محمود جبريل لـ «الشرق الأوسط»: أحترم قانون العزل السياسي لكنه تعرض للتزوير

رئيس المكتب التنفيذي السابق في ليبيا حذر من تقسيم بلاده إلى «دار كفر» و«دار إيمان»

محمود جبريل
TT

قال الدكتور محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي السابق في ليبيا، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنه يحترم قانون العزل السياسي الذي أقره المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الشهر الماضي، لكنه كشف عن أن القانون تعرض للتزوير في 14 نقطة، من خلال إضافة كلمات، مقصود بها إزاحته عن العمل السياسي، وحذف فقرات كان من شأنها عزل أطراف من التيار الإسلامي عن السياسة.

وترأس جبريل المكتب التنفيذي الذي كان يعد بمثابة أول حكومة للثوار الذين حاربوا نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بداية من 17 فبراير (شباط) 2011. وبعد إسقاط القذافي ترأس تحالف «القوى الوطنية»، لكن تحالفا ضم خليطا من التيار الإسلامي وضع قانون العزل لإبعاده عن العمل السياسي.

وقال جبريل إنه «لن يتقدم بطعن على القانون، طالما صدر عن جسم شرعي منتخب، وإنه لا بد من القبول به»، ولكنه أوضح أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام الليبي في وقائع تزوير بعض فقرات القانون، قائلا إن النسخة التي تم اعتمادها من المؤتمر الوطني تختلف عن النسخة التي جرى التصويت عليها وشاهدها ملايين الليبيين أثناء عرض الجلسة على التلفزيون.

وتحدث جبريل عن تحليله لقانون العزل بقوله إن الهدف منه ليس حماية الثورة أو تحصينها كما يقال، ولكن قد يكون أولا إزاحة كل الخصوم المحتملين في المنافسة السياسية باللجوء لاستخدام السلاح والتهديد، وثانيا «إفراغ وظائف ومناصب أجهزة الدولة من شاغليها حاليا، لملء هذه الوظائف بشخصيات على أساس الولاء السياسي». وأضاف أن ما حدث في ليبيا ليس عزلا لنظام، ولكنه عزل لدولة.

وحذر جبريل في الوقت نفسه من تقسيم بلاده إلى «دار كفر ودار إيمان»، وأضاف أنه ليس مصادفة أن تطرح أسطوانة «العلمانية والإسلام» في نفس التوقيت في مصر وتونس وليبيا، قائلا: إن «هذا جزء من مشروع أكبر يقصد به محاربة كل من يختلف مع تيار الإسلام السياسي». وفيما يلي نص الحوار.

* كيف ترى قانون العزل السياسي بعد أن إقراره من المؤتمر الوطني؟ وكيف تقرأه؟

- أنا سبق وتحدثت في هذا الموضوع. أولا هناك عدة مستويات للحديث عن هذا القانون. المستوى الأول هو موقفي من القانون. فما دام أنه صدر عن جسم شرعي منتخب فلا بد من القبول به. أما موقفي التحليلي للقانون، فالقانون ليس الهدف منه حماية الثورة أو تحصينها كما يقال، ولكن الهدف منه قد يكون هدفا مزدوجا. الأول، إزاحة كل الخصوم المحتملين في المنافسة السياسية بعد أن عجزوا عن الإزاحة بالطرق الديمقراطية في 7 يوليو (تموز) الماضي، وهو انتخابات المؤتمر الوطني. فتم اللجوء لاستخدام السلاح والضغط لإقرار هذا القانون تحت التهديد. الهدف الثاني أيضا، هو إفراغ وظائف ومناصب أجهزة الدولة من شاغليها حاليا، لملء هذه الوظائف بشخصيات على أساس الولاء السياسي، وأن تكون تابعة لتيار سياسي معين. ما حدث في ليبيا ليس عزلا لنظام ولكنه عزل لدولة. فعزل النظام تم في العراق بناء على أسس آيديولوجية.

