الأمن التونسي يكشف عن وجود نساء ضمن التنظيمات الجهادية في جبال الشعانبي

مصرع جندي بسبب نيران صديقة

TT

أثار الكشف عن عناصر نسائية ضمن المجموعة الإرهابية المرابطة في جبال الشعانبي وسط غربي تونس تساؤلا محوريا حول طريقة التعامل مع التنظيمات المتشددة مستقبلا، والكف نهائيا عن اعتبار مخيمات التدريب هناك مجرد «أرض عبور» وتطورها إلى موطئ توطين قد تطول مدته.

وإذا كان وجود العنصر النسائي ظاهرة قديمة في التنظيمات الجهادية في الجزائر، فإن اكتشاف قوات الأمن والجيش التونسي لملابس نسائية وبقايا حفاظات للأطفال الصغار في المغاور والكهوف (أكثر من 260 مغارة وكهفا في جبال الشعانبي) أكد أن الظاهرة الجهادية لها امتداد عميق سواء في المجتمع التونسي أو كذلك على مستوى الروابط بين العائلات التونسية والجزائرية التي تقطن المناطق الحدودية.

وفي سياق ذلك، ذكرت مصادر أمنية أن امرأتين على الأقل ترافقان العناصر الجهادية في جبال الشعانبي. وتقدر وزارة الداخلية التونسية عددهم الإجمالي بنحو 20 عنصرا لديهم حرفية عالية في التخفي وتفادي المطاردات.

وقال عبد الحميد الشابي، الخبير الأمني التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن السلفيين يبيحون لأنفسهم الكثير من السلوكات المخالفة للقوانين التونسية على غرار الزواج العرفي و«جهاد النكاح». وأضاف أنه لن يفاجأ بوجود عناصر نسائية ضمن الجهاديين في جبال الشعانبي، وعد المجموعة كلها مارقة على القانون، مشيرا إلى أنه بإمكانية الأمن التونسي، إذا وجد الحماية القانونية الكافية، محاربتهم واستئصالهم من التربة التونسية، على حد تعبيره.

وذكر الشابي أن قوات الأمن والجيش لها الإمكانات البشرية واللوجيستية لمحاربة كل أشكال التطرف والإرهاب، بيد أن التعليمات الواضحة والصريحة هي التي تعوزها.

من جهته، قال منير السعيداني، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية لـ«الشرق الأوسط»، إن التحقيقات الأمنية والاستخباراتية أكدت تجذر المجموعة السلفية الجهادية في محيط اجتماعي مساند لها، وإنها تحظى بدرجات كبيرة من التعاطف من قبل سكان المناطق التي تعرف أنشطة سلفية.

وأوضح السعيداني أن العائلات في تلك المناطق على استعداد لتزويج بناتها بالعناصر السلفية، وتقديم كافة أشكال المعونة لهم بدءا من المؤونة والمعلومات حول تحرك عناصر الأمن والجيش.

وأشار السعيداني، الذي يعد دراسة اجتماعية حول «الحقل الديني في تونس»، إلى العلاقات الاجتماعية المتشعبة للجماعات السلفية التي استغلت النسيج الاجتماعي المحافظ لبعض المدن التونسية لتطوير أنشطتها، على غرار مدينة بنزرت (60 كلم شمال تونس العاصمة) ومدينة القيروان (165 كلم وسط تونس). وأوضح أن المدينتين تعرفان ظاهرة اجتماعية تستحقان الدراسة لغرابتها عن المجتمع التونسي، وهي تتمثل في حالة انقسام بين أصيلي المدينتين والوافدين عليها، وهذا ما أدى إلى انغلاق الطرفين على بعضهما البعض.

على صعيد آخر، أعلنت مصادر عسكرية تونسية عن وفاة وكيل أول بالجيش بعد تعرضه لسبع طلقات نارية على وجه الخطأ من أحد زملائه. وقالت المصادر ذاتها إن إصابة الجندي بالرصاص جرت ليلة بعد أن اعتقد أحد جنود الحراسة أنه من العناصر الإرهابية.

والضحية من منطقة القصرين مسرح المواجهات الحالية مع الإرهابيين، وهو في عقده الرابع، وله أربعة أبناء. وأشارت المصادر إلى ضعف التنسيق بين القيادات الميدانية المكونة من قوات الحرس والجيش ما يؤدي إلى أخطاء قاتلة، على حد تعبيرها.

على صعيد آخر، قال الصادق العرفاوي، مستشار وزير الشؤون الدينية التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن 76 مسجدا لا تزال خارج سيطرة الوزارة، مشيرا إلى أنها تسعى بطرق سلمية لاسترجاعها من قيادات سلفية.

وأضاف العرفاوي أن وزارة الشؤون الدينية قد تضطر للاستنجاد بقوات الأمن لإخلاء ستة مساجد في الوقت الحالي وضعتها لجنة المتابعة والرصد (لجنة في الوزارة) ضمن أولوياتها.