الائتلاف الوطني يجتمع اليوم في إسطنبول ويحدد موقفه من «جنيف 2»

أمينه العام: المعارضة استوفت المطالب الدولية وتأخر الدعم يزيد حجم المشكلات

مصطفى الصباغ
TT

يعقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اليوم اجتماعا في مدينة إسطنبول التركية يستمر يومين يبحث فيها موضوعات عدة أهمها اختيار رئيس جديد للائتلاف خلفا لأحمد معاذ الخطيب، بالإضافة إلى البت في مصير الحكومة الانتقالية المكلف بتشكيلها غسان هيتو والموقف من مؤتمر السلام الخاص بسوريا والذي دعت إليه روسيا والولايات المتحدة في مايو (أيار) الماضي.

وستكون هذه هي المرة الأولى التي يلتئم فيها الاجتماع، بعد توسعته ورفع أعضائه من 63 إلى 114 عضوا بينهم 22 من «القائمة الديمقراطية» و14 «الحراك الثوري» و15 «الجيش السوري الحر»، بعد مفاوضات شابها كثير من الشد والجذب والتدخلات، وامتدت من 22 إلى 31 مايو الماضي، «بحيث أصبح الائتلاف مجلسا جامعا بكل معنى الكلمة، بدليل أننا لم نسمع من أي جهة أيا كانت اعتراضا على التوسعة المذكورة» كما يؤكد الأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ لـ«الشرق الأوسط»، الذي أمل «أن يكون هناك توافق للتعامل بمسؤولية من قبل الجميع مع الاستحقاقات الجدية الكثيرة المطروحة أمامه».

وتقول التسريبات الإعلامية إن جورج صبرا، رئيس الائتلاف بالإنابة ورئيس المجلس الوطني السوري، وبرهان غليون، الرئيس الأسبق للمجلس الوطني وعضو الائتلاف، ولؤي صافي، عضو المكتب السياسي للائتلاف، هم الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس الائتلاف الجديد خلال انتخابات الهيئة العامة المقررة ظهر اليوم، لكن مصادر داخل الائتلاف قالت إن الأسماء الثلاثة ليست بالضرورة أن تكون أوفر حظا في ظل تغيير «ديموغرافية الائتلاف»، خصوصا مع ترشيح كتلة «اتحاد الديمقراطيين» لأحمد عاصي الجربا لمنصب رئاسة «الائتلاف» وكمال لبواني أمينا عاما.

ويعد الائتلاف، المشكل في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، المظلة الأشمل التي تجمع تحتها أطياف المعارضة السورية، ويحظى باعتراف دولي بوصفه ممثلا عن الشعب ولديه ممثلون في عدد من الدول كفرنسا وبريطانيا والخليج العربي، وجاء على خلفية إخفاق المجلس الوطني السوري في توسع تمثيله.

وردا على سؤال عن السبب الذي يقف وراء عجز المعارضة عن تقديم رؤية موحدة رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها الشعب السوري، لا ينكر الصباغ وجود «إشكاليات في ثقافتنا بشكل عام وثقافتنا السياسية خصوصا كانت وراء التقصير الذي تعترف به المعارضة بجميع أطيافها». ويقول: «لقد كان من مشكلاتنا الأساسية الافتقار إلى امتلاك قدرات إدارية لا بد منها لما يمكن أن نسميه بإدارة الثورة، ثم إن التطورات زادت للأسف درجة الاستقطاب السياسي وأحيانا الأيديولوجي، وهذا ليس وقت هذا الاستقطاب بجميع الحسابات. ثم إن هناك حاجة للتواصل المباشر والمستمر بين جميع الأطراف ذات العلاقة بالشأن السوري لتجنب الشائعات والتأكيد على أن هناك توافقا كبيرا على الأساسيات الاستراتيجية يضيع أحيانا في خضم التركيز على بعض المقولات المتعلقة بتفاصيل هنا أو هناك».

ومن المواضيع المدرجة أيضا على جدول أعمال اجتماع الهيئة العامة البت بمصير الحكومة الانتقالية ورئيسها المكلف هيتو، وتقول المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن الائتلاف بصدد قبول اعتذار عن تشكيل الوزارة، مضيفا أن التوجه العام الآن يسير نحو تشكيل هيئة تنفيذية منبثقة عن الهيئة العامة مشكلة من نحو 20 شخصية مهمتها الاجتماع بشكل دوري، في ظل استحالة جمع أعضاء الائتلاف الـ114 بشكل دوري.

ويبقى الاستحقاق الأهم أمام الائتلاف خلال اجتماعاته اليوم وغدا هو الموقف تجاه «جنيف 2»، وهنا تقول المصادر إن «الدول الصديقة لسوريا دعتنا للذهاب إلى (جنيف 2) بغض النظر عما يحصل على الأرض». وتضيف المصادر أن الغالبية العظمى في الائتلاف لا ترغب في الذهاب لمؤتمر السلام في ظل تغيير موازين القوى على الأرض لصالح نظام الرئيس بشار الأسد. وكان الائتلاف قد قال في وقت سابق إنه يريد أن يكون مؤتمر «جنيف 2» إطارا للتفاوض من أجل نقل السلطة وليس للحوار مع نظام الأسد، ويربط الائتلاف بين الحضور على طاولة «مفاوضات» جنيف وقبول الأسد بالتنحي بضمانات دولية، وعدم إشراك إيران في المباحثات، وتسليح الجيش السوري الحر بأسلحة نوعية.

وهنا ينتقد الصباغ «المجتمع الدولي الذي برر تواضع دعمه للثورة السورية بأسباب كثيرة ابتداء من توحيد المعارضة وتقديم رؤية سياسية لمستقبل سوريا وتوسعة تمثيل الداخل وتمثيل الأقليات والنساء والكتل السياسية والثورية المختلفة». ويقول: «الواضح أن المعارضة استوفت معظم المطالب الدولية في هذا الخصوص. المعارضة السورية عاشت أكثر من 60 عاما لا تعرف بعضها البعض ولم تمارس العمل السياسي من قبل وهي الآن تخط طريقا جديدا في تاريخ سوريا، وبالتالي فإن هناك تحديات في العمل الجماعي لدى المعارضة إلا أنها تتقدم سياسيا وميدانيا. ويجب القول بشفافية إن تأخر الدعم يزيد حجم المشكلات التي يشكو منها المجتمع الدولي نفسه. فهناك مفارقة غريبة تحتاج إلى تفكير وإلى حل جذري. وإلا فسنظل ندور في حلقات مفرغة تزيد حجم الأزمة على الجميع».

ويعتبر الصباغ أن «المساعدات التي قدمتها الدول الصديقة مشكورة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لم تنقطع يوما وهي تسد ثغرة كبيرة من الحاجات اليومية لمختلف السوريين في الداخل وفي مخيمات اللجوء»، لكنه يشدد على أن «الحاجات التي تفرزها ظروف الثورة كبيرة جدا، ونحن نرى حجم المساعدات العسكرية والمالية والبشرية والفنية التي تقدمها الدول الداعمة للنظام بشكل يعبر عن تحالفها الاستراتيجي معه لتحقيق مصالحها التي تتضارب حتما مع مصالح سوريا المستقبل وإخوتها وأصدقائها في المنطقة». وقال: «في النهاية، فسوريا بلد غني بثرواته وكفاءاته وقادر على تجاوز الأزمة الاقتصادية بعد زوال النظام المعتدي من الغزاة الإيرانيين وأزلامهم من الأسد وأعوانه، ولن ينسى شعبها على الإطلاق كل ما يقدم له الآن».

ويؤكد الصباغ على التناغم بين المعارضتين السياسية والعسكرية، ويقول: «الثورة السورية قامت من أجل تحرير سوريا من الاحتلال الأسدي والآن من الاحتلال الإيراني، وبالتالي فإن المعارضة السياسية والعسكرية وقوى الحراك الثوري المدني متفقون على المبادئ والأهداف وهم على تواصل وثيق وتنسيق عال حول آليات ووسائل العمل المشترك. ولا شك أن مشاركة الممثلين المدنيين من هيئة الأركان في الائتلاف ستدخل تناغما أكبر في العمل نحو إسقاط النظام وتقديم العدالة والحرية للمواطن السوري».

ويعارض الصباغ بشدة النظرة القائلة بأرجحية لكفة النظام على الميدان مشددا على أن «هذا الحكم يحتاج إلى إعادة نظر». ويقول: «الرصد الدقيق يظهر أن الجيش الحر يتقدم في كثير من المناطق وبشكل مضطرد. ولكن، القاعدة الأساسية بالنسبة لنا هي أن الثورة التي قدمت أكثر من مائة ألف شهيد ومئات الآلاف من المفقودين والجرحى لن تقف دون تحقيق هدفها في إسقاط النظام وطرد الغزاة المعتدين. المعركة مع النظام كر وفر مع تزايد الدعم من روسيا وإيران، ولكن كما ذكرنا هناك تقدم يومي لقوى الجيش الحر في كثير من المناطق، ودخول القوات الإيرانية وميليشيات (حزب الله) يدفع جميع فصائل وكتائب الجيش الحر إلى مزيد من التنسيق والتواصل وصولا إلى تحقيق هدف إسقاط النظام. ولا يجب أن ننسى هنا أن هذا في مصلحة جميع أشقائنا في المنطقة لأن عدم حصوله يعني، لا قدر الله، نجاح المخطط الإيراني في الهيمنة على المنطقة».