* تقصد قانون اجتثاث البعث بالعراق؟

- نعم. اجتثاث البعث في العراق كان اجتثاثا لنظام.. وعزلا لنظام سياسي. أما ما حدث في ليبيا فهو أسوأ بكثير، فهو عزل للدولة الليبية. عزل لجهاز الدولة الليبية منذ عام 1969، وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2011. هذا لن يفهم منه إلا إفراغا لوظائف الدولة تمهيدا لملئها بعناصر من تيارات أو من تيار محدد.

* هل نستطيع أن نسمي هذا التيار المحدد؟

- هو خليط، في الحقيقة، من تيارات الإسلام السياسي.

* ما تأثير إفراغ مؤسسات الدولة من عام 1969 حتى عام 2011 على الدولة الليبية؟

- والله أرجو أن أكون مخطئا. لكن، طبعا، إحضار ناس جدد لا خبرة إدارية لهم سيترتب عليه شيئان.. إما أن تقدم الخدمة لمن يحملون نفس الانتماء السياسي. وهذه ستكون مشكلة في خدمات المواطن. أو في أحسن الأحوال تقدم الخدمة، لكن نتيجة لانعدام الخبرة الإدارية، فسيترتب عليها تعطل الجهاز الإداري أكثر مما هو معطل. ولكن لا شك سيحدث إرباك حقيقي لو خرج كل هؤلاء «المسؤولين» دفعة واحدة من الجهاز الإداري.

* كنت رئيس المكتب التنفيذي، أي ما يوازي رئيس حكومة، في فترة فارقة وحساسة، وهي فترة بداية ثورة 17 فبراير 2011 ضد القذافي. كيف لم يغفر لك هذا أمام المؤتمر الوطني الذي صوت على العزل السياسي؟

- هذا ما يؤكد أن الأمر لا علاقة له بحماية الثورة بل هو تصفية حسابات سياسية. لأنه لو تم النظر إلى الأمر بدقة خاصة بالنسبة للذين عارضوا نظام معمر القذافي من الخارج، لوجدنا أن نضالهم الطويل لم يشفع لهم، وحتى الذين ساهموا في إسقاط القذافي بقوة أثناء هذه الانتفاضة، لم تشفع لهم هذه المساهمة. الأمر ينتج عنه نتيجتان. النتيجة الأولى هي أن من يحق لهم تسلم المناصب هم الأشخاص الذين كانوا في السجن (في عهد القذافي) أو الذين كان أغلبهم في السجن حتى أكون أكثر دقة. وأغلب هذه الشخصيات من التيار الإسلامي بجميع فصائله. النتيجة الثانية، أن القضية ليست قضية حرص على الثورة بقدر ما هي قضية انتقام من كل ما له علاقة بالدولة الليبية ما قبل أكتوبر 2011. لأن كثيرين ممن تصدروا المشهد السياسي من فبراير 2011 حتى أكتوبر 2011 كانوا يعملون في الدولة الليبية. وأغلبهم لا علاقة لهم بنظام معمر القذافي، ولكن كانوا يعملون في الدولة الليبية. فلا أستطيع، مثلا، أن أصنف مصطفى عبد الجليل (كان وزيرا للعدل في عهد القذافي وترأس بعد ذلك المجلس الانتقالي الذي تأسس مع اندلاع الثورة ضد القذافي وقاد الثوار حتى قضى على حكمه)، بأنه من نظام القذافي، ولكنه عمل في الدولة الليبية. الأمر الآخر هو أن هذا القانون نجح في أن يصادر التاريخ الليبي، لأن شخصيات مناضلة مثل (الراحل) منصور الكيخيا مثلا (الذي كان وزيرا للخارجية في عهد القذافي قبل أن ينضم للمعارضة ويؤسس تحالفا في الخارج ضد نظامه، وتعرض للاختطاف في تسعينات القرن الماضي وعثر عليه مقتولا بعد الإطاحة بنظام القذافي)، أصبح معزولا سياسيا بأثر رجعي. شخصية كعبد الفتاح يونس (كان وزيرا للداخلية في عهد القذافي وانشق وقاد رئاسة أركان جيش الثوار وقتل في ظروف غامضة)، والشهيد علي حدوث الذي استشهد في جبهة مصراتة، أو اللواء عمر الحريري الذي كان عضوا في المجلس الانتقالي وأمضى سنوات طويلة في سجون القذافي. كل هؤلاء أصبحوا معزولين. كما أن قانون العزل السياسي يصادر على الحاضر. لأن كل من شارك في هذه الثورة أصبح معزولا. ويصادر على المستقبل باعتباره يحدث شرخا قويا في نسيج المجتمع الليبي ويؤخر ملف المصالحة الوطنية إلى أجل لا يمكن تحديده. وسيحدث ضررا كبيرا بالمصالحة الوطنية. وبالتالي هذا القانون، من وجهة نظر تحليلية، قانون مضاد لطبيعته وللأهداف التي طالما اشتاق الليبيون إلى تحقيقها، والتي كنا نعتقد أنها تجسدت في ثورة 17 فبراير 2011.

