ليلة دامية في محيط «ماسبيرو» وكوبري أكتوبر بالقاهرة

أهالي «بولاق أبو العلا» صدوا هجوما على معارضي مرسي وطاردوا الإخوان في الشوارع

معارضو الرئيس المعزول مرسي يحيطون بدبابات الجيش بعد تعرضهم لهجوم من مؤيدي الإخوان والجماعات الإسلامية أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون في ماسبيرو أول من أمس (أ.ب)
TT

كتل من اللهب وسيارات محترقة ورصاص وصراخ وجثث ملقاة فوق كوبري السادس من أكتوبر الذي يربط بين جانبي العاصمة المصرية. ليلة دامية من الكر والفر بين مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضين له شهدها قلب القاهرة بعد أن تطورت الاشتباكات التي شهدها محيط التلفزيون المصري (ماسبيرو) وأسفرت حتى أمس عن سقوط 5 قتلى، وأكثر من 400 مصاب، بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية حتى مساء أمس، إلا أن نشطاء قالوا إن عدد المصابين تجاوز ألف شخص.

كان الهجوم يهدف إلى احتلال مبنى التلفزيون الرسمي في مظاهرة جاءت من ناحية الجيزة بقيادة وزير التموين السابق، المنتمي لجماعة الإخوان، باسم عودة، بينما كانت مجموعات أخرى من الإخوان تهاجم ميدان التحرير لاحتلاله من ناحية ميدان عبد المنعم رياض. تقدم شباب الإخوان تحت صوت إطلاق الرصاص والحجارة والمولوتوف. وكان يمكن أن تقع مذبحة. وفي هذه الأثناء وصل نبأ هجوم الإخوان على المتظاهرين المناوئين لمرسي، إلى منطقة بولاق أبو العلا الشعبية القريبة. وفي أقل من نصف ساعة تمكن ألوف من شباب أبو العلا من الخروج لمطاردة الإخوان. وهرب الوزير عودة من الموقع. واستمر استخدام كل أنواع الأسلحة بين الطرفين.

وشهد محيط ماسبيرو الليلة قبل الماضية حرب شوارع اتسع نطاقها ووصلت إلى مسافات واسعة من كوبري أكتوبر، حيث تبادل الطرفان التراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش، فيما حاولت قوات الأمن أكثر من مرة التدخل لوقف الاشتباكات عبر إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، إلا أنها فشلت فانسحبت من المنطقة الفاصلة بين المتظاهرين المؤيدين والمعارضين لتزداد الاشتباكات.

«الشرق الأوسط» كانت في محيط «ماسبيرو»، ورصدت الليلة التي بدأت بمسيرات وانتهت بالدماء على خلفية اشتباكات وقعت بين عدد من شباب الإسلاميين والمعتصمين في محيط ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض وكوبري أكتوبر، وانتهت بهدوء حذر مع الساعات الأولى من صباح أمس.

وزحف عدة آلاف من متظاهري ميدان النهضة بالجيزة من الموالين لمرسي إلى مبنى «ماسبيرو»، بعد خطاب المرشد العام لجماعة الإخوان الدكتور محمد بديع في ميدان رابعة العدوية بحي مدينة نصر أول من أمس.

ويقول عمرو عبد الرحمن، أحد معتصمي ميدان التحرير، إن «شباب الإخوان حضروا إلى ماسبيرو لاقتحامه وإعلان أن المعزول مرسي هو رئيس البلاد.. وإجبارنا على إخلاء الميدان الذي يشهد احتفالات بسقوط مرسي، بالقوة واحتلاله». وتابع عبد الرحمن: «أطلقنا على ما حدث الليلة قبل الماضية (موقعة أكتوبر) والتي ذكرتنا بمهاجمة المتظاهرين خلال ثورة (25 يناير) عام 2011». وقال: «الإخوان نفذوا موقعة جديدة، وهاجمونا بالأسلحة الخرطوش والأسلحة الآلية، ومتظاهرو التحرير لم يتوجهوا لمهاجمة مسيرة الإخوان، ولكن شباب الجماعة هم من بدأوا في إطلاق النار من أعلى كوبري أكتوبر في اتجاه معتصمي التحرير».

لكن أحد المشاركين في مسيرة الإسلاميين قال إننا «حضرنا لماسبيرو لتوصيل الصورة الحقيقية للمصريين، وأن هناك حشودا تطالب بعودة الرئيس مرسي»، لافتا إلى أنهم لم يكن معهم أسلحة وأن مجموعة من البلطجية اعتلوا كوبري أكتوبر وميدان عبد المنعم رياض لحصارهم، ووقعت إصابات بالجملة في صفوفهم.

وبالقرب من مبنى ماسبيرو كان يقف أحمد عبد التواب من أهالي حي بولاق أبو العلا (المتاخم لمبنى التلفزيون)، وهو يمسك بعصا ومعه عدد من أصدقائه، تحسبا لدخول أي شاب إخواني لمحيط ماسبيرو، قائلا: «شكلنا لجانا شعبية بالقرب من مبنى ماسبيرو للقبض على أي متظاهر من أنصار الرئيس المعزول يخرج من ناحيتنا»، مضيفا أن «مؤيدي الرئيس المعزول أمطروا قوات الأمن المركزي بوابل من الرصاص بالأسلحة الآلية بعد قيام الشرطة بالتصدي لهم بالغاز المسيل للدموع، وقبضنا على أحد الأشخاص وهو يرتدي سترة واقية من الرصاص». إلا أن أحد المشاركين في مظاهرة الإسلاميين قال إن «هؤلاء الشباب الذين يرتدون السترات الواقية يؤمنون المسيرات وليس معهم إلا عصي وليس معهم طلقات رصاص أو خرطوش».

من جهتها، باشرت نيابة بولاق أبو العلا أمس، التحقيق مع 8 أشخاص ينتمون لجماعة الإخوان، تم ضبهم في اشتباكات ماسبيرو وبحوزتهم فرد خرطوش، و16 طلقة خرطوش، وطبنجة بلي، و17 طلقة بلي، وثلاث نبلات و153 بلية، و(كتر)، وعصا كهربائية، وسلاح منشار، ودرع حديدية، وقناع واق من الغاز.

وحكى شاهد عيان من سكان منطقة ماسبيرو أن «اللجان الشعبية بثوار التحرير نشطت وأحكمت إغلاق المداخل المؤدية للتحرير بأسلاك شائكة، وقامت بعمل حاجز من الأسلاك خلف كل مدخل، وطاردت مؤيدي المعزول أعلى كوبري أكتوبر».

يأتي هذا فيما واصلت جماعة الإخوان حشدها في الشارع أمس، ودعا حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، إلى استمرار الحشد في الشوارع حتى عودة الرئيس مرسي المنتخب. وقال مفتي جماعة الإخوان من على منصة اعتصام رابعة العدوية، الدكتور عبد الرحمن البر: «إن الشعب في النهاية لا بد أن يفرض كلمته ومهما كانت قوة الجيش فقوة الشعب في تظاهراته السلمية بأجسادهم العارية أبقى وأقوى من أي قوى في العالم».

في السياق نفسه، دعت حملة تمرد الجماهير إلى الاحتشاد في ميادين مصر اليوم (الأحد) في مظاهرة «الشرعية الشعبية». فيما دعت عدد من القوى السياسية، جموع الشعب المصري للاحتشاد مرة أخرى بدءًا من أمس. وأكدت القوى الوطنية أنهم ماضون في طريقهم لتصحيح مسار الثورة، موضحين أنهم يدركون أن استقلالهم الوطني أصبح مهددا في ظل استقواء جماعة الإخوان ومؤيديها بالخارج، ولتقديم رسائل لدول العالم بأن مصر ترفض التدخل الأجنبي، وأن ما حدث الأربعاء الماضي، ثورة عظيمة قام الشعب بها ضد الإرهاب وليس انقلابا عسكريا، وما قام به الجيش كان بهدف حماية الشرعية والشعب.