توافق جنبلاط ـ بري يضع البرلمان اللبناني أمام التمديد الحتمي

مصدر قانوني: استمرار عضوية المتغيبين عن جلسات «الدستوري» التفاف على القانون

وليد جنبلاط و نبيه بري
TT

تعذر انعقاد المجلس الدستوري، أمس، للمرة الثالثة على التوالي، للبت بالطعنين المقدمين من الرئيس اللبناني ميشال سليمان وكتلة النائب ميشال عون بشأن تمديد ولاية البرلمان اللبناني 17 شهرا. وعلى غرار الجلستين السابقتين، أطاح عدم اكتمال نصاب الجلسة الثالثة بسبب تغيب 3 أعضاء؛ شيعيان محسوبان على رئيس مجلس النواب نبيه بري ودرزي محسوب على رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، بقرار سياسي توافقي بين الطرفين، بأي أمل في إجراء الانتخابات النيابية في المدى القريب، وجعل التمديد واقعا حتميا لمجلس كان يُفترض أن تنتهي ولايته بعد غد، وهو الموعد الذي حدد لانعقاد الجلسة المقبلة.

وجاء الاعتراض الشعبي على «تسييس» السلطة القضائية، من قبل بعض الجمعيات المدنية التي اعتصم ممثلوها أمام مقر المجلس ورشقوا مدخله بالبندورة (الطماطم)، معتبرين أن لبنان يشهد انتهاء شرعية المجلس الدستوري بعدما سبقه إلى ذلك المجلس النيابي. ودعا المعتصمون في بيان لهم إلى البدء باستعادة المجلس النيابي، غدا (الخميس)، لاستعادة الوطن الذي سلبته الطبقة السياسية الحالية من المواطنين.

وفي حين أسفت مصادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان لما آلت إليه الأمور في المجلس الدستوري، في وقت يجب أن تكون فيه السلطة القضائية غير مسيّسة، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن موقف سليمان حيال هذا الموضوع لم يتغير منذ اللحظة الأولى؛ إذ في رأيه كان يفترض على الأعضاء الحضور والاعتراض على الطعن، وصف مصدر قانوني مطلع لـ«الشرق الأوسط» ما يحصل في المجلس الدستوري، لا سيما لجهة استمرار عضوية القضاة الثلاثة المتغيبين، بـ«الالتفاف على القانون».

وأوضح أن «امتناع الأعضاء عن حضور الجلسات يفقدهم عضويتهم في المجلس، وهو ما أدّى إلى عدم اكتمال النصاب للمرة الثالثة على التوالي». وقال إنه «لا يمكن للمتغيبين تبرير مخالفتهم بعدم انعقاد الجلسة، لأن العبرة بالدعوة للجلسة وليس بانعقادها».

وحول مصير التمديد، أشار المصدر إلى أن «عدم اتخاذ المجلس الدستوري قراره بشأنه، لا كليا ولا جزئيا، وضع قانون التمديد في دائرة التنفيذ».

وفي السياق عينه، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «ما يحدث في المجلس الدستوري هو طعنة كبيرة لمؤسسات الدولة»، بينما قال النائب في الكتلة نفسها زياد القادري: «نحن منسجمون مع قرارنا الذي عبرنا عنه في التصويت حول التمديد بمعزل عن مدة التأجيل لإجراء الانتخابات، ولكن تمسكنا بهذا الموقف لناحية التمديد لا يعني رضانا عن سقوط المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الأخرى». وطالب القادري بانعقاد الجلسة واكتمال النصاب في المجلس الدستوري، ولتذهب بعد ذلك إلى النقاش، ونحن في تيار المستقبل نحترم النتيجة أيا كانت».

من جهته، رأى عضو جبهة «النضال الوطني» الوزير وائل أبو فاعور أن «قبول الطعن يعني الدخول في دوامة سياسية كبرى وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، بحيث يعيد مجلس النواب التمديد لفترة أقصر، ثم تحول الظروف دون إجراء الانتخابات وهكذا دواليك»، لافتا إلى أن «المجلس الدستوري لا ينظر في دستورية التمديد فقط، بل في الظروف السياسية المرافقة له».

في المقابل، نفى النائب في كتلة حزب الله وليد سكرية المعلومات التي أشارت إلى خلاف بين حزب الله والنائب ميشال عون، على خلفية الطعن لدى المجلس الدستوري. واعتبر سكرية أن ما يجمع التيار «الوطني الحر» وقوى «8 آذار» أكثر مما يفرقهم، ويجمعهم استراتيجيات أكثر من عملية إجراء الانتخابات، معربا عن اعتقاده بأن «لقاء سيحصل مع (الوطني الحر) فيما خص الطعن كي تتضح الأمور».

بدوره، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الجميع لتحمل مسؤولياتهم، والتأكيد على الثوابت الوطنية والدستورية التي يجب الانطلاق منها بالعمل السياسي لخدمة لبنان وشعبه. وسأل الراعي: «هل كان أحد يحلم بأن قضاة أقسموا على حماية الدستور يتغيبون عن المجلس الدستوري بسبب السياسة؟»، موضحا أن «النزاع بين قوى 8 و14 آذار يخرب لبنان وكيانه وسيادته، فلا يجوز التدخل في سوريا من دون مؤاخذة ضمير، ولا يجوز أن تأخذ فئات قرار الحرب والسلم، ولا يجوز تفتيت المؤسسات كما يجري اليوم».

وفي حين لا يزال موضوع تشكيل الحكومة مغيبا قسرا بانتظار مصير التمديد، مع ما يرافق ذلك من اختلاف بين الفرقاء السياسيين، لناحية المطالب الوزارية، تسلم سليمان أمس من وفد يمثل قوى 14 آذار برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النيابية، مذكرة تتضمن رؤية هذه القوى للواقع الراهن على الساحة اللبنانية، والانعكاسات المتأتية عن الأزمة السورية في الداخلين اللبناني والسوري. وضمت المذكرة 3 بنود رئيسة، تنص على «الطلب إلى حزب الله الانسحاب الفوري والكامل من القتال في سوريا، ونشر الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية والشرقية وطلب مؤازرة (يونيفيل)، وإعمال حكمة وشجاعة رئيس الجمهورية لإنقاذ لبنان، والعمل على قيام حكومة تتبع نهج الحياد والانحياز للمصلحة الوطنية العليا، ويكون إعلان بعبدا في برنامجها».

وشدد سليمان بعد تسلمه نص المذكرة على أهمية «المصالحة والحوار وأهمية تلاقي اللبنانيين كي يتجاوز الوطن المحن والتحديات التي يواجهها»، لافتا إلى «روح التعاون التي يجب أن تسود».

وقال السنيورة إن المذكرة «تتضمن معضلتين؛ الأولى هي الخروقات السورية الرامية إلى توسيع رقعة حربه للبنان، والثانية هي سلاح حزب الله». وطلب السنيورة من سليمان «الطلب من حزب الله إنهاء وجوده العسكري فورا من سوريا لأن وجوده هناك يشكل خرقا للدستور اللبناني وللمواثيق العربية والدولية»، داعيا إياه إلى «ضبط الحدود والمعابر ونشر الجيش اللبناني وطلب مساعدة القوات الدولية من أجل ضبط الحدود والمعابر».

ودعا إلى «تشكيل حكومة محايدة لوقف الانهيار على أن يكون إعلان بعبدا البيان الوزاري الوحيد لها». وأضاف: «يقولون إن تيار المستقبل يشارك في القتال في سوريا فليقدموا لنا اسما واحدا ودليلا واحدا على ذلك».