* بعض الليبيين ممن يتحدثون بنزاهة وموضوعية يقولون إن كثيرا من قيادات تيار الإسلام السياسي، عملت بطريقة أو بأخرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع نظام القذافي، خصوصا في السنوات الأخيرة حينما كان هناك مشروع «ليبيا الغد» الذي كان يشرف عليه سيف الإسلام القذافي. ما رأيك في هذا؟

- ليس هذا فقط، بل إن جماعة الإخوان المسلمين أصدرت في فبراير 2006 بيانا رسميا باسم الجماعة في ليبيا تبارك فيه مشروع سيف الإسلام القذافي، وتؤكد على دعمها له لإنجاح هذا المشروع. وبالتالي إذا كنا ننظر إلى حرفية قانون العزل فكل من ينتمي إلى هذه الجماعة داخل ليبيا سيكون مشمولا داخل هذا القانون بالعزل، لأن القانون في إحدى مواده يشير إلى أن كل من بارك أو روج، هكذا هي العبارة تقريبا، لمشروع القذافي أو ابنه يشملهم العزل. هناك عبارات كان من المفترض أن تقرأ داخل جلسة مناقشة القانون لتطرح على التصويت. هذه العبارات حذفت بفعل فاعل ورئيس الجلسة، الذي هو نائب رئيس المؤتمر الوطني، كان له دور محوري في هذا الأمر، لأنه طلب منه - باعتبار أن هذه العبارات كانت مثار جدل بين أعضاء لجنة العزل السياسي - أن يقرأها ويطرحها للتصويت؛ إذا تمت الموافقة عليها تضمن في القانون وإذا لم تتم الموافقة عليها تحذف، فوعد بذلك وأن القانون سيتم التصويت عليه فقرة فقرة وليس مادة مادة. ولكن فوجئ أعضاء المؤتمر بأن هذا الأمر لم يحدث.

* هل تعني أن هذه العبارات لم تعرض للتصويت؟

- لم تعرض هذه العبارات للتصويت وبالتالي أثارت احتجاجا شديدا جدا، لأن هذه العبارات تطال كل من تصالح مع نظام القذافي بعد أن كان معارضا له.

* هذا بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، لكن هناك أيضا من دخلوا في مراجعات مع نظام القذافي، وكانوا في السجون وأطلق النظام السابق سراحهم بعد التصالح معه، مثل بعض القيادات من الجماعة الإسلامية المقاتلة. ما صحة هذا؟

- كان من المفترض أن يطال قانون العزل كل من تصالح مع النظام، سواء كان من «الإخوان المسلمين» أو من الجماعة المقاتلة.

* هناك من يتحدثون عن أن بعض التيارات السياسية داخل المؤتمر أثناء التصويت على قانون العزل السياسي كانت تحتمي بكتائب مسلحة في الخارج، للضغط من أجل إقرار القانون. كيف ترى هذا الزعم؟

