مصر تتجه لإنشاء خط ملاحي يربط منبع النيل بالبحر المتوسط للحد من آثار «السد الإثيوبي»

خبير مائي لـ «الشرق الأوسط»: فرصتنا في نهر الكونغو

TT

أكدت الحكومة المصرية أنها ستتعاون مع تجمع «النيباد» لدول شرق أفريقيا، لإنشاء أول خط ملاحي يربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط عبر نهر النيل، حيث تم الإعلان رسميا عن تبني منظمة «النيباد» المشروع في القمة الأفريقية التي عقدت في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأكد الدكتور محمد بهاء الدين، وزير الموارد المائية والري، أمس، أن المشروع يهدف إلى تحويل مجرى نهر النيل إلى مجرى ملاحي وتبني فكرة النقل المتكامل الذي يربط دول الحوض، مشيرا إلى أنه يعد من المشروعات التنموية المهمة التي تعتبر ركيزة للتكامل مع دول حوض النيل وخطوة فعالة وكبيرة نحو تفعيل آليات التعاون مع دول الحوض وترجمتها على أرض الواقع. وقالت مصادر رسمية بوزارة الموارد المائية والري، إن الحكومة تسعى للاستفادة من المشروع لضمان التدفق الآمن لمياه النهر من دول حوض النيل الجنوبي بمنطقة البحيرات الاستوائية، للحد من الآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي.

وأثارت إثيوبيا قلقا بالغا في مصر عندما بدأت العمل على تحويل مجرى نهر النيل الأزرق تمهيدا لبناء سد النهضة. وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من مياه النيل، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بنحو أكثر من 10%، وسيؤدي أيضا إلى خفض الكهرباء المولدة من السد العالي.

وقال وزير الري أمس، إن مشروع الخط الملاحي يتضمن مشاركة 9 دول أفريقية هي: مصر وبوروندي وإثيوبيا وكينيا ورواندا والسودان وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا، وسيتم إعلان بدء المشروع يوم غد السبت، بحضور وزراء دول حوض النيل المشاركة في المشروع ومفوضية الاتحاد الأفريقي للبنية التحتية والأمين العام لـ«الكوميسا»، مشيرا إلى أن الهدف من الاحتفال بانطلاق المشروع يأتي في إطار الإعلان الرسمي عن بدء المشروع ومناقشة الموضوعات الفنية، إلى جانب حث الجهات المانحة على تقديم الدعم لهذا المشروع المهم، وكذلك تسمية أعضاء من الدول المشاركة في المشروع لعضوية اللجنة الفنية الدائمة المسؤولة عن الإشراف على الدراسات ذات الصلة بالمشروع وأنشطة التمويل والتنفيذ.

وفي السياق نفسه، قال الدكتور فرانك هابينيزا، المنسق الوطني لحزب الخضر برواندا، خلال لقائه الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى المصري، أمس، إن «تأخر مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل لحلول واقعية وسلمية لمشكلة سد النهضة من خلال التفاوض والتعاون الحقيقي - سوف يشكل خطرا على السلم العالمي».

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد علي سليمان، الخبير الدولي في مجال المياه بمصر، إن ما يحدث في قضية المياه يؤكد وجود تحرك إسرائيلي دائب بدول حوض النيل، خصوصا إثيوبيا للتأثير على حصة مصر من مياه النيل وإثارة القلاقل بشأن المياه، خاصة بعد أن لمح الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بأنه سيمد إسرائيل بالمياه، (إبان معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية) ولكن لم يحدث ذلك، مشيرا إلى أن إصرار الجانب الإثيوبي على المضي في بناء مشروع سد الألفية بالمواصفات الحالية، سيقود حتما إلى نتائج خطيرة تمس الأمن القومي لكل من السودان ومصر.

وذكر تقرير اللجنة الفنية المشتركة الذي تسلمته الحكومات الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) إن «معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات التي لا ترقى لمستوى مشروع بهذا الحجم على نهر عابر للحدود»، وإن «الجانب الإثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتي المصب».

وأكد الدكتور سليمان عدم قدرة السد الإثيوبي على تحمل ضغط المياه الضخمة التي سوف تحتجز خلفه والتي تصل إلى نحو 74 مليار متر مكعب من المياه، ومن ثم فقد ينهار في أي وقت وعندها ستحدث الكارثة حيث سيغرق شمال السودان وجنوب مصر.

وتابع أن هذا السد لن يطول عمره، حيث يتراوح عمره الافتراضي ما بين 25 و50 عاما نتيجة الإطماء (تراكم الطمي) الشديد (420 ألف متر مكعب سنويا)، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، ومن ثم تزيد فرص تعرض السد للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية، وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق التي تصل في بعض فترات العام خلال شهر سبتمبر (أيلول) إلى ما يزيد على نصف مليار متر مكعب يوميا، وهو الأمر الذي يهدد بتدمير معظم القرى والمدن السودانية خاصة الخرطوم، كما أن من شأنه زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان.

وقال سليمان، إن أمام الرئيس محمد مرسي فرصة كبيرة الآن للرد على السد الإثيوبي بالبدء فورا في لإجراءات يذية لمشروع سد الكونغو الذي اتفق عليه في السابق بين مصر والسودان والكونغو، عن طريق ربط نهر الكونغو ببحيرة صر (بحيرة السد العالي جنوب مصر) لمسافة 600 كم بارتفاع 200 متر، وهو ما سيوفر لمصر 95 متر مكعب من المياه في لعام، وسوف يؤمن الحصول على طاقة كهربائية بقدرة 18000 غ أي رة أ السد العالي.