وزير الإعلام الكويتي: حكم المحكمة الدستورية بإبطال انتخابات مجلس الأمة رسخ مفهوم دولة المؤسسات

الشيخ سلمان الحمود يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن الحكومة شرعت في تنفيذه

الشيخ سلمان الحمود
TT

أكد وزير الإعلام الكويتي وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح التزام الحكومة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية القاضي بإبطال انتخابات مجلس الأمة، معتبرا الحكم بأنه رسّخ مبدأ دولة المؤسسات، وأن السلطات الثلاث تقف على قدم المساواة فيما بينها بموجب الدستور، كما بسط رقابة المحكمة الدستورية على مراسيم الضرورة، وهو ما جاء في حيثيات الحكم الذي حصّن مرسوما لوجود حالة الضرورة، وأبطل آخر لانتفاء وجود الضرورة، معتبرا ذلك مكسبا مهما للكويت.

وأضاف الشيخ سلمان الحمود في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» يعد الأول من نوعه لمسؤول حكومي رفيع المستوى، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، الأحد الماضي، والقاضي بإبطال انتخابات مجلس الأمة، أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الحكم، وأن مجلس الوزراء بادر بتنفيذ الحكم بعد تحديده الخميس 27 من شهر يوليو (تموز) المقبل موعدا للانتخابات النيابية المقبلة، عقب اجتماع استثنائي عقدته الحكومة، أول من أمس.

وبين وزير الإعلام الكويتي أن الحكومة حددت موعد الانتخابات المقبلة، اتساقا مع الدستور وضمن المهلة القانونية لذلك، لتأكيد التزامها بالدستور وعدم رغبتها في اتخاذ أي إجراء تباينت حوله وجهات نظر الخبراء الدستوريين القانونين، معتبرا أن توقيت خطاب أمير البلاد عشية إصدار قرار المحكمة الدستورية وإعلانه احترام هذا القرار، بين أن لا سلطة تعلو على سلطة العدالة، مما يعد انتصارا للديمقراطية، ويحق لكل كويتي أن يفخر به، كما عبر عن اعتزازه بمواقف المواطنين الذين تحملوا مسؤولياتهم وعبروا عن آرائهم، والتمس العذر لمن أخذه الحماس فانحرف عن جادة الحق والصواب.

وعبر الشيخ سلمان الحمود عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة، وتجاوز المرحلة الماضية، فالمرحلة المقبلة هي مرحلة عمل سيقوم به كل الأطراف لتنمية الكويت، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

* ما تعليقكم على حكم المحكمة الدستورية القاضي بإبطال مجلس الأمة للمرة الثانية خلال عام؟

- لقد أكد حكم المحكمة الدستورية الصادر الأسبوع الماضي مبدأ دولة المؤسسات، وأن القضاء هو الفيصل في المسائل الخلافية، ولو تمعنا في الحكم لوجدنا أنه أصّل مبدأ مهما، وهو بسط رقابة المحكمة الدستورية على مراسيم الضرورة، وهو ما جاء في حيثيات الحكم الذي حصن مرسوم لوجود حالة الضرورة، وأبطل آخر لانتفاء وجود الضرورة، وهذا مكسب مهم للكويت التي تعيش تحت ظل دستور أكد في أكثر من مرة أنه هو المخرج لكل أزماتها، وأنه هو المرجع لكل أعمالها وسلطاتها، كما أن بسط المحكمة الدستورية لرقابتها على مراسيم الضرورة، يؤكد أن الكويت دولة مؤسسات تقف جميع سلطتها الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية على قدم المساواة فيما بينها، ولا يمكن أن تطغى فيها سلطة على أخرى، وهذا المبدأ هو الذي يبين مدى التوازن بين السلطات، وهو ما يعزز الاستقرار والضمانة التي تكفل لجميع الأطراف حقوقهم، ولقد برهنت المحكمة الدستورية عن كامل استقلاليتها، وقضت بما ما يمليه عليها ضميرها والقواعد الدستورية بعيدا عن أي تأثير سياسي، وهذا ضمانة حقيقية ومكسب مهم للكويت ونظامها الدستوري.