- بعض الأعضاء صرحوا إنهم تعرضوا لضغوط وتهديد. وهناك من صرح بأنه كان هناك منشور وزع في الصباح، وبعض الأعضاء وجدوه على مقاعدهم، يتضمن تهديدا لكل من لا يصوت بالموافقة على مشروع القانون. كما وضعت توابيت أمام المؤتمر، في إشارة تهديدية واضحة. كما أن هناك نوعا آخر من التهديد شمل كل أعضاء المؤتمر، حيث إن بعض الوزارات كانت محاصرة، وكان هناك تهديد بإسقاط الشرعية كلها في حالة عدم الموافقة على القانون، فبعض الأعضاء رأى أن يتم دفع ضرر أكبر بضرر أقل؛ فكانوا يرون أن الخسارة الكبرى هي سقوط الشرعية كلها، وبالتالي رأوا أن يضحوا بثمن أقل، حتى لو كانوا غير مقتنعين بهذا القانون. المشكلة أنه بعد تمرير القانون بدأ الحديث عن إسقاط الحكومة كلها، مما يعني أن قانون العزل يعد خطوة أولى قد تتلوها خطوات أخرى مثل إسقاط الحكومة، وتطهير القضاء وإلى آخره.

* قال بعض السياسيين الليبيين، بعد أن طالك قانون العزل، إن من يريد أن يخدم ليبيا يستطع أن يخدمها حتى لو لم يكن جالسا على مقعد تنفيذي، وإن محمود جبريل يمكن أن يعود للحياة السياسية مرة أخرى بعد عشر سنوات، كما حددها قانون العزل.. فكيف ترى مستقبلك السياسي في ليبيا على هذا الأساس؟

- أولا القول إنني يمكن أن أنتظر عشر سنوات، هذا كلام فيه شيء من النفاق السياسي، لسبب بسيط هو أن المفسد للحياة السياسية يجب أن لا يعود لممارسة الفساد إطلاقا، إذا كان الحرص على هذه الثورة حقيقيا، لكن من غير المنطقي أن يتهم إنسان بإفساد الحياة السياسية، نعزله لمدة عشر سنوات ثم نقول له الآن يمكنك أن تمارس الفساد. هذا شيء غير منطقي إطلاقا. الحقيقة.. أنا أولا، وكما بدأت في حديثي معك أقبل بهذا القانون ما دام صادرا عن جسم شرعي. ولكن أحذر من التداعيات التي يمكن أن يحدثها في الجسم الليبي في الفترة المقبلة. أما عن محمود جبريل، فإنه سيعود إلى عمله السابق أي ممارسة مهنة الاستشارات والتدريب، وأي شيء يطلبه الليبيون مني داخل هذا النطاق الخاص، سأكون سعيدا بالقيام به وتقديمه. وغير ذلك سألتزم بهذا القانون بحرفيته. وهذا ينعكس أيضا على هذه المقابلة الصحافية إذ أتمنى أنه إذا كانت ستنشر بعد يوم الخامس من يونيو (حزيران) الجاري، أن يشار إلي كمحمود جبريل فقط، أو كرئيس للمكتب التنفيذي السابق. ولكن صفة رئيس تحالف القوى الوطنية يجب أن تزال، لأنه بعد يوم الخامس من يونيو لن أكون رئيسا لتحالف القوى الوطنية، ولكن سأكون مجرد شخص يؤمن بهذا التيار، ويقدم له الدعم والمساندة من موقعه كمواطن ليبي.

* تردد في الساحة السياسية الليبية أن السبب في إبعادك من خلال قانون العزل، يرجع لكونك «رجلا علمانيا»، رغم أن جانبا من الليبيين المتفتحين لا يرون مشكلة في هذا. كيف تتعامل مع مثل هذه الأقوال؟

- هذا الكلام هو مدعاة للسخرية، لأن الليبيين أذكى من ذلك وأوعى بكثير. وليس مصادفة أن تطرح أسطوانة العلمانية والإسلام في نفس التوقيت في ثلاثة بلدان؛ مصر وتونس وليبيا.هذا جزء من مشروع أكبر يقصد به محاربة كل من يختلف مع تيار الإسلام السياسي. لكن يعرف جيدا، حتى المنتمون لتيار الإسلام السياسي بجميع فصائله يعرفون تماما أنني لا علاقة لي بالعلمانية المفهومة في أذهانهم التي تعني «الإنسان الكافر». هذا الكلام لا يصلح حتى للنقاش، ولكن هي أداة لمحاربة الخصوم، هي أداة غير شريفة، لأنها توظف أقدس ما يمتلكه الإنسان، أي إيمانه وعقيدته، فاستغلال الدين بهذه الطريقة، يضر الإسلام أكثر مما يخدمه الإسلام. الإسلام، من وجهة نظري، لم يتعرض لهجمة شرسة في تاريخه المعاصر، مثل ما يتعرض له الآن من هؤلاء الذين يدعون أنهم ينتمون إلى هذه الفصائل، لأن كثيرين من الناس الآن بدأوا يشعرون (يتساءلون) لماذا تثار هذه الفتنة في هذا الوقت بالذات. وفي ليبيا تحديدا لم نر طيلة تاريخنا كمجتمع مسلم بالكامل، منذ الفتح الإسلامي، أي نقاش حول دار الكفر ودار الإيمان، ما عدا في هذه الفترة. وهذا ما يزيد الخوف أكثر من هذه الفتنة التي يجري فيها توظيف الدين في تقسيم المجتمع، وهذا من أسوأ ما يمكن أن يحدث في هذه الفترة.

