تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» يقتل قياديا في الجيش الحر بريف اللاذقية

هيئة الأركان تحذر من «تجاوزات تجرنا إلى مواجهة لا نريدها»

متظاهرون من بلدة حاس في إدلب (شمال) يرفعون شعارات مناهضة لتنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» أمس (شبكة أخبار إدلب)
TT

اغتال عناصر من تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» أول من أمس عضو المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر كمال حمامي المعروف بـ«أبو البصير الجبلاوي» بريف اللاذقية، ما اعتبره مقاتلون وقياديون في المعارضة السورية بمثابة «إعلان حرب»، فيما أعرب الناطق باسم هيئة أركان الجيش الحر العقيد قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته من أن «تستدرج جبهة النصرة كتائب المعارضة نحو فتنة لا تريدها».

وقالت مصادر على صلة وثيقة بحمامي، تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤول عن اغتيال حمامي هو أبو أيمن العراقي، زعيم ما يسمى بتنظيم «دولة الإسلام في العراق وبلاد الشام»، وهي ذراع تنظيم القاعدة في العراق وسوريا. وأشار إلى أن عملية الاغتيال حصلت في قرية «نبع المر» التابعة لجبل التركمان، بريف اللاذقية بعد أن طلب من «أبو البصير» الحضور إلى اجتماع ليفاجأ باتهامه بالكفر وإطلاق النار على بطنه.

وكان حمامي يترأس قبل اغتياله كتيبة «العز بن عبد السلام» وهي مجموعة مسلحة تقاتل تحت قيادة الجيش الحر في ريف مدينة اللاذقية. ويعتبر حمامي واحدا من بين أكبر 30 قائدا عسكريا في عموم سوريا. ولفت الناشط المعارض، الذي التقى حمامي قبل أيام من اغتياله، إلى أن مقاتلي «دولة الإسلام» قاموا بعد الاغتيال بنصب كمين لعناصر الكتيبة التي يقودها حمامي واعتقلوا 20 من عناصره. كما داهمت مقرات الكتيبة في جبل التركمان وصادرت أسلحة وذخائر كانت تستخدم لقتال القوات النظامية، إضافة إلى استهداف السيارات التابعة للكتيبة. وأوضح المصدر ذاته أنه تم تشكيل لجنة قضائية من قبل المعارضة لمحاكمة «أبو أيمن»، قائد «دولة الإسلام»، مرجحا أن لا يسلم الأخير نفسه ما سيؤدي إلى اندلاع مواجهات بين كتائب «الحر» وعناصر «دولة العراق والشام». ونقلت تقارير صحافية أمس عن مقاتلين في المعارضة السورية قولهم إن «اغتيال متشددين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة قائدا كبيرا في الجيش السوري الحر يعتبر إعلانا للحرب». وتوعد قائد ميداني في المعارضة السورية عناصر «دولة الإسلام» بالقول: «لن ندعهم يفلتون بهذا لأنهم يريدون استهدافنا». ولفت إلى أن مقاتلي الجيش الحر قد أبلغوا عبر عناصر متشددة بأنه «لا مكان» لهم في محافظة اللاذقية حيث قتل حمامي.

من جهته، عبر الناطق الرسمي باسم القيادة العليا لهيئة أركان الجيش الحر العقيد الطيار قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط»، عن مخاوفه من أن «تجرنا عملية الاغتيال إلى فتنة لا نريدها»، مؤكدا أن عناصر تكفيرية في التنظيم «قتلت العضو في القيادة العليا للجيش الحر كمال حمامي». وأكد أن «الجيش الحر لا يريد هذه الفتنة لكن هذه التجاوزات تجرنا إلى مواجهة لا نريدها»، موضحا أن «الحر قادر على حسم المواجهة لصالحه حيث إنه يتفوق بفارق كبير من ناحية العدد». وشدد سعد الدين على أن «هدفنا واحد وهو إسقاط نظام الأسد»، متهما «عناصر مندسة في التنظيم وبعض كتائب الجيش الحر بالسعي وراء هذه الفتنة».

وتعتبر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إضافة إلى جبهة «النصرة» أبرز مجموعتين «جهاديتين» في سوريا، وهما مرتبطتان بتنظيم «القاعدة». ونشأت «دولة العراق والشام» بمبادرة من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» بزعامة أبو بكر البغدادي، وحاولت الالتحام بـ«النصرة»، إلا أن هذه الأخيرة أعلنت تمايزها عنها وأكدت ولاءها لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري. وينتشر في ريف اللاذقية نحو 400 عنصر من التابعين لـ«الدولة الإسلامية في العراق الشام».

وتنذر حادثة اغتيال حمامي بفتح جبهة جديدة بين مقاتلي الجيش الحر المنضوية تحت قيادة هيئة الأركان وعناصر «الدولة الإسلامية». وتتزامن هذه الأحداث مع محاولات المعارضة بشقيها السياسي والعسكري تهدئة مخاوف الغرب من أن تقع أسلحة تقدمها الولايات المتحدة في أيدي تنظيمات متشددة مثل «القاعدة».

في غضون ذلك، خرجت مظاهرات ترفض ممارسات الكتائب التابعة لتنظيم القاعدة وترفض وجودها في مستقبل سوريا، ورفع أهالي بلدة حاس في محافظة إدلب لافتة كتبوا عليها «دولة سوريا الحرة نبنيها بإرادتنا ولن نستوردها من تورا بورا»، وقال ناشط من إدلب لـ«الشرق الأوسط» أن جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية «ترتكبان ممارسات وانتهاكات بحق المدنيين السوريين، بالإضافة إلى الانقسام بينهما والتجاذب الذي تدفع ثمنه الثورة السورية». وأضاف الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه «باتت جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية عبئا ثقيلا على الثورة السورية، عدا كونها سببا رئيسيا في تردد الغرب وأميركا حيال دعم الثوار» كما أن هذه التنظيمات بأخطائها الكثيرة الناجمة عن «عدم تفهم لطبيعة المجتمع السوري خلقوا بيئة من الفوضى أتاحت للنظام بسهولة تلفيق الأخبار والفيديوهات حول وحشية الثوار السوريين لكسب التأييد والتعاطف الغربي ومن المؤسف أن بعض إعلاميي الثورة يروجونها إما جهلا أو قصدا لأهداف سياسية».