ترحيل أبو قتادة من قاعدة جوية بريطانية إلى الأردن اليوم

وفد حقوقي وطبي أردني يرافقه على متن الطائرة.. وإعادة محاكمته بعد إسقاط جميع الأدلة

الإسلامي أبو قتادة
TT

من المقرر أن تقوم بريطانيا بترحيل الإسلامي المتشدد أبو قتادة إلى الأردن اليوم ليواجه تهما بالإرهاب, مما ينهي معركة قضائية من عشر سنوات حول مصير الرجل الذي اعتبر في مرحلة سابقة الذراع اليمنى لأسامة بن لادن في أوروبا. وترحل لندن رجل الدين الفلسطيني الأصل البالغ 53 عاما إلى الأردن بعد اتفاق الحكومتين رسميا، في الشهر الماضي، على ضمان عدم استخدام إثباتات تم انتزاعها تحت التعذيب في أي محاكمة. وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه سيكون «من أسعد الناس في بريطانيا» بعد مغادرة أبو قتادة الذي دخل كثيرا السجن في البلاد، بينما سعت الحكومات المتعاقبة إلى طرده. ورفض المسؤولون البريطانيون تأكيد أي تفصيل، لكن الإعلام المحلي أفاد بأن أبو قتادة سينقل من سجن بيلمارش المشدد الحراسة في جنوب لندن ليستقل طائرة في الساعة 02.00 (01.00 بتوقيت غرينتش) اليوم من قاعدة نورثولت الجوية في غرب لندن. ويتوقع أن تبقى زوجته وأطفاله الخمسة في بريطانيا، حيث وفد للمرة الأولى في 1993 طالبا اللجوء. وصرح مسؤول أردني لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق هذا الأسبوع بأنه يتوقع رحيل أبو قتادة من بريطانيا فجر اليوم ليصل صباحا إلى الأردن.

وأكد أنه «سيصل إلى الأردن على متن طائرة عسكرية برفقة حراسة أردنية وبريطانية». وكان أبو قتادة يسعى في المحاكم البريطانية والأوروبية منذ سنوات إلى منع ترحيله إلى الأردن، لكن محاميه صرحوا فجأة في مايو (أيار) أنه قد يغادر، ما إن يقر البرلمان الأردني اتفاقية المحاكمة العادلة.

لكن المسؤولين سيبقون متيقظين لأي محاولة تبذل في اللحظة الأخيرة للبقاء على الأراضي البريطانية. وقال متحدث باسم الداخلية البريطانية: «سنركز على رؤية أبو قتادة على متن طائرة متجهة إلى الأردن في أقرب فرصة».

ولد عمر محمود محمد عثمان في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، وهو يحمل الجنسية الأردنية، لأنه ولد في هذه البلدة عندما كانت الضفة تابعة للأردن. وحكم عليه بالإعدام في عام 1999، بتهمة التآمر لتنفيذ هجمات إرهابية، من بينها هجوم على المدرسة الأميركية في عمان، لكن تم تخفيف الحكم مباشرة إلى السجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة. في عام 2000، حكم عليه بالسجن 15 عاما للتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية ضد سياح، أثناء احتفالات الألفية في الأردن. وأفيد بأن تسجيلات لخطاباته عثر عليها في شقة في هامبورغ أقام فيها قائد الفريق، الذي نفذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، محمد عطا، بينما اعتبره قاضٍ إسباني مرة اليد اليمنى لبن لادن في أوروبا، على الرغم من نفي أبو قتادة لقاء زعيم «القاعدة» الراحل.

وصرح القيادي السلفي الأردني محمد شلبي المعروف باسم أبو سياف، لوكالة الصحافة الفرنسية، هذا الأسبوع، بأن أنصاره يأملون أن يسمح له بالعودة إلى منزله عوضا عن السجن. وصرح: «بإذن الله، ستعلن براءته بعد محاكمة سريعة وعادلة».

في عام 2002، اعتقل أبو قتادة في بريطانيا بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وبقي مسجونا أو خارج السجن بكفالة وتحت رقابة مشددة منذ ذلك الوقت، استنادا إلى معلومات استخباراتية، أكدت أنه زعيم روحي لمجندي «القاعدة» الجدد. لكنه لم يُحاكم لأي جريمة في بريطانيا.

بدأت بريطانيا المعاملات الرسمية لترحيله عام 2005 في معركة قضائية أكدت الحكومة أنها كلفتها أكثر من 1.7 مليون جنيه (2.7 مليون دولار). ورفع محاموه قضيته أمام قضاة حقوق الإنسان الأوروبيين، الذين حكموا بأن المحاولات السابقة لترحيله غير قانونية، على أساس إمكانية استخدام إثباتات ضده انتُزعت تحت التعذيب. لكن بينما كانت القضية تتوالى من محكمة إلى أخرى, كانت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تتفاوض على «اتفاق المساعدة القانونية المتبادلة في الشؤون الجنائية» مع الأردن, وأعلنت عنها في أبريل (نيسان). وأقر برلمانا البلدين الاتفاقية التي لا تشير بالتحديد إلى قضية أبو قتادة لكن ماي أكدت أنها ستهدئ المخاوف بخصوص استخدام أي دليل انتزع بالتعذيب. وتنص الاتفاقية على أنه «إذا وجدت المحكمة إثباتا على الحصول على شهادة بالعنف أو نتيجة التعذيب أو إساءة المعاملة فستمتنع جهة الادعاء عن استخدامها، وسترفضها المحكمة».

وقال محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبداللات إن المكتب القانوني الذي يتولى الدفاع عن أبو قتادة قد اتصل به كي يكون موكله في الدفاع عنه أمام محكمة أمن الدولة الأردنية التي ستتولى إعادة محاكمته.

وأضاف العبداللات لـ«الشرق الأوسط» أن أبو قتادة سيصل على متن طائرة عسكرية إلى مطار ماركا العسكري شمال عمان فجر اليوم وسيحول إلى زنزانة انفرادية في سجن دائرة المخابرات العامة.

وأشار إلى أنه يرافق أبو قتادة على متن الطائرة وفد من مركز عدالة لحقوق الإنسان مكون من أربعة أشخاص.

وأوضح أن هناك اتفاقا بين السلطات الأردنية ونظيرتها البريطانية على إسقاط جميع الأدلة التي تمت محاكمته في قضية «الإصلاح والتحدي» والتي حكم فيها على أبو قتادة غيابيا بالإعدام عام 1997 وقضية أخرى حكم فيها بالسجن مدى الحياة عام 1999.

وقال العبداللات إن المدعي العام لمحكمة أمن الدولة سيصدر توقيفه مدة 15 يوما على ذمة التحقيق وسيتم التحقيق معه في دائرة المخابرات العامة. مشيرا إلى أنه بانتظار اتصال من المدعي لحضور جلسات التحقيق.

وأكد العبداللات أنه سيتم تشكيل فريق من المحامين للدفاع عن أبو قتادة وسيكون الفريق على اطلاع كامل في مجريات التحقيق.

وقال العبداللات إنه نصح محامي أبو قتادة بعدم العودة إلى الأردن لأنه لن يحظى بمحاكمة عادلة لأن الادعاء العام سيسقط عليه أدلة من قضيتين تمت محاكمته غيابيا إلا أنه قال إن محامي أبو قتادة أبلغني أنه كل الأدلة سيتم إسقاطها في القضايا السابقة.

وكانت مصادر قضائية مطلعة قد قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «فريقا أردنيا توجه إلى بريطانيا الخميس الماضي للإشراف على عملية تسليم أبو قتادة عقب دخول اتفاقية التعاون القانوني المبرمة بين الأردن وبريطانيا حيز التنفيذ مطلع الشهر الحالي ونشرت في الجريدة الرسمية».

وأشارت المصادر إلى أن «الفريق الذي يضم ضابط أمن وطبيبا شرعيا وطبيبا نفسيا ورجل قانون مهمته لقاء أبو قتادة في سجنه والكشف عليه والجلوس معه لمدة يومين أو أكثر للتأكد من سلامة صحته وفق تقارير موثقة قبل أن يتم ترحيله إلى عمان وتتسلمه السلطات الأردنية». ومهّدت اتفاقية مشتركة بين لندن وعمان الطريق أمام بريطانيا لتسليم أبو قتادة إلى الأردن لمحاكمته بتهم على علاقة بالإرهاب بعد تصديق برلماني البلدين عليها، وتحظر استخدام الأدلة المنتزعة تحت التعذيب ضده، وتضمن حماية حقوقه الإنسانية.