الحكومة المغربية تعتزم وضع ضوابط بشأن حصول الجمعيات على التمويل الخارجي

الشوباني: الحوار حول المجتمع المدني سيقطع مع منطق التحكم والتوجيه

مولاي إسماعيل العلوي رئيس لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني يتحدث في لقاء صحافي في الرباط أمس (تصوير: منير امحيمدات)
TT

تعتزم الحكومة المغربية وضع ضوابط وشروط بشأن حصول الجمعيات على التمويل الخارجي، وذلك تفاديا لارتباط هذا التمويل بخدمة أجندات خارجية في أي مجال من المجالات التي تعمل بها.

وكانت الحكومة قد أطلقت في 13 مارس (آذار) الماضي حوارا وطنيا واسعا حول دور المجتمع المدني، وهو أول مبادرة من نوعها تهدف إلى تمكين الجمعيات والمنظمات غير الحكومية من المساهمة في مراقبة وتقييم السياسات العامة وكذا منحها الحق في اقتراح قوانين على البرلمان، وتقديم العرائض الشعبية. وإلى جانب ذلك، ستضع الحكومة ضوابط قانونية لعمل هذه الجمعيات التي تشير الإحصائيات إلى أن عددها 90 ألف جمعية، يعرف عدد كبير منها اختلالات على مستوى التسيير والحكامة والشفافية فيما يتعلق بطرق صرف الأموال المحصل عليها، سواء من الدولة أو من جهات خارجية.

وفي هذا السياق، قال مولاي إسماعيل العلوي، رئيس لجنة الحوار الوطني، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت اللجنة ستناقش شروط استفادة الجمعيات من التمويل الخارجي ووضع ضوابط لذلك، إن «حصول الجمعيات على تمويل خارجي ليس من الأمور المحرمة، بيد أنه لا بد أن نعلم من وراء ذلك، وإذا ثبت أن هناك جهات تريد استخدام جمعيات المجتمع المدني لأغراضها الخاصة، فالقانون والقضاء هو الذي بإمكانه تقييم هذه الأمور والحسم فيها»، على حد قوله.

وكانت عدة جمعيات قد قاطعت الحوار بدعوى أن الوزارة هي التي تتحكم في مسار الحوار من خلال تعيينها رئيس اللجنة وأعضائها، كما اعترضت على تعيين قيادي في حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه الوزير الحبيب الشوباني مقررا عاما للحوار، هو عبد العالي حامي الدين. وأعلنت هذه الجمعيات عن حقها في إطلاق حوار مواز وتقديم اقتراحات للمؤسسات المعنية.

وردا على ذلك، قال العلوي الذي كان يتحدث في أول لقاء صحافي عقدته اللجنة أمس في الرباط، إن اللجنة ترحب بهذا الحوار ولا ترفضه أو تتخوف منه. وأضاف أن اللجنة لها صلاحية الاستفادة من كل الآراء المطروحة شرط ألا تظل محبوسة على المستوى الإعلامي.

وبخصوص تنامي عدد الجمعيات في المغرب بمعدل 10 في المائة كل عام، وما إذا كانت اللجنة تعتزم وضع ضوابط لإنشائها، قال العلوي إن اللجنة لن تضع أي شروط جديدة تخص إنشاء الجمعيات، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا تتوفر إحصائيات دقيقة عن وتيرة هذا النمو، بل هي مجرد توقعات.

وأوضح العلوي أن نقاشات عدة ستطرح حول الجمعيات وما إذا كانت موجودة على أرض الواقع أم على الأوراق فقط، كما سيتم التطرق أيضا إلى موضوع الحكامة داخلها ومساءلتها بشأن طرق صرف المال العام.

وقال العلوي إنه بعد مرور شهرين ونصف الشهر على تنصيب أعضاء اللجنة تم تشكيل ثلاث لجان هي لجنة إحكام الدستور، ومهمتها تحديد المفاهيم واقتراح أرضيات تشريعية لتفعيل أحكامه حول المجتمع المدني، ولجنة الحياة الجمعوية، وتهدف إلى فتح حوار حول الحريات والحقوق والمسؤوليات، وتحدد شروط ربط الشراكات، أما اللجنة الثالثة، وهي لجنة الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية، فمهمتها إعداد ميثاق وطني حول الديمقراطية التشاركية، مشيرا إلى أنه إذا كان هذا الميثاق غير ملزم قانونيا إلا أنه ملزم أخلاقيا.

من جانبه، قال الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إن اللجنة انتهت من مرحلة التأسيس لهذه المبادرة التي تعد «تمرينا ديمقراطيا حقيقيا يتوخى تعميق وترسيخ ثقافة الحوار»، وهو الحوار الذي «سيقطع مع منطق التحكم والتوجيه». وأضاف الشوباني أنه لا معنى لدستور جديد إذا لم يكن مدخلا لجيل جديد من الممارسات والحقوق والحريات والتغييرات الجوهرية، مشيرا إلى أن هناك مكتسبات تراكمت في هذا المجال وأيضا اختلالات. وأوضح أن الهدف هو جعل الجمعيات قطاعا ثالثا حقيقيا إلى جانب القطاعين العام والخاص، سواء على مستوى جهود التنمية، أو على مستوى التوظيف، حتى تصبح هذه الجمعيات الشريك الحقيقي الذي يجيب عن إشكالات المجتمع التنموية والاقتصادية والاجتماعية.

وأشار الشوباني إلى أن وجود العلوي على رأس اللجنة يعد إحدى ضمانات المصداقية والجدية التي تحرص عليهما الحكومة لإنجاح هذا العمل. وأضاف أن الحوار مفتوح أمام الجميع، داعيا إلى تجاوز التحفظات التي عبر عنها البعض أثناء تنصيب أعضاء اللجنة واعتبارها من الماضي والتوجه نحو المستقبل.

ونوه الشوباني بالمؤسسات الشريكة في هذا الحوار، ومن بينها البنك الدولي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والبنك الأفريقي للتنمية.

ولتأكيد استقلالية اللجنة، قال الشوباني إنه «سيختفي من المنصات واللقاءات التي ستعقدها، بيد أنه سيظل جنديا لتقديم ما يلزم لها من مساعدات».

وستستمر اللجنة في عملها على مدى عام تنظم خلاله ندوات محلية، ثم ندوة دولية وجلسات استماع للجمعيات واستقبال مذكراتها لتسدل الستار بمناظرة حول الموضوع.

وتتكون اللجنة من 66 عضوا من بينهم 6 ممثلين عن البرلمان، و8 ممثلين عن المؤسسات الدستورية والوطنية و14 ممثلا عن القطاعات الحكومية المعنية و36 شخصية مدنية وأكاديمية ثلثهم من النساء.