مصدر أميركي: إنجاح «جنيف2» يتطلب تذليل العقبات بين موسكو وواشنطن وعدم إغفال أي تفصيل

اتهم كتائب «الحر» بتجميع الأسلحة تحضيرا لمعركة ما بعد الأسد

أطفال يلعبون في حوض ماء فارغ في حمص (رويترز)
TT

قال مصدر أميركي رفيع المستوى إن الاجتماع الثلاثي في مدينة جنيف السويسرية أول من أمس، الذي ضم إلى جانب الولايات المتحدة كلا من روسيا والأمم المتحدة، كان «مثمرا» مضيفا أن الدعوات لحضور مؤتمر السلام الخاص بسوريا لن تصدر إلى بعد الاتفاق على جميع التفاصيل الإجرائية المتعلقة بنقل صلاحيات الرئيس بشار الأسد إلى حكومة انتقالية تحظى بـ«قبول من جميع الأطراف».

وعن أسباب تأجيل «جنيف2»، قال الدبلوماسي الذي كان يتحدث مع مجموعة من مراسلي الصحف العربية من بينها «الشرق الأوسط»، إن هدف المؤتمر هو الخروج بسوريا من أزمتها الراهنة وفق المبادئ والخطوط التي أقرت في «جنيف1» في الصيف الماضي، وفي سبيل ترجمة هذا الهدف إلى حقيقة على أرض الواقع ينبغي إنجاح المؤتمر بتذليل كل العقبات بين موسكو وواشنطن ونيويورك (الأمم المتحدة) وعدم إغفال أي تفصيل من شأنه أن يعرقل مسار المفاوضات، مضيفا باللغة العربية «يلي أولو شرط آخرو نور».

في غضون ذلك، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيمثل نظام الأسد في «جنيف2». وقال لافروف للتلفزيون الروسي «نواصل أعمالنا مع الحكومة (السورية) التي أعلنت أنها مستعدة للمشاركة في المؤتمر وأن وفدها سيكون برئاسة وزير الخارجية». وشدد مرة أخرى على ضرورة مشاركة إيران في هذا المؤتمر، بالقول: إنه «في هذا الوقت يؤكد شركاؤنا رفضهم القاطع لدعوة إيران (إلى المؤتمر). نعتبر أن هذا خطأ وسنصر على دعوة كل الأطراف التي لها تأثير على الوضع (في سوريا) إلى طاولة المفاوضات في جنيف».

وبسؤال المصدر الأميركي الذي التقته «الشرق الأوسط» في مقر السفارة الأميركية في لندن عن الموقف من حضور إيران لـ«جنيف2»، أخرج الدبلوماسي من حقيبته البيان الختامي لـ«جنيف1» وقال: إن «أي دولة تود حضور مؤتمر السلام الخاص بسوريا فعليها أن تلتزم وتطبق بنود هذه الورقة» ثم قرأ بندا في الصفحة الأخيرة من البيان الموقع بتاريخ 30 يونيو (حزيران) 2012 والقاضي بـ«معارضة أعضاء مجموعة العمل (الخاصة بسوريا) مزيدا من عسكرة الصراع»، متسائلا «من الذي يرسل قواته النظامية إلى سوريا؟.. أليست إيران وعناصر فيلق القدس». وأضاف أن إدارة الرئيس باراك أوباما «تعترض على حضور إيران لأنها لا ترى أي دور إيجابي لطهران في تطبيق توصيات جنيف».

يشار إلى أن المعارضة السورية، ممثلة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والتغيير، ترفض المشاركة في «جنيف2» إلاّ بعد الإقرار صراحة بضرورة تنحي الأسد عن السلطة كمقدمة لبداية المرحلة الانتقالية وتزويد المعارضة بالسلاح الكفيل بتغيير موازين القوى على الأرض، في ظل تقدم نظام الأسد على الأرض واستخدامه المتكرر للأسلحة الكيماوية. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أمس إن باريس نقلت إلى واشنطن «كل المعلومات» التي لديها حول استخدام غاز السارين في سوريا، مضيفا أن النقل تم، عبر الأجهزة المختصة وبالطرق الدبلوماسية، منذ أن طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري من نظيره الفرنسي لوران فابيوس أن يشاطره المعلومات حول استخدام الغاز.

