون فيها منذ أشهر، لا سيما في منطقة القصير الحدودية مع سوريا». لكن حزب الله، الذي لم يصدر عنه بعد أي موقف رسمي بشأن قتلاه، بانتظار ظهور أمينه العام حسن نصر الله مساء غد السبت في ذكرى «المقاومة والتحرير»، نفى على لسان مسؤول العلاقات الإعلامية إبراهيم الموسوي ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. ونفى الموسوي لقناة «الجديد» التلفزيونية اللبنانية أن «يكون أي من مسؤولي حزب الله قد صرح للوكالة الفرنسية».

ميدانيا، واصلت القوات النظامية عملياتها العسكرية في منطقة القصير. وقال الناشط السوري هادي العبد الله على صفحته الشخصية على «فيس بوك» إن «هجوم النظام جاء أمس، من الجهة الشرقية للمدينة من ثلاث محاور»، مشيرا إلى «سقوط 8 قتلى من حزب الله و3 من القوات النظامية، إضافة إلى عشرات الجرحى». وترافق ذلك مع قصف عنيف على منازل المدنيين من الجبهات كافة. وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» شريط فيديو يظهر وصول مقاتلي كتيبتي «ثوار بابا عمرو» و«مغاوير بابا عمرو» المختصتين بقتال الشوارع إلى القصير لمساندة الثوار ضد عناصر حزب الله وقوات النظام السوري، على حد تعبيرهم.

وسياسيا، رأى المنسق الإعلامي والسياسي للجيش الحر أن «النظام السوري يقصف القصير تعويضا عن الهزيمة التي منيت بها قوات حزب الله على يد (الثوار)»، مشيرا إلى «غارات تعرضت لها المدينة أمس، إذ قصف الطيران الحربي النظامي منازل المدنيين وأوقع خسائر بشرية». وأكد «إصابة عربات وجرافات تابعة لحزب الله وذلك بعد وصول كتائب من مختلف المدن السورية لمؤازرة القوات التي تقاتل في القصير».

وكشف المقداد عن «وجود أسرى أحياء من حزب الله حقق مع معظمهم»، لافتا إلى أن «أحد هؤلاء الأسرى أخبرهم خلال التحقيقات أن قيادة الحزب أقنعته بأن معركته في القصير تهدف لحماية الشيعة، ليتبين له أن لا وجود للشيعة في القصير»، على حد تعبيره. وقال المقداد إن «حزب الله يريد تحقيق انتصار في القصير ولو على الصعيد الوهمي، قبل خطاب نصر الله مساء غد، لكن ذلك لن يتحقق ما دام (الثوار) مصرين على الصمود في المدينة».

من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أمس عن افتتاح مقر لها في مدينة طرطوس الساحلية في سياق توسعها في عدد من المدن السورية لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إليها. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مستشار المنظمة الإعلامي خالد المصري قوله إن «وفدا من الأمم المتحدة برئاسة الدكتور آدم عبد المولى، المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في دمشق، وبمشاركة الممثلين المقيمين لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا، زار طرطوس، حيث افتتح مكتب للأمم المتحدة هناك يمثل كل منظمات الأمم المتحدة».

وأوضح المصري أن افتتاح المكتب «سهل إيصال مساعدات تقدمها الأمم المتحدة إلى المحتاجين إليها»، مشيرا إلى أن المكتب «سيقدم خدماته كذلك للاذقية وإدلب»، لافتا إلى أن المنظمة «ستفتتح مكتبا لها في السويداء وحلب قريبا».

وكانت المنظمة الدولية قد افتتحت مكتبا في حمص في 8 مايو (أيار) الجاري. وتعرضت الأمم المتحدة لانتقادات من بعض المنظمات التي قالت إن مساعدات الوكالات الدولية لا تصل إلا إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام.