الرئيس اللبناني يسلم بلامبلي مذكرة بالاعتداءات السورية ضد لبنان

مصادر سليمان: وزير الخارجية امتنع مرارا عن تقديم شكوى

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة خلال اجتماعه بالرئيس سليمان أمس (رويترز)
TT

سلم الرئيس اللبناني ميشال سليمان الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، مذكرة بالخروق والاعتداءات ضد الأراضي اللبنانية من الأطراف المتصارعة في سوريا كافة، لرفعها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتوزيعها بوصفها وثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.

والتف الرئيس سليمان بهذه الخطوة على تلكؤ وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور عن الامتثال لطلب وجهه إليه سليمان مرارا لناحية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن على خلفية الانتهاكات السورية للسيادة اللبنانية، من قبل النظام والمعارضة السورية في آن معا.

وقالت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أمس إن سليمان «طلب من وزير الخارجية أن يقدم شكوى بشأن الانتهاكات السورية مرات عدة، لكنه امتنع عن ذلك، ما دفع بالرئيس إلى أن يوجه مذكرة مباشرة إلى بان كي عبر ممثله الشخصي في لبنان، تتضمن إشارة إلى كل الخروقات من كل الأطراف المعتدية على السيادة اللبنانية، لإبلاغ الأمم المتحدة بها».

وتلقى مواقف منصور، التي تشذ في المحافل العربية عن الموقف الرسمي اللبناني القاضي «بالنأي بالنفس» تجاه أزمة سوريا، انتقادات لاذعة من قبل فريق 14 (آذار). ويضطر الرئيس اللبناني ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مرات عدة إلى التعقيب على مواقف منصور والتأكيد على التزام لبنان سياسة «النأي بالنفس».

وفي حين تعذر التواصل مع وزير الخارجية اللبناني أمس، نقلت وكالة المركزية الخاصة في لبنان عن مصادره قولها تعليقا على خطوة سليمان إنها «ليست شكوى بل رسالة تبليغ على غرار الرسالة التي بعث بها مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إثر كشف باخرة «لطف الله 2»، التي لم تتخذ آنذاك طابع الشكوى.

ونقلت الوكالة عن «مصادر سياسية مطلعة» قولها إن خطوة سليمان جاءت في توقيت سياسي دقيق ولم تسلك القنوات الدبلوماسية المفترضة بعدما تبين أن وزير الخارجية والمغتربين لم يلب الطلب الرئاسي المتكرر، على رغم من أن الخروقات السورية طالت عمق البلدات اللبنانية وتسببت بسقوط قتلى وجرحى. وأكدت مصادر المركزية أن الرئيس اللبناني استخدم حقه الدستوري في مخاطبة العالم والتحدث المباشر باسم الدولة اللبنانية، ملاحظة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ينأى بنفسه عن هذا الملف متجنبا الاصطدام مع أي فريق سياسي.

وكان منصور قد أعلن، في حديث لقناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله قبل أيام، أنه لن يسمح بما سماه «استعداء الشقيق وتقريب العدو»، ولمح إلى أن الشكوى ضد سوريا «لم ولن تقدم»، موضحا أنه «لا يزال يدرس هذا الأمر من كل جوانبه لاتخاذ القرار المناسب». وقال: «لا نريد أن نذهب بعيدا في هذه المسألة، خصوصا أن الأحداث التي تحصل اليوم أصبحت متشابكة ولا يمكن تحميل فريق دون آخر المسؤولية»، نافيا وجود أي خلاف مع سليمان ومؤكدا على «التواصل الدائم مع الرئاسة الأولى». وأشار إلى أن «الإشكاليات والظروف التي تحصل مع الأشقاء يمكن معالجتها بالطريقة الودية التي تمتص هذه الخلافات والإشكالات»، مؤكدا أنه لن يذهب بعيدا لتصفية حساب معين أو لتلبية مطالب جهة معينة فهذا قد يترك آثارا وتداعيات بالمستقبل.

من جهة أخرى، ألغت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون لقاء كان مقررا على جدول أعمال لقاءاتها في بيروت أمس، حيث كان من المقرر أن تستهل زيارتها بلقاء منصور عند الثامنة إلا ربع، من دون أن تحدد أسباب إلغاء زيارتها. كما نقلت وسائل إعلام لبنانية أنها ألغت لقاء كان مقررا مع الرئيس المكلف تمام سلام بسبب ضيق الوقت، لكن مراجعة جدول أعمال لقاءات آشتون الموزع أول من أمس لم يشتمل على أي موعد محدد مع سلام. ونفت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» علمها بأسباب إلغاء الزيارة بينما رجحت مصادر مراقبة أن يكون ضيق الوقت هو السبب باعتبار أن لقاء منصور يحل في الترتيب الأخير لمستوى اللقاءات في بيروت.

وكانت آشتون قد التقت سليمان وأكدت له وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان ودعمه، ناقلة تأييد الاتحاد للدور الذي يقوم به للحفاظ على الاستقرار ومنع تداعيات الأزمة السورية على لبنان ودعوة الفرقاء اللبنانيين إلى التزام إعلان بعبدا.

وأبدت آشتون أملها في قيام حكومة لبنانية تكون قادرة على مواكبة المرحلة المقبلة بكل تحدياتها، موضحة أنها ستسعى من أجل زيادة المساعدات للبنان على صعيد النازحين السوريين وكذلك نقل الاقتراحات اللبنانية الآيلة إلى التخفيف من أعباء النزوح إلى لبنان.

وفي السياق ذاته، التقى سليمان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رئيس حكومة البرتغال السابق أنطونيو غوتيريز، وبحث معه خلال اللقاء، مساعدة لبنان في التقديمات للاجئين والنازحين الفلسطينيين من سوريا بعدما بات الوضع ضاغطا ويشكل عبئا على الدول المضيفة وفي طليعتها لبنان الذي بات عدد النازحين واللاجئين يشكل ثلث عدد سكانه.

وقال غوتيريس، الذي أطلق ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس نداء لجمع مبلغ قدره 1.7 مليار دولار أميركي من أجل لبنان، إن «لبنان والدول المجاورة الأخرى بحاجة إلى دعم هائل للتمكن من الاستمرار في استقبال وتقديم المساعدة إلى العدد الكبير من النازحين والحفاظ على استقراره». واعتبر أنه «من المهم جدا دعم المنظمات الإنسانية، غير أن تقديم الدعم إلى الحكومة والوزارات المعنية والمجتمعات المحلية لا يقل أبدا أهمية».