* بعض من محبيك في ليبيا يقولون إنه غالبا سيتم اتخاذ إجراءات لإسقاط قانون العزل أمام القضاء من خلال الطعن فيه. هل تعول على هذا؟

- هناك كثير من المحامين تقدموا بطعون. وسمعت أن مجلس حقوق الإنسان تقدم بطعن أو سيتقدم بطعن في هذا القانون لأنه غير دستوري، وصودق عليه تحت الإكراه، وأنه مخالف حتى للإعلان الدستوري ذاته الذي استند إليه القانون. نحن في تحالف القوى الوطنية طعنا في التزوير الذي حدث، ولم نطعن في القانون الذي صدر، وارتضينا به، ولا نريد أن نطعن فيه، لكن ما طعنا فيه هو تزوير إرادة الـ200 ناخب (من أعضاء المؤتمر الوطني) باعتبارهم ممثلين للشعب الليبي. التصويت (على القانون) تم على نسخة معينة جرت قراءتها وشاهدها الليبيون على شاشات التلفزيون، واستمعوا لها بصوت واضح. أما النسخة التي صدرت عن المؤتمر مكتوبة وموقعة ومختومة فمخالفة، حيث تم التزوير في 14 نقطة.

* عن أي شيء تدور هذه النقاط؟

- يبدو أن بعضا ممن اقترحوا القانون رأوا بعد التصويت عليه، أنه قد لا ينطبق على محمود جبريل، فجاءوا للمادة الأولى، (حيث) هناك نص يقول «من المشمولين بالعزل أمانة مؤتمر الشعب والأجهزة والمؤسسات التابعة له ومجلس الوزراء أو ما كان يسمى باللجنة الشعبية العامة والأجهزة والمؤسسات التابعة له»، ثم يبدو أنهم وجدوا أن هناك مسميات إدارية أخرى. هناك مؤسسات ومصالح ومجالس وأجهزة. وما كنت أرأسه أنا في الدولة الليبية هو مجلس التطوير الاقتصادي، أو مجلس التخطيط؛ فكلمة «مجلس» لم تكن متضمنة في المؤسسات التابعة لهذين المكانين (اللجنة الشعبية العامة، ومجلس الوزراء)، فأضافوا كلمة «المجالس» و«المصالح»، حتى إنهم أضافوها بخط اليد. واستبدلت كلمة «دولية» بكلمة «خارجية»، (في إشارة إلى المشمولين بالعزل الذين عملوا في تنظيمات)، أي كل من كان ينتمي إلى تنظيم دولي ويمارس العنف. فمثلا جماعة الإخوان المسلمين هي تنظيم دولي، وفي هذه الحالة من ينتمون لهذا التنظيم، أو أي تنظيم آخر غير جماعة الإخوان المسلمين، ما دام هو تنظيم دولي وله أتباع أو أعضاء في ليبيا، سيشملهم هذا القانون. فرأوا استبدال كلمة «دولي» بكلمة «خارجي» أي «تنظيم خارجي» حتى يدفع كل منهم بأنه (تنظيم) داخل البلاد وليس خارجها. التزوير هنا واضح، ونحن تقدمنا ببلاغ إلى النائب العام وأملنا كبير في أن النائب العام لا بد أن يتصدى لهذا التزوير لأن هذا جناية.