* ما الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لضمان عدم ارتكاب أي أخطاء تعرّض هذه الدعوة للطعن؟

- بإعلان مجلس الوزراء تحديد يوم الخميس 25 يوليو (تموز) المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجلس الأمة، تكون الحكومة طبقت حكم المحكمة الدستورية بإبطال انتخابات مجلس الأمة التي جرت أول ديسمبر (كانون الأول) الماضي تكون الحكومة اتخذت أول إجراءات تطبيق الحكم الذي صدر يوم 16 يونيو (حزيران) الحالي، وإعلان موعد الانتخابات خلال مدة الشهرين المنصوص عليها بموجب المادة 107 من الدستور، كما سيصدر بعدها مرسوم لفتح باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة، ولا يخفى عليكم أن المادة 107 من الدستور تنص على أن «لأمير البلاد أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى»، وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجرِ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد، وهذه المادة على الرغم من أنها هي المرجع لآلية حل مجلس لأمة ومواعيد إجراء الانتخابات، فإننا، ونظرا لكوننا أمام سابقة مفادها أن المحكمة الدستورية هي التي قضت بإبطال المجلس وانعدام ما ترتب على من آثار، فقد كان هناك تباين ملحوظ في وجهات النظر الدستورية والقانونية حول موعد عقد الانتخابات المقبلة والمدة الواجب إجراء الانتخابات خلالها، وهي شهران، وهل تحتسب المدة من تاريخ نطق الحكم أم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وهو ما دفع الحكومة لاتخاذ القرار بإجراء الانتخابات خلال مدة الشهرين من تاريخ نطق الحكم، وهو ما تم يوم الخميس (أول من أمس)، بإعلان مجلس الوزراء يوم الخميس 25 يوليو (تموز) المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المقبلة.

* ذكر أمير البلاد في خطابه بعد صدور حكم المحكمة الدستورية أنه لا غالب ولا مغلوب، وأن الكويت هي التي انتصرت؛ فما تعليقكم على ذلك؟

- إن توقيت خطاب أمير البلاد عشية إصدار قرار المحكمة الدستورية وإعلانه احترام هذا القرار بين أنه لا سلطة تعلو على سلطة العدالة، ودعوته الجميع إلى وضع الأمور في إطارها الصحيح، حيث يحرص أهل الكويت عند اختلافهم على الاحتكام إلى القضاء والالتزام بالقنوات والأطر الدستورية، مما يعد انتصارا للديمقراطية ويحق لكل كويتي أن يفخر به، كما دعا الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى استخلاص العبر من هذه التجربة، التي لم تكن معركة فيها منتصر ومغلوب، بل إن الكويت هي المنتصرة، كما أنه عبر عن اعتزازه بمواقف الإخوة المواطنين الذين تحملوا مسؤولياتهم، وعبروا عن آرائهم وتوجهاتهم، في المقابل ألتمس العذر لمن أخذه الحماس فانحرف عن جادة الحق والصواب، وأكد أنه لا يحمل ضغينة أو حقدا على أحد، وهذا الموقف التاريخي نابع من تراثنا وسمات مجتمعنا القائمة على التسامح والانفتاح وتعاطف وتلاحم الحاكم مع شعبه، كما حذر من المظاهر المستنكرة التي تحمل نفسا طائفيا بغيضا يشعل نار التعصب والفتنة، وأكد على التنمية التي تحتاج إلى استقرار وحذر من العواصف التي تزمجر حولنا، وأعلن أن أولوياتنا هي حماية وطننا من شرور الكوارث المحيطة بنا، وأن أمن الكويت واجب مقدس لا تهاون فيه، هذه المواقف الواضحة من صاحب الأمير لا بد أن تقابل بموقف شجاع ومسؤول من جميع الكويتيين، فالانتصار الذي تحدث عنه أمير البلاد هو انتصار المؤسسات، وأتمنى أن يتلقف الجميع هذه الرسالة التاريخية في توقيتها وموضوعها، ويبادروا إلى رد التحية بالمثل، وإعادة بناء الثقة بين الشعب ومؤسساته الدستورية، والالتزام بما جاء في دستورنا حفاظا على استقرار الكويت وتحقيقا لتطورها، ولقد أكد أمير البلاد سمات الشعب الكويتي في الحوار والانفتاح وتراث الكويت في التلاحم بين الحاكم وشعبه والاحتكام إلى المؤسسات والقضاء في حل الاختلافات، وأكد أنه لا يحمل ضغينة ضد أي كان انطلاقه من موقعه الأبوي والمؤتمن على استقرار الكويت، من هنا، فإن أبواب أمير البلاد كانت دائما مفتوحة لكل الأطراف للتشاور والمساهمة في بناء الوطن.

* هل تتوقعون مشاركة أفضل في الانتخابات المقبلة؟

- الكويت بلد ديمقراطي ويمكن لأي مواطن أن يعبر عن رأيه السياسي ضمن احترام الدستور والقوانين، وبالتالي يحق لأي شخص المشاركة في أي انتخابات أو مقاطعتها طالما أنه يعبر عن رأيه بطريقة حضارية ومسالمة. واليوم، بعد حكم المحكمة الدستورية الذي حصّن الصوت الواحد، وتأكيد المحكمة في حيثيات حكمها على عدة إيجابيات الصوت الواحد، فإن المشاركة مطلوبة لتعزيز مبدأ الاستقرار والدفع بالتنمية بعدما رأينا مدى التعاون بين الحكومة والمجلس خلال المجلس المبطل وحرص الإخوة النواب وقتها على إقرار التشريعات التي تساهم في تحسين البيئة التشريعية وتطويرها، والموافقة على الاتفاقيات الدولية الثنائية بين الكويت ودول العالم، الأمر الذي ساهم في تعزيز دور ومكانة الكويت داخل المجتمع الدولي، ولا يخفى على أحد أن هناك قوى معارضة أعلنت قبل صدور حكم المحكمة الدستورية رفضها خوض الانتخابات، حتى وإن حصنت الصوت الواحد، كما أعلن بعد صدور الحكم آخرون مقاطعتهم الانتخابات، ومثلما هناك أطراف أعلنت مقاطعتها للانتخابات الماضية، كانت هناك أطراف أخرى سبق لها مقاطعة الانتخابات الماضية، إلا أنها أعلنت أنها ستشارك في الانتخابات المقبلة انسجاما مع حكم المحكمة الدستورية، واليوم، فإن الثابت على الأرض أن المحكمة الدستورية بسطت رقابتها على مراسيم الضرورة، وحصنت مرسوم الصوت الواحد، بل وأكدت إيجابيات هذا المبدأ الذي ينسجم مع النظام الديمقراطي، ويسمح بتمثيل آلية، ولا يمكّن الأغلبية من السيطرة على المجلس.

* ما الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة؟

- أريد أن أنتهز هذه الفرصة للتأكيد من جديد أن الحكومة على الرغم من أداء واجبها الذي يفرض عليها الدعوة إلى أكبر مشاركة ممكنة تعزيزا للديمقراطية واحتراما للدستور والقوانين، إلا أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين أو المقاطعين، وتحترم التنوع واختلاف الآراء، وتحرص على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وفق المعايير الدولية المعتمدة، تحت إشراف السلطة القضائية، ونحن هدفنا أن نخدم الناس ونكون على مسافة واحدة منهم، ونقوم بواجبنا الذي كفله الدستور حفاظا على مصالحهم، ويبقى لهؤلاء الناس أن يحددوا خياراتهم، وكلي ثقة من وعي ورقي الشعب الكويتي وتحليه بروح المسؤولية، وعدم استعداده للتخلي عن المسار الديمقراطي، الذي كفله له نظامنا الديمقراطي.

* كيف تقيّمون أداء الإعلام الكويتي وسط جو مشحون بالطائفية وتداعيات إقليمية؟

- الإعلام الكويتي أكد في أكثر من مناسبة قدرته على تحصين الوحدة الوطنية في البلاد، والحكومة ترفض المساس بأيّ من مكونات المجتمع الكويتي، وسبق لي في أكثر من مناسبة أن بينت أن الإعلام الكويتي تميز بتحمل المسؤولية، وهو قادر على أن يكون شريكا أساسيا في تحصين هذه الوحدة الوطنية، وأن وسائل الإعلام المحلية بمختلف أنواعها تقف أمام مسؤولية تاريخية لحماية وصيانة أمن الوطن، فوحدتنا الوطنية غير قابلة لأي مزايدات أو مغامرات أو تصرفات فردية غير مسؤولة، الحكومة حريصة على حماية الوحدة الوطنية التي تعتبر خطا أحمر، لا مجال للعبث بها، ولا يخفى عليكم أن الكويت تتابع بألم ما يجري من تطورات متسارعة في المنطقة، لكننا بالتأكيد مطمئنون على وحدتنا الوطنية لأن مجتمعنا متماسك وحريص على العمل ضمن الأطر الدستورية ومبدأ احترام دولة المؤسسات وما يحدث أو يصدر من أي طرف يسيء لهذه المبادئ فسيتحمل المسؤولية كاملة، ولن تتوانى وزارة الإعلام في اتخاذ الإجراءات الحازمة، تجاه كل من يحاول المساس بوحدتنا الوطنية.

* كيف ترون المرحلة المقبلة؟

- أنا متفائل بالمرحلة المقبلة، فالمواطنون يعون أهمية دورهم واحتياج بلدنا لكل جهد يقدم لرفعتها وازدهارها، وتجاوز المرحلة الماضية والنظر بتفاؤل لبلدنا الذي ينتظر منا الكثير، والرغبة في الإنجاز، فالمرحلة المقبلة هي مرحلة عمل سيقوم به كل الأطراف لتنمية الكويت، تحت قيادة الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد، وولي عهده الشيخ نواف الأحمد، وبمتابعة من رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك وأعضاء الحكومة.