مصادر دبلوماسية أوروبية: العواصم الغربية لا تريد اتخاذ مواقف متسرعة تجاه مصر

قالت إنها تفهم ما يجري على أنه صراع بين شرعيتين.. صناديق الاقتراع وملايين الناس الذين نزلوا للشوارع

TT

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» خلفيات «الإرباك» الذي يتملك العواصم الغربية في تعاطيها مع تطورات الأزمة المصرية، وترددها في كشف أوراقها على الرغم من اعتبارها أن صفحة الرئيس المخلوع محمد مرسي قد «قُلبت».

وأفادت هذه المصادر بأن السبب الأول الذي يحملها على التزام الحذر هو أنها تفهم ما يجري في مصر على أنه «صراع بين شرعيتين؛ شرعية صناديق الاقتراع من جهة، وشرعية أصوات ملايين الناس التي نزلت إلى الشوارع والساحات من جهة أخرى».

ويبدو أن هم وزارات الخارجية ودوائر القرار في البلدان الغربية هو «كسب الوقت بانتظار أن تتضح معالم المرحلة الجديدة في مصر» حيث إنه «لا أحد يريد حرق أوراقه سريعا» بإعلان مواقف قد يتبين لاحقا أنها كانت «إما متسرعة أو خاطئة أو جاءت في غير مكانها الصحيح».

بيد أن المصادر الأوروبية لم تتردد في كشف «انزعاجها» من الإعلان الدستوري الذي صدر عن الرئيس المؤقت عدلي منصور. وأهم المآخذ عليه يكمن في أمرين متلازمين؛ الأول، أنه قرر الانتخابات التشريعية قبل الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يعني من الناحية العملية إطالة عمر المرحلة الانتقالية. أما الأمر الثاني فهو اعتبار المصادر الغربية أن الإعلان خصص للمرحلة المذكورة «فترة زمنية طويلة» بينما المطلوب «الخروج منها بأسرع وقت من أجل الوصول إلى شرعية جديدة تصدر عن صناديق الاقتراع». ولذا، فإن العواصم الغربية تشدد على الحاجة إلى انتخابات جديدة في أسرع وقت لاختصار «مرحلة الإحراج الحالية»، شرط أن تتمتع بكل الضمانات الديمقراطية من شفافية ونزاهة وشمولية.

وما يدفع الدبلوماسيات الغربية بهذا الاتجاه، وفق ما قالته المصادر الغربية، أن تجربتها مع الجيش في السلطة في مصر «لم تكن أبدا سعيدة»، مشيرة لما حصل في المرحلة الانتقالية السابقة تحت حكم المجلس العسكري، وما اتسمت به الأوضاع من تخبط وكيفية. ولذا، فإنها تحث القوات المسلحة على الإسراع في نقل السلطة إلى المدنيين وهو ما تعتبره «الضامن» لاستمرار هذه القوات في تلقي الدعم الاقتصادي والمالي والعسكري الغربي.

وبأي حال، تؤكد المصادر الغربية أن الرسالة التي تريد واشنطن والعواصم الأوروبية إيصالها إلى السلطات الجديدة في القاهرة هي التالية: هيئوا الظروف اللازمة والضرورية من أجل نقل السلطة إلى المدنيين سريعا ما سيشكل دافعا رئيسا لمساعدتكم، بيد أنها سارعت إلى القول إن العواصم المؤثرة غير راغبة في زيادة المصاعب بوجه السلطات المصرية الجيدة، على الرغم من التحفظات القائمة إزاءها، ولا بوجه القوات المصرية المسلحة. لكنها تنبه إلى أن الديمقراطيات الغربية تحتضن أحزابا وقوى معارضة قوية وفاعلة «تسائل» الحكومات عن مواقفها وعن كيفية صرف أموال دافعي الضرائب فيما إذا استمر تدفقها على مصر وعلى القوات المصرية المسلحة.

وبأي حال وبالنظر إلى تسارع التحركات و«ميوعة» الأوضاع، فإن العواصم الغربية «تريد تحاشي اتخاذ القرار الخطأ في اللحظة الخطأ» مستفيدة في ذلك من تجربتها في التعاطي مع بدايات الربيع العربي، حيث بقيت إلى جانب أنظمة كانت تتهاوى، وبالتالي لا تريد تكرار الخطأ.

وتأمل العواصم الغربية أن ينجح رئيس الحكومة المكلف في اجتذاب بعض الشخصيات من بين الإخوان المسلمين للتغلب على الهوة الموجودة بين كتلتين كبريين. بيد أنها لا تعتقد بإمكانية تحقق هذا الهدف لأن قبول «الإخوان» بالانضمام إلى سلطات يعتبرون مكوناتها مسؤولة عن الإطاحة برئيس إخواني «يحتاج حقيقة لعروض مغرية». ولذا فإن المصادر الغربية تتساءل عما يمكن أن يقدمه الببلاوي من أجل تحقيق هدف طموح كهذا في وضع بالغ التوتر.