مطالب دولية بتحقيق «مستقل وسريع» في أحداث «دار الحرس الجمهوري»

مخاوف من مزيد من التصعيد والعنف > أوباما لا يعتقد أن ما حدث «انقلاب»

قوات من الجيش تقف في حراسة «دار الحرس الجمهوري» أمس عقب اشتباكات فجر أمس مع مناصرين للرئيس السابق محمد مرسي (رويترز)
TT

توالت أمس ردود الفعل الدولية التي تدين أحداث العنف التي شهدها محيط «دار الحرس الجمهوري» شرق القاهرة أمس؛ بين متظاهرين مؤيدين للرئيس المصري السابق محمد مرسي وقوات عسكرية، وأسفرت عن مقتل أكثر من 40 شخصا وإصابة المئات. كما تعالت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق مستقل وشفاف وسريع في الأحداث، التي تبدو ملابساتها غامضة إلى حد بعيد، وسط اتهامات متبادلة من مختلف أطراف المعادلة السياسية في مصر بالتسبب في إشعال الأزمة.

وأدانت الولايات المتحدة أحداث العنف، داعية الإدارة المصرية إلى ضبط النفس والالتزام بالمصالحة بين الأطياف السياسية المختلفة وإلى الإسراع في تشكيل حكومة منتخبة.

وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض خلال المؤتمر الصحافي أمس، إن «الولايات المتحدة قلقة حول تطورات الأحداث في مصر، ونحن ندين كل أشكال العنف وندعو الجيش لضبط النفس، كما ندين الدعوات التي خرجت من جماعة الإخوان للدعوة للعنف. ونعتقد أن مصر لن تخرج من دائرة العنف إلا بتحقيق المصالحة وتشجيع كل الأطراف على المشاركة في العملية السياسية وعلى التظاهر السلمي. وهذا وضع معقد وصعب للغاية».

وحول تراجع الإدارة الأميركية عن وصف الخطوات التي قام بها الجيش المصري بعزل الرئيس مرسي وتعطيل الدستور بأنها انقلاب عسكري، قال كارني: «الرئيس أوباما أوضح أن عزل مرسي وتعطيل الدستور جاء استجابة لمطالب الملايين من المصريين ولا يعتقد أنه انقلاب، وهناك تداعيات كثيرة.. ولدى المصريين رؤى مختلفة، ولذا سنأخذ الوقت الكافي لمراقبة ومراجعة وتحليل ما حدث وسنراجع ذلك وفقا للقانون وبالتشاور مع أعضاء الكونغرس». وأوضح أن الإدارة الأميركية لا تساند جماعة معينة أو حزبا معينا، وإنما تساند عملية سياسية.. وقال: «مسألة من يقود مصر هي أمر يقرره المصريون. وقد طالب الملايين في الشارع بحكومة جديدة، وأعتقد أنه يجب على السلطات أن تستجيب لمطالب المصريين».

وكرر كارني وصفه للوضع المصري بأنه معقد وصعب للغاية، ولا يمكن وضع إجابة سهلة لما يحدث في مصر. ورفض تحديد جدول زمني لما تقوم به الإدارة الأميركية من مراجعة وتقييم للوضع، كما رفض أي دعوة لتفعيل القانون وقطع المعونات العسكرية والاقتصادية عن مصر.

وقال كارني «ليس في مصلحة الولايات المتحدة إجراء أي تغييرات في المعونة التي نقدمها لمصر ونحن نقوم بمراجعة وتقييم الوضع، وليس في مصلحتنا الإسراع من دون داع في القيام بأي تغييرات في هذه المساعدات لمصر. وهدفنا هو مساعدة المصريين في الانتقال للديمقراطية مع مراعاة مصالحنا الاستراتيجية». وكرر كارني تحت إلحاح الصحافيين أن الولايات المتحدة ستأخذ ما يلزم من الوقت الكافي لتقييم الوضع في مصر وضمان الالتزام بالعملية الديمقراطية في مصر، وقال: «سنستمر في قلقنا مما يحدث.. لكن الرئيس أوباما يركز أكثر على ما يجب القيام به الآن، وإظهار الالتزام بنبذ العنف وضبط النفس والسماح بالتظاهر السلمي.. وسنستمر في الدفع لإجراء عملية مصالحة».

وأضاف أن «العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر أعمق بكثير من مجرد المساعدات، فلدينا شراكة عميقة مع مصر والتزام لمساعدة الشعب المصري.. وهدفنا هو دفع مصر لتكون دولة ديمقراطية. وسنحرص على القيام بما يلزم للمساعدة في تسريع المصالحة وتشكيل حكومة منتخبة ونبذ العنف بكل أشكاله، وسنقوم بذلك وفقا للقانون وبالتشاور مع الكونغرس وبما يضمن مصالحنا القومية».

من جهته، صرح مايكل مان، المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون، في لقاء صحافي أمس قائلا: «نواصل التحاور مع شركائنا المصريين»، و«ليس مقررا تعديل مساعداتنا لهذا البلد»، متابعا أن «هذا قد يحدث».. لكن «حاليا سنواصل تقديم المساعدة لإقامة الديمقراطية».

وأضاف مان: «ندرس بشكل متواصل مساعدتنا لمصر ويمكن أن نغير موقفنا تمشيا مع تطورات الوضع الميداني»، بحسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح أن الاتحاد الأوروبي لا يقدم مساعدات لميزانية الدولة المصرية بسبب عدم تطور الإصلاحات، لكنه يساعد المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.. وأعرب مان عن «القلق الكبير» لدى الاتحاد الأوروبي بعد أعمال العنف الدامية أمس، وقال: «ندين العنف ونأسف له ونطالب بمتابعة العملية السياسية بشكل سلمي».. مؤكدا أن الأوروبيين سيواصلون اتصالاتهم مع جميع الأطراف في مصر، بمن فيهم الإخوان المسلمون، من خلال بعثتهم في مصر، مشيرا إلى استعداد الاتحاد الأوروبي لإرسال «بعثة سياسية» إلى القاهرة «عندما يحين الوقت».

من جهته، أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي عن صدمته إزاء الحادث، مطالبا بإجراء تحقيق مستقل في هذه الواقعة، ومشيرا إلى «قلق كبير» من إمكانية حدوث مزيد من التصعيد للعنف في مصر. ودعا فسترفيلي كل المسؤولين إلى التصرف بتعقل ونبذ كل أشكال العنف.

وفي إطار موقفها المستمر من الأزمة المصرية، واعتبارها أن إزاحة الرئيس السابق هو «انقلاب عسكري»، أدانت تركيا بشدة المصادمات ووصفتها «بالمجزرة».. وفي تغريدة لأحمد داود أوغلو وزير الخارجية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أعرب عن عزائه «للشعب المصري الشقيق». فيما دعا وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية، وكبير المفاوضين، مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراء بشأن ما يحدث في مصر.

وفي معرض حديثه في مؤتمر صحافي، أدان باجيس قتل أشخاص خارج مقر الحرس الجمهوري، حسبما ذكرت وكالة أنباء الأناضول، معربا عن اعتقاده أن «لغة خطاب الأمم المتحدة ينبغي أن تكون أكثر وضوحا وأكثر اتساقا وأكثر إقناعا وأكثر شعورا بالواجب. يجب على مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراء بشأن ما يحدث في مصر بأسرع وقت ممكن». وعلى صعيد متصل، نقلت وكالة الأنباء الرسمية القطرية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن «قطر تدين بشدة مثل هذه الأعمال المؤسفة التي تؤدي إلى إزهاق أرواح الأبرياء وزعزعة الأمن والاستقرار وترويع الآمنين»، داعيا «المصريين إلى التحلي بضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة.. التي تستدعي التآزر وتدعيم الوحدة الوطنية وإيجاد حلول سريعة بعد معالجة أي خلاف بينهم بالحوار حفاظا على أمن وسلامة واستقرار بلدهم وحماية مواطنيهم». كما دعا إلى «حماية المتظاهرين السلميين وحقهم في التعبير عن آرائهم ومواقفهم... ونبذ العنف بأشكاله وصوره كافة، والبحث عن مخرج سياسي وطني يضمن للجميع حقوقهم السياسية والمدنية ويضمن حماية إنجازات ثورة 25 يناير».

من جانبها، أدانت حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الحكومة في تونس، أمس ما وصفته بـ«المجزرة» ضد أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر، داعية «أحرار العالم» إلى التضامن مع الشرعية. وقالت الحركة إن هذه جريمة شنيعة في حق مدنيين عزل، بحسب رويترز.

وبدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي لوكالة أنباء «مهر» إن «تدخل القوات المسلحة في الشؤون السياسية غير مقبول ويثير القلق» مضيفا أن إيران «تدين مقتل أبرياء». واعتبر عراقجي أيضا أن «انقسام المجتمع المصري أمر خطير»، متهما «الغربيين والنظام الصهيوني (إسرائيل) الذين لا يريدون مصر قوية».

كما دانت حركة «حماس» الأحداث، وقال مصدر مسؤول في بيان إن الحركة «تدين المجزرة التي راح ضحيتها عشرات المدنيين من المصريين المسالمين فجر هذا اليوم (أمس) وتعبر عن ألمها وحزنها الشديدين على سقوط هؤلاء الضحايا». وقالت الحركة إنها «تدعو إلى حقن دماء الشعب المصري العزيز»، متوجهة «بالتعزية الخالصة لعائلات الضحايا.. والشفاء العاجل للجرحى والمصابين».

من جانبه، أجرى وزير خارجية لبنان في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور اتصالا هاتفيا بنظيره المصري محمد كامل عمرو، وقال: إن الحوار يجنب مصر كل ما يهدد أمنها واستقرارها. وقال مصدر رسمي لبناني إن منصور اتصل هاتفيا بالوزير عمرو، وأمل من «جميع الفرقاء المصريين إجراء حوار بينهم لإيجاد حل ملائم وتجنيب مصر كل ما يهدد أمنها واستقرارها ووحدة شعبها»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.