«إخوان مصر» يحضرون لمعركة طويلة.. وقادة الجيش يحتفظون بهدوئهم

المتحدث باسم الجماعة قال لـ «الشرق الأوسط» إنها «خصم صعب»

أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية بشرق القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

يحتفظ قادة الجيش في مصر، على ما يبدو، بهدوء أعصابهم، مستندين إلى دعم شعبي متصاعد وتراجع حدة الانتقادات الدولية، فيما بدأت قيادات الإخوان المسلمين أيضا في التعافي من آثار الارتباك الظاهر الذي أصابهم في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي قبل أسبوع، لكن الوقت ليس في صالحهم.

بنبرة مطمئنة يحذر المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، أحمد عارف، مما اعتبره استهانة بقدرات الإخوان. يقول عارف: «نريد لمن يرغب في أن يجعلنا خصما له ألا يستهين بنا كخصم، نحن لدينا تاريخ من الخبرة وتراكم أكثر من 80 عاما، ومررنا بمحن حتى لم يسمعوا بها، ولدينا عمل مؤسسي قوي قائم على معان تربوية ودعوية، وبالتالي نحن خصم صعب لأن لدينا نسقا عقائديا».

وتراجعت قيادات جماعة الإخوان، بمن فيهم عارف نفسه، عن خطاب اعتبره مراقبون «استدعاء لقوى خارجية»، وبات الحديث الآن منصبا على مخاطر ضياع ما يقولون إنه «مكتسبات ثورة 25 يناير (كانون الثاني)» التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل عامين ونصف العام.

وتسعى جماعة الإخوان في الوقت الراهن لإظهار قدرتها على إرهاق أجهزة الدولة عبر الدفع بمسيرات في ميادين عدة.

وفي ساعة متأخرة من مساء أول من أمس دفعت الجماعة بمسيرات في ميدان رمسيس الحيوي بقلب القاهرة، كما حركت مسيرات أخرى لوزارة الدفاع ودار الحرس الجمهوري (شرق العاصمة)، كما أغلقت مسيرة أخرى أيضا ميدان الجيزة المتاخم للقاهرة.

وبينما قال القيادي الإخواني البارز الدكتور عصام العريان على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن الجماعة ستدفع بمسيرات أخرى وتحشد مجددا يوم غد (الاثنين)، يرى مراقبون أن الجماعة لا تستطيع أن تبقي كوادرها طويلا في الشارع.

وحلقت طائرة للجيش المصري في محيط رابعة العدوية (شرق القاهرة) حيث يعتصم آلاف من أنصار الرئيس المعزول مرسي، وألقت بيانا طمأنت فيه أنصاره بشأن عدم ملاحقتهم إذا ما قرروا مغادرة الاعتصام، كما أكدت التزامها بتأمين المعتصمين.

ويشدد قادة الجيش في بيانات متتالية لهم على أنهم لن يقدموا على اتخاذ إجراءات استثنائية بحق قيادات الإخوان، وأكدوا حق الإخوان وأنصارهم في التظاهر السلمي. وسمحت قوات الأمن بخروج مسيرات للجماعة في عدة مدن مصرية طوال الأسبوع الماضي، لكنها تصدت بعنف لاقتراب أنصار الإخوان من دار الحرس الجمهوري الذي يعتقد أن مرسي محتجز بداخله، وسقط خلال المواجهات 75 قتيلا.

لكن جماعة الإخوان تتهم النظام الحالي في البلاد بالعودة إلى الممارسات القمعية التي انتهجتها قبل ثورة 25 يناير.

وقال عارف أمس لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجهزة نشطة في محاولات عرقلتنا، فهم يلقون القبض على من يخرج من الاعتصام، كما أنهم يروجون لأكاذيب منها انشقاقات في صفوف الإخوان».

وتابع: «نحن تنظيم مؤسسي، ونحن جزء من تحالف أوسع يضم إسلاميين وقوى مدنية أيضا ورموزا وطنية»، نافيا أن يكون هناك ملاحقة لمرشد الجماعة الدكتور محمد بديع: «المرشد في مكان آمن ونحن على اتصال به باستمرار، كما أن مكتب الإرشاد لا يزال يجتمع ويمارس مهامه».

وألقت السلطات في البلاد القبض على قيادات إخوانية كبرى، على رأسها المرشد السابق مهدي عاكف، ونائبي المرشد خيرت الشاطر ورشاد البيومي، ورئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة الدكتور سعد الكتاتني، فيما أصدرت النيابة العامة