أسبوعان حاسمان على صعيد تشكيل الحكومة.. وسلام يحذر: للصبر حدود

مصادر الرئيس المكلف تقول إن الاعتذار عن عدم التأليف «من ضمن خياراته»

رئيس حكومة تصريف الاعمال خلال لقائه مع وزير الطاقة جبران باسيل (تصوير: دالاتى ونهرا)
TT

يعطي الرئيس المكلف بتشكيل حكومة لبنانية جديدة تمام سلام فرصة أسبوعين للاتصالات والمشاورات السياسية، قبل أن يتخذ قرارا مطروحا من ضمن مجموعة خيارات، يصل أقصاها إلى الاعتذار عن عدم التأليف، بعدما وصل التعثر في تشكيل الحكومة، خلال الشهرين الماضيين، إلى طريق مسدود، وسط رفض أفرقاء سياسيين لحكومة لا تتضمن حزبيين.

ولمح الرئيس سلام إلى هذه الخطوة، بإعلانه، بعد لقاء الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس، أنه «للصبر حدود»، من غير أن يوضح الخطوات التي يمكن أن يعتمدها لوضع حد للتعثر، على الرغم من أنه أرفق عبارته بالقول «إن شاء الله لا ينفد صبر الناس وليس صبري»، لافتا إلى أن «الناس تواقون إلى حكومة ترعى مشاكلهم».

لكن مصادره أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن التعثر لن يمتد أكثر من أسبوعين، مؤكدة أنه خلال هذه الفترة «ستكون هناك خطوة إيجابية على صعيد تشكيل الحكومة، استنادا إلى حركة اتصالات نشطت مع سائر الأفرقاء السياسيين، للتشاور حول تأليف الحكومة». وأوضحت المصادر أنه «بعد انتهاء هذه المهلة سيكون الرئيس سلام أمام مجموعة من الخيارات يتخذ واحدا منها، بينها خيار الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة». وأكدت المصادر في الوقت نفسه، أنه «لن يكون هناك إعلان لحكومة أمر واقع».

واصطدم تشكيل الحكومة اللبنانية باعتراض قوى 8 آذار على ثلاثة شروط يتمسك بها سلام، لتشكيل حكومته، تتلخص في رفضه الثلث المعطل، أي منح فريق سياسي القدرة على تعطيل القرارات داخل الحكومة، باعتبار أنه «الثلث الضامن للحكومة»، فضلا عن رفضه توزير «أسماء استفزازية» لا تحظى بإجماع وطني من مختلف الأطياف، بالإضافة إلى رفضه توزير الحزبيين. ولم ينقطع سلام، منذ تكليفه بتشكيل الحكومة في الأسبوع الأول من شهر أبريل (نيسان) الماضي، عن التواصل مع مختلف الأفرقاء السياسيين. وتقول مصادر مواكبة لعملية تشكيل الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتصالات مع قوى 8 آذار يتولاها سلام حصرا، بالإضافة إلى الاتصالات مع قوى 14 آذار وكتلة الوسطيين، مستدلة بلقاء عُقد مساء الأحد مع وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، بتكليف من النائب وليد جنبلاط، إضافة إلى لقاء أمس جمع سلام بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل من النائب ميشال عون.

وأعلن سلام بعد لقائه الرئيس سليمان في قصر بعبدا، أمس «إننا نسعى ونتواصل لملء الفراغ الحكومي»، مؤكدا أنه «لا تقدم حتى الساعة وهذا لا يمنعنا من السعي»، مشددا على أن «الاستحقاق يبقى أمانة لدي، لكن سبق أن قلت إن رغبتي ليست في أن أجلس وأنتظر وأبقي البلد في الانتظار». وأوضح سلام أن «عدم التقدم مرتبط بأمور عدة وليس فقط الأسماء، وأنا على موقفي في تشكيل حكومة يشارك فيها الجميع من دون قدرة أحد على التعطيل، والمداورة في الحقائب أمر أساسي لدي». وقال «نتصرف على أساس ما يعود بالفائدة على لبنان، أنا عند موقفي من الثلث المعطل وحريص على استمرار التواصل والتعاطي مع النائب وليد جنبلاط». وأعلن سلام أنه لم يتسلم «حتى الآن أي أسماء من قوى 8 آذار»، مشيرا إلى أن «موضوع القوى السياسية وتموضعها السياسي لا بد أن يكون له تأثير بشكل أو بآخر، لكنه ليس الموضع الأساسي الذي يؤثر على تأليف الحكومة».

ولم يلق مبدأ المداورة بالحقائب الوزارية، أحد مطالب سلام، معارضة واسعة من الأفرقاء السياسيين، بالشكل الذي أحاط بشروط التوزير نفسها، من غير أن يُعرف ما إذا كانت هذه القضية ستكون عقبة إضافية بوجه إعلان الحكومة العتيدة أم لا. وطرح سلام هذه المسألة مع ممثلي الأفرقاء السياسيين، كما قالت مصادره لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدة أن «هناك موافقة مبدئية على المداورة بالحقائب الوزارية، من غير أن تتضح صورتها بين الطوائف اللبنانية والقوى السياسية». ومن المعروف أن الحقائب الوزارية السيادية في لبنان هي أربع حقائب، تنقسم بين وزارات الداخلية، والخارجية، والدفاع والمالية، وتتوزع على الطوائف الأربع الكبرى، وهي الموارنة والسنة والشيعة والأرثوذكس. وفي العقد الأخير يتولى السنة حقيبة المالية والموارنة حقيبة الداخلية والشيعة حقيبة الخارجية والأرثوذكس حقيبة الدفاع.

ولن تقتصر المداورة على الحقائب السيادية، إذ تطالب قوى سياسية من فريق 14 آذار بألا تبقى حقيبتا الاتصالات والطاقة لوزراء التيار الوطني الحر الذي يترأسه النائب ميشال عون. وتولى وزراء التيار هاتين الحقيبتين منذ حكومة الرئيس سعد الحريري التي تلت الانتخابات النيابية في عام 2009.

وارتفع مستوى التحذير من إطالة عمر تشكيل الحكومة، مع إعلان النائب وليد جنبلاط أمس «إننا نخشى ونحذر من أن يطول الفراغ الحكومي بفعل تعنت كلا الفريقين وإصرارهما على وضع الشروط التعجيزية لتأليف الحكومة وعدم استعداد أي منهما للتقدم خطوة واحدة إلى الأمام أو التنازل والتواضع بعض الشيء حماية للمصلحة الوطنية العليا أو تسييرا لشؤون المواطنين الحياتية الملحة والتي لم تعد تطاق أو تُحتمل بفعل الترهل التام على مختلف المستويات». وفي موازاة ذلك، يزداد هذا الملف تعثرا، مع ترجيحات بأن يكون الاستحقاق ينتظر انفراجات إقليمية، وانعكاسه على التواصل المحلي، وتحديدا على مستوى المصالحة بين تيار المستقبل وحزب الله، على الرغم من أن مصادر الرئيس سلام أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قرار تشكيل الحكومة «قرار داخلي بحت»، مشددة على أنه «لا علاقة له بالتطورات الإقليمية». ويواصل حزب الله انتقاده شروط الرئيس سلام لناحية تشكيل الحكومة، إذ أكد عضو كتلة الوفاء والمقاومة النائب نواف الموسوي أن التشكيل «ينبغي أن يكون وفقا لنصوص دستور الطائف الذي أكد وجوب تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة، وهو ما يعني أن تتمثل الكتل النيابية بأحجامها الحقيقية لا أن تفرض عليها تشكيلة قسرية مسبقة فضلا عن فرض نوعية ممثليها».

وفي رد على مبدأ المداورة، اعتبر أن «تسمية الوزراء هي حق الكتل النيابية، فالوزير ليس معاونا لهذا الرئيس أو ذاك بل هو ممثل لكتلته وهو موقع دستوري له صلاحيته ودوره الدستوريان». ورأى أن «الآلية التي تتوافق والدستور نصا وروحا هي التي تتضمن حوارا يتفق فيه على كيفية تحقيق التمثيل العادل للكتل النيابية من خلال الأحجام العادلة ونوعية التمثيل، أما محاولة الإقصاء فهي في الحقيقة إسقاط مسبق لحكومة عاجزة عن القيام بدورها لأنها لا تعبر عن حقيقة التعددية السياسية».