وردا على الاتهامات بالتقصير الموجهة للإدارة الأميركية حيال استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، قال الدبلوماسي رفيع المستوى إن لدى واشنطن «تقديرات استخباراتية باستخدامه لكنها لم تصل بعد لدرجة اليقين» مؤكدا أن «أوباما قال غير مرة إن استخدام الأسد للكيماوي سيكون له نتائج سلبية، لكن لا ينبغي أن نتعجل الأمور. لقد تحركنا في السابق ضد دول بناء على معلومات استخباراتية غير مؤكدة، وقال الأميركيون لاحقا إننا أخطأنا ولا نود تكرار الأمر ذاته في سوريا. ما نحتاجه هو ملف قوي مبني على دلائل ملموسة وحقائق متطابقة لنذهب إلى الرأي العام الأميركي ونقول: إننا يجب أن نتحرك ضد نظام الأسد».

أما فيما يخص مطلب المعارضة السورية بالنص صراحة على تنحي الأسد كمقدمة لبدء المرحلة الانتقالية في سوريا، أكد الدبلوماسي الأميركي أن موقف بلاده «ينطلق من ضرورة تنحي الأسد مباشرة وإفساح المجال للمرحلة الانتقالية» مضيفا أنه لا يعتقد أن القتال سيتوقف في سوريا إلاّ بعد تنحي أو تنحية الأسد عن السلطة. وقال: إن الروس وافقوا على نقل صلاحيات الأسد لحكومة انتقالية، بما في ذلك صلاحيات الجيش والمخابرات، كما أكد أن «الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد كجميل حسن وعلي مملوك وماهر الأسد ورامي وحافظ مخلوف تسببت بالكثير من المشاكل في سوريا، وعليها الرحيل».

وانتقد الدبلوماسي أداء المعارضة المسلحة وتذمرها المستمر حيال عدم وصول السلاح، مشخصا مشكلتين اثنتين يعاني منهما الجيش السوري الحرّ في الوقت الحاضر؛ تتعلق أولاها بتخزين «بعض المقاتلين، وأشدد على كلمة بعض، السلاح تحضيرا لمعارك في مرحلة ما بعد الأسد. لدينا معلومات تفيد بأن السلاح يأتي للثوار، لذا عوضا عن التذمر واتهام الأميركيين بعرقلة الإمداد، أخرجوا ما تختزنوه، وقاتلوا قوات النظام بما لديكم» مضيفا أن تخزين الأسلحة من أجل معارك مستقبلية أمرٌ مقلق للغاية، سواء لناحية الصراع الأهلي المستقبلي أو لناحية عدم القدرة على إسقاط النظام في الوقت الحالي. وتتعلق الإشكالية الثانية، بحسب المصدر الأميركي، بغياب التعاون بين كتائب الجيش الحر، إذ قال: إنه «لدي معلومات عن أن كتائب تقاتل في منطقة معينة، ويطلبون المدد من جيرانهم لكن الأخيرين يرفضون ولا يقاتلون النظام حتى يقدم النظام على مهاجمتهم». متسائلا: «كيف تلومون (الجيش السوري الحر) الأجانب على عدم التعاون معكم وأنتم ترفضون التعاون فيما بينكم؟».

ويرى الدبلوماسي أن حل هاتين المشكلتين يكمن في تقوية اللواء سليم إدريس وهيئة الأركان العامة في الجيش الحر، قائلا: «في الخارج (مبنى السفارة الأميركية في لندن) ستجد تمثالا لدوايت ديفيد أيزنهاور. هذا السياسي والعسكري الأميركي شغل منصب القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. كان هو القائد الوحيد الذي يعطي الأوامر، والجميع كانوا يطيعونه دون تذمر أو شكوى. أشرف على التخطيط والإشراف على العمليات القتالية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا. لم يقل له البريطانيون إنك غير كفء ولم يتذمر الفرنسيون من قيادته. كانت القيادة المشتركة لقوات الحلف الوسيلة الوحيدة للتغلب على ألمانيا النازية» مضيفا: «لا يوجد للأسف مثل هذا الأمر في الجيش السوري الحرّ. على السوريين الارتقاء لمستوى ثورتهم والتعاون فيما بينهم، وهذا أمرٌ لا نستطيع، نحن الأميركيين، تحقيقه لهم».