الائتلاف يختار أحمد الجربا رئيسا جديدا له

انتخب هيئة سياسية من 19 شخصية

تخطيط أرصفة مدينة حلب القديمة بألوان علم الثورة السورية أمس (رويترز)
TT

بعد مخاض عسير وأيام ثلاثة من الشد والجذب والمناقشات الصاخبة شهدتها أروقة فندق غونان في مدينة إسطنبول التركية، اختارت الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «فريقا رئاسيا» سيكون واجهة الثورة الساعية لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد خلال الأشهر الستة المقبلة.

وقال بيان صادر عن الائتلاف تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «تم بالانتخاب اختيار السيد أحمد عاصي الجربا ليكون الرئيس الجديد للائتلاف الوطني السوري، فيما انتخب كل من السيدة سهير الأتاسي والسيد محمد فاروق طيفور والسيد سالم المسلط لشغل منصب نواب الرئيس، في حين اختير السيد بدر جاموس ليتحمل مسؤوليات الأمين العام للائتلاف الوطني السوري».

وأشار البيان إلى أنه بالإضافة إلى الأسماء الأربعة «سيتم (أمس) انتخاب 19 شخصية من الائتلاف لتكوين الهيئة السياسية الجديدة»، مشيرا إلى أن الجربا أكد أن من أهم أولوياته الآن هو «متابعة مستجدات وتطورات الوضع في الداخل السوري وخاصة في حمص، وأن جميع الجهود يجب أن تنصب على هذا الجانب».

وتمكن الجربا من الظفر برئاسة الائتلاف بعد حصوله على 55 صوتا، خلال جولة الإعادة أمس التي جمعته مع رجل الأعمال مصطفى الصباغ، الذي كان يشغل منصب الأمين العام للائتلاف ولم يستطع جمع أكثر من 52 صوتا. كما أظهرت نتائج تصويت أمس خسارة العبدة أمام جاموس على منصب الأمين العام للائتلاف بعد حصول الأخير على 54 صوتا.

والرئيس الجديد للائتلاف هو من مواليد القامشلي عام 1969 وهو أحد شيوخ العشائر العربية في سوريا وهي عشيرة شمر، ويحمل إجازة في الحقوق، وقد سجن لعامين أثناء ربيع دمشق مع رياض سيف وناشطين آخرين. كان يشغل عضو الأمانة العامة للائتلاف، كما رشح في وقت سابق لعضوية المكتب التنفيذي للائتلاف الوطني.

ويحسب الرئيس الجديد للائتلاف على كتلة ميشيل كيلو المعروفة بـ«الكتلة الديمقراطية» التي انضمت مؤخرا إلى المجلس الوطني. أما نواب الرئيس فيتوزع طيفهم السياسي بين الانتماء لحركة الإخوان المسلمين، طيفور، والتيار الليبرالي المدني، الأتاسي، وعشائري ويمثلهم المسلط، بينما ينتمي الأمين العام الجديد للائتلاف إلى تيار «الكتلة الوطنية».

وباستثناء الأتاسي التي حافظت على منصبها كنائب رئيس، لم يستطع أي من المرشحين حسم الأمور من الجولة الأولى، وتقاربت الأصوات التي حصل عليها المتنافسان على منصب رئيس الائتلاف، إلا أن أحدا منهما لم يحقق الرقم المطلوب للنجاح (57 صوتا من أصل 114)، فحاز الجربا على 49 صوتا والصباغ على 46 صوتا. ولم يكن حال المرشح لمنصب أمين عام الائتلاف العبده أفضل فقد أخفق بالوصول إلى الحد الأدنى أيضا، فحصل على 49 صوتا مقابل 42 صوتا لجاموس.

وإلى جانب اختيار الهيئة الرئاسية والسياسية، احتوى جدول أعمال الائتلاف مناقشة مصير الحكومة الانتقالية المكلف تشكيلها غسان هيتو، والموقف من مؤتمر «جنيف2» الذي تسعى الولايات المتحدة وروسيا إلى عقده للتوصل إلى حل سياسي. وسبق للائتلاف أن أعلن أنه لن يشارك في هذا المؤتمر ما لم يتوقف دعم إيران وحزب الله لنظام الأسد.

وتعقيبا على النتائج، قال أديب الشيشكلي، ممثل الائتلاف في مجلس التعاون الخليجي، إن «التغيير كان ضروريا»، مضيفا أن «القيادة السابقة للائتلاف الوطني فشلت في أن تقدم للشعب السوري أي شيء جوهري وكانت مشغولة بالسياسة الداخلية». من جانبه، قال خالد الصالح، المتحدث باسم الائتلاف في تصريح صحافي «بسبب خطورة الوضع في حمص لن يلقي الرئيس الجديد المنتخب خطابا، وسيكون له موقف خلال الأيام القليلة المقبلة».

وكان من المقرر انتخاب رئيس جديد للائتلاف في أواخر مايو (أيار) الماضي إلا أن هذا الموعد تأجل وسط خلافات ظهرت على العلن بين أعضاء هذا الائتلاف. يشار إلى أن دفة قيادة الائتلاف أوكلت منذ نشأته في العاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أحمد معاذ الخطيب، الشيخ الدمشقي المعتدل، ومعاونيه سهير الأتاسي، أبرز وجه نسائي في صفوف المعارضة السورية وابنة عائلة متمرسة في السياسية، ورياض سيف، تاجر القماش وعضو مجلس الشعب وسجين الرأي السابق.

ولئن اختلفت انتماءات وتوجهات قادة الائتلاف الجدد عن السابقين، إلا أن التحديات لم تتغير؛ فعلى الصعيد الداخلي يعاني مقاتلو المعارضة في مناطق الوسط والجنوب، حمص ودمشق تباعا، تراجعا أمام تقدم الجيش النظامي الذي تلقى دعما حاسما من مئات من مقاتلي حزب الله اللبناني. وتحتاج القيادة الجديدة إلى إثبات قدرتها على تمثيل الثورة «تمثيلا صحيحا» وتأمين متطلبات الثوار المتعلقة بالجوانب الإغاثية والعسكرية بالشكل الذي يمكن الصمود وإعادة موازيين القوى بينهم وبين القوات النظامية.

أما على الصعيد الخارجي فيبدو التحدي أكبر، إذ تحتاج القيادة الجديدة إلى إثبات قدرتها على أن تكون مظلة جامعة لكل السوريين، وليس لتيار أو فصيل بعينه، خصوصا في ظل تسريبات تتحدث عن توجهات دولية لاعتماده قيادة عسكرية كممثل للشعب السوري بدلا من الواجهة السياسية التي يمثلها الائتلاف.

في غضون ذلك، أصدر الائتلاف السوري بيانا طالب فيه المجتمع الدولي بـ«ممارسة واجباته لحماية الشعب السوري من استخدام نظام الأسد جميع الأسلحة ضده بما فيها السلاح الكيميائي بأسلوب استراتيجي وممنهج»، وذلك في إشارة إلى قصف القوات النظامية لأحياء حمص القديمة بقنابل حارقة، يرجح أن تحتوي على مادة «الفسفور الأبيض» الذي يحرق الجلد وصولا إلى العظم.

وأضاف البيان «لقد حذر الائتلاف منذ أيام من لجوء نظام الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، وهو يكرر اليوم تحذيراته، بعد أن أطلقت قوات النظام مدعومة بعناصر من ميليشيا حزب الله طوال يوم (أول من) أمس مئات الصواريخ وشنت على المدينة قصفا عنيفا بالمدفعية الثقيلة. وأفادت التسجيلات المصورة التي نشرها نشطاء من داخل المدينة بقيام قوات النظام بقصف حي الخالدية باستخدام أنواع جديدة من القذائف الكيميائية، والعناصر الحارقة».

*رئيس الائتلاف السوري أحمد بن عوينان العاصي الجربا.

* ولد عام 1969 في مدينة القامشلي شمال سوريا وتدرج في مدارسها.

يحمل إجازة في الحقوق من جامعة بيروت العربية.

اعتقل لمدة سنتين (1996 - 1998) من قبل المخابرات العامة في دمشق بسبب آرائه المنتقدة للحكومة السورية.

اعتقل في مارس (آذار) 2011 من قبل الفرع الداخلي للمخابرات العامة، حيث تم التحقيق معه واحتجازه في الفرع بسبب مواقفه المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد.

خرج نهائيا من سوريا إلى لبنان في 19 أغسطس (آب) 2011.

ناشط في مجالات الإغاثة الطبية والدعم العسكري.

عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري وعضو مؤسس في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية.