انتقادات حادة للمسودة الرابعة للدستور في تونس

المعارضة تتهم البرلمان بتمرير دستور يخدم مصالح «النهضة»

مصطفى بن جعفر
TT

تصطدم المسودة الرابعة من مشروع الدستور التونسي الجديد بانتقادات كثيرة من أحزاب المعارضة داخل المجلس التأسيسي (البرلمان) قد تؤدي حسب خبراء في القانون الدستوري إلى مزيد من التأخير في الاتفاق حول نسخة نهائية تعرض على المجلس للمصادقة في قراءة أولى وثانية. ولم يؤت ختم الدستور من قبل مصطفى بن جعفر رئيس المجلس والإعلان عن ذلك في الأول من يونيو (حزيران) الموافق للاحتفال بعيد النصر في تونس سنة 1955 أكله ولم يساهم في بعده الرمزي في التخفيف من وطأة الانتقادات الموجهة للدستور البالغ عدد فصوله 146 فصلا.

وهدد نواب من المعارضة برفع شكوى إلى المحكمة الإدارية (محكمة تنظر في الخلافات بين التونسيين ومؤسسات الدولة) للطعن في اختصاص هيئة التنسيق والصياغة وإعلان بن جعفر عن المسودة النهائية دون الرجوع للجان التأسيسية. وقالوا أيضا إنهم سيتوجهون بطلب إلى المنصف المرزوقي للامتناع عن ختم مشروع الدستور قبل مناقشته في جلسة علنية تحت قبة المجلس التأسيسي.

ووجهت المعارضة انتقادات حادة للمسودة الجديدة للدستور وقالت: إنها لا تختلف كثيرا عن ظاهرة «البناء الفوضوي» وأضافت أن الكثير من ملاحظات اللجان التأسيسية وتصويباتها لم تؤخذ بعين الاعتبار وتم التغافل عنها عمدا في انتظار تمرير دستور يخدم مصالح حركة النهضة.

وفي هذا الشأن قال عمر الشتوي عضو المجلس التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع الدستور الذي تكلف إلى حد الآن قرابة 33 مليون دينار تونسي (أكثر من 20 مليون دولار أميركي) وسنة ونيف من العمل المتواصل، لم يتضمن فصلا واضحا بين السلطات ولم يؤمن توازنا فيما بينها.

وأضاف الشتوي وهو يشغل أيضا منصب رئيس لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما في المجلس أن الدستور الذي تبناه رئيس المجلس مصطفى بن جعفر وحركة النهضة فيه سيطرة واضحة للحزب الحاكم وانفراد بالسلطة فيما يتعلق بالتعيينات الدستورية وقال: إن الدستور الجديد سيعيد تونس إلى «الحكم المجلسي» وهو في كل الحالات لا يختلف عن طريقة الحكم الحالي ولم يضف سوى مجموعة من الصلاحيات التشريفية لرئيس الجمهورية.

وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي قد أكد بمناسبة ختم الدستور على أن المسودة الرابعة من الدستور تعد «حصيلة عمل شاق ومضن وجدي تواصل طوال 18 شهرا» وقال: إن المشروع الحالي قابل للتحسين وفق ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس وهو مفتوح على كل التفاعلات السياسية على حد تعبيره.

ومن ناحيته أشار مراد العمدوني عضو المجلس التأسيسي عن حركة الشعب المعارضة في تصريحات محلية إلى انقلاب حركة النهضة على كل التوافقات السابقة حيث لم يتضمن مشروع الدستور الفصل 27 المتعلق بتجريم التطبيع مع الصهيونية ورحل الفصل بأكمله على حد قوله إلى توطئة الدستور رغم موافقة أعضاء المجلس على مضمونه بالأغلبية. وأشار إلى الفصل 30 المتعلق بحرية التعبير والإبداع والإعلام والنشر وقال: إنه تعرض للتغيير وتم تمرير مقترح حركة النهضة الذي كان محل خلاف كبير مع المعارضة التي لن توافق على مشروع دستور جاهز على حد تعبيره.

وقال الحبيب خضر القيادي في حركة النهضة، المقرر العام للدستور لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتفهم تحفظ بعض الأطراف عما ورد في المسودة الجديدة للدستور. وأضاف أن كل نائب بالمجلس من حقه أن يتحفظ عن محتوى الدستور ولكن «الإجماع حول محتوى الدستور مطلب مستحيل» على حد تعبيره. وأشار إلى أن اللجان التأسيسية واصلت نظرها في مشروع الدستور بالأمس واليوم وستودع المشروع بمكتب الضبط على أن يعرض على الجلسة العامة بعد 15 يوما من تاريخ الإيداع لمناقشته.