الشرطة التركية تعتقل 20 شخصا في أنقرة بشبهة الانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

المحتجون يواصلون تحركهم في عشرات المواقع الخضراء بإسطنبول

أتراك يتفرجون على تجمع احتجاجي في حديقة كوغولو بأنقرة أمس (أ.ب)
TT

اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب التركية 20 شخصا في مداهمات نفذتها في أنقرة أمس على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء البلاد التي بدأت في نهاية مايو (أيار) الماضي حين استخدمت الشرطة القوة ضد نشطاء يعارضون خطط إعادة تطوير متنزه بوسط إسطنبول. وتحول الاحتجاج إلى مظاهرات أوسع ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحكومته.

وقالت شبكة «سي إن إن. ترك» إن الشرطة داهمت نحو 30 عنوانا في العاصمة مستهدفة أشخاصا يشتبه في أنهم أعضاء في تنظيم إرهابي لم تحدده. وكان أردوغان قال إن المظاهرات يستغلها «إرهابيون». وحسب شبكة «سي إن إن. ترك» فقد نفذت الشرطة العملية بعد أن حددت هوية الأشخاص الذين هاجموا ضباطا وشركات وممتلكات العامة. وقال متحدث باسم الشرطة في أنقرة إن إدارته ليست لديها معلومات بشأن المداهمات.

وخفت حدة المظاهرات في الأيام الأخيرة بعد فترة من الاشتباكات العنيفة لكن الشرطة أطلقت مدافع المياه لتفريق الآلاف في ميدان تقسيم بإسطنبول السبت الماضي واستخدمت الغاز المسيل للدموع في اشتباكات مع مجموعات أصغر في الشوارع المحيطة. وعقد أردوغان سلسلة من الاجتماعات الحاشدة في أنحاء البلاد منذ بدء الاضطرابات رافضا المحتجين الذين وصفهم بأنهم مخالب لأعداء تركيا داعيا مؤيديه إلى تأييد حزبه في الانتخابات البلدية التي ستجري في مارس (آذار) المقبل.

وسلطت الاحتجاجات الضوء على الانقسامات في المجتمع التركي بين المحافظين المتدينين الذين يؤيدون أردوغان والأتراك الأكثر ليبرالية الذين احتشدوا في صفوف المتظاهرين. وقالت نقابة الأطباء التركية إن أربعة أشخاص قتلوا في الاضطرابات بينهم شرطي وأصيب نحو 7500 بجروح.

وسار آلاف الأشخاص في ميدان رئيس على الجانب الآسيوي من إسطنبول مساء أول من أمس للاحتجاج على قرار محكمة بإخلاء سبيل ضابط شرطة متهم بقتل محتج بالرصاص في أنقرة هذا الشهر على ذمة المحاكمة، حسبما أفادت به وكالة «رويترز».

ومنذ طردهم بعنف من قبل الشرطة التركية من حديقة جيزي في 15 يونيو (حزيران)، لم يستسلم مثيرو الاحتجاجات وكل مساء يقوم هؤلاء بابتكار الديمقراطية في عشرات المواقع الخضراء في إسطنبول. ففي حديقة عباس أغا في إسطنبول يتجمع مئات الشبان وبعض المسنين كل ليلة منذ 10 أيام في باحة مسرح صغير أقيم في الهواء الطلق. وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، يستمع هؤلاء لساعات باهتمام للكلمات التي يتفوه بها في مكبرات للصوت الخطباء الذين يتعاقبون ويتطرقون إلى كافة المواضيع وخصوصا يتحدثون عن آمالهم الكبيرة لتحرر المجتمع التركي من القيود المفروضة عليه. ويعتذر وازان أمام الحشود ويقول «سأقرأ ملاحظاتي لأنني إن لم أفعل ذلك سأبكي». واخترع المشاركون في التجمعات لغة الإشارات لإدارة الندوة بصمت، وتستخدم الأيدي للتصفيق أو المطالبة باختصار الخطاب أو بوقفه. والهدف هو عدم إثارة ضجيج لعدم إزعاج السكان الذين يقيمون بمحاذاة الحديقة وأيضا للسماح للجميع بالتعبير عن الرأي بكل ثقة.

وقال أنور درسن وهو موسيقي «سمح هذا التحرك للأفراد بأن يستمعوا الواحد إلى الآخر وأن يتخلصوا من الأحكام المسبقة التي كانت تفرقهم». وأضاف «بفضلنا تقوم تركيا بالقضاء على محرماتها». فالأتراك ضد الأكراد والسنة ضد العلويين والمتدينون ضد العلمانيين.. الفكرة هي التخلص من كل هذه الأحقاد التي تفتت منذ عقود المجتمع التركي وتشجع السيطرة عليه من قبل الأنظمة الاستبدادية، وهو اتهام بات موجها إلى رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان. وهذه المهمة قد تستغرق وقتا لكن ورثة حديقة جيزي ليسوا في عجلة من أمرهم.

وقال الممثل أولغو باران كوبيلاي «بدأنا نتعلم ثقافة النقاش بعد أن سادت ثقافة النزاع». وأضاف «أنا شخصيا لست منزعجا لاستمرار هذا التحرك بهذه الطريقة لفترة طويلة. إنه جيد للأجسام التي تعبت من المواجهات مع الشرطة وجيد أيضا للأذهان». وفي هذه الأثناء ينتشر المتظاهرون في المساحات الخضراء لمدينة إسطنبول حسب ما ذكرت صحيفة «جيزي بوست» التي تأتي في أربع صفحات وينشرها المتظاهرون. كما انتقلت العدوى إلى الجامعات مثل جامعة غلطة سراي حيث يناقش الطلاب والأساتذة والموظفون والمتخرجون السابقون منذ عدة أيام مسألة تشكيل «مجلس جامعي» لتمثيلهم.