جوبا تتهم السودان بشن غارات جوية على أراضيها تزامنا مع زيارة نائب رئيسها للخرطوم

المتحدث باسم جيش الجنوب لـ «الشرق الأوسط»: فوجئنا بالهجوم على أراضينا ولكننا ملتزمون بالاتفاقيات الموقعة

TT

في تطور لافت في العلاقات المتذبذبة بين الخرطوم وجوبا، اتهمت دولة جنوب السودان الحكومة السودانية بشن هجوم جوي وبري جديدين على مناطق داخل أراضيها أول من أمس، في نفس الوقت الذي كان يغادر فيه نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار الخرطوم عائدا إلى بلاده بعد جولة مباحثات عقدها مع نظيره السوداني علي عثمان محمد طه. وتوقعت جوبا أن تواصل جارتها الغارات العسكرية بغرض فرض واقع جديد قبل ترسيم الحدود، غير أنه أكد أن بلاده متمسكة بتنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها مع الخرطوم.

وقال المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب اقوير لـ«الشرق الأوسط» إن سلاح الجو التابع للجيش السوداني قام بشن غارات جوية بطائرات الميغ على منطقة «جاو» في بلدة فارينق شمال ولاية الوحدة الغنية بالنفط داخل أراضي الجنوب أول من أمس، وأضاف أن 5 من جنود قواته، إلى جانب اثنين من المدنيين، أصيبوا بجراح وتم نقلهم إلى المستشفى. وقال: إن اشتباكا بين قواته والقوات المسلحة السودانية وقع في منطقة «قونبار» شمال مدينة الرنك التي لها حدود مع السودان، مشيرا إلى أن الفرقة 17 التابعة للقوات السودانية قامت بشن هجوم بري على المنطقة بغرض الاستيلاء عليها. وقال: «قوات الخرطوم طردت المزارعين من أراضيهم، وتريد أن تستولي على (حفائر) للمياه تحت سيطرة الجيش الشعبي»، وأضاف أن قواته صدت الهجوم وأوقعت خسائر في القوات المهاجمة، وتابع أن «هذا هو الهجوم السابع منذ العام 2010 وكل هذه الغارات فشلت».

وتوقع اقوير أن تقوم القوات السودانية بشن هجوم آخر على عدة مواقع داخل أراضيه، وقال: إن الخرطوم تسعى لفرض واقع جديد على الأرض قبل ترسيم الحدود. وأضاف: «نظام الخرطوم غير مضمون على الإطلاق. وقد فوجئنا بشنه هجوم على أراضينا في ذات الوقت الذي كان يزور فيه رياك مشار نائب الرئيس السودان للتباحث حول تعزيز السلام». وتابع: «نحن تعودنا على مثل هذه المفاجآت من الخرطوم حيث نذهب إلى التفاوض وتقوم قواتها بالهجوم في نفس الوقت»، وأضاف: «ولكن هذه المرة لم نتوقع أن تقوم القوات السودانية بمثل هذا الهجوم غير المبرر».

وقال: إن بلاده لن ترد في الوقت الراهن على أي عمل عسكري ضدها، ولكن القيادة الميدانية تدرس على الأرض ما هو متوقع وترفع تقاريرها إلى القيادة العليا في الدولة لإصدار التعليمات اللازمة وكيفية التعامل مع مثل هذه الخروقات، لافتا إلى أن حكومته ستقوم بإبلاغ الاتحاد الأفريقي لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة اعتداءات الحكومة السودانية – على حد تعبيره. لكنه عاد وقال: «إذا لم يتم نشر قوات دولية وبإمكانيات كبيرة على الحدود، سوف تستمر الخرطوم بشن هجوم واحتلال مناطق في جنوب السودان»، وأضاف أنه «على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في التعامل مع نقض العهود من قبل الخرطوم، ولا بد من الضغط عليها لإلزامها بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة معنا».

من جهة أخرى بدأ وفد أفريقي بإجراء الترتيبات اللازمة مع الحكومة السودانية للشروع في تنفيذ مقترحات الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بتحديد «الخط الصفري» في المنطقة الآمنة منزوعة السلاح بين السودان وجنوب السودان، وسيشرف خبراء برنامج الاتحاد الأفريقي الخاصة بترسيم الحدود على إعداد خارطة مفصلة للمنطقة منزوعة السلاح.

من جانبها رحبت الخارجية السودانية ـ في بيان لها ـ بزيارة الوفد، وبدء تنفيذ المقترحات المقدمة من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، وأعربت عن أملها أن يفرغ الفريق الفني المكلف، من مهمته في الإطار الزمني الذي حددته المقترحات، وأشار البيان إلى أن الأجهزة الحكومية ستقدم كافة أشكال التعاون للفريق الأفريقي لإنجاز مهمته.

إلى ذلك حذر رئيس البرلمان السوداني أحمد إبراهيم الطاهر من هجمات جديدة خططت لها الجبهة الثورية في الشهور القادمة، مشيرا إلى استمرار البرلمان في التعبئة من الولايات خلال عطلته، وداعيا النواب للانخراط في كتائب الدفاع الشعبي، ومعتبرا أن خطر التمرد لا يزال محدقا بالبلاد. وقال لمواطنيه «افتحوا أعينكم يا أهل السودان وتنبهوا»، معلنا عن تولي الرئيس البشير بنفسه ملف الصراعات القبلية التي أصبحت منتشرة في منطقة دارفور حتى بين القبائل التي كانت تعتبر مؤيدة لنظامه.

وقال الطاهر أثناء جلسة البرلمان أول من أمس إن الصراع القبلي في دارفور لا يوجد له أي مبرر، محذرا بأنه بات ينذر بتصدع اجتماعي بين مكوناته، متهما جهات - لم يسمها وصفها بالمعادية - بأنها تقف وراء تأجيج الصراع القبلي من أجل إحداث التصدع في المجتمع، منوها بأن مثل هذه الصراعات يمكن أن تنتقل إلى أماكن أخرى. وتابع: «هناك خطر عظيم حولنا، وكل دول المنطقة قد تفككت وأصبحت مشغولة بصراعات داخلية»، مستشهدا بما يجري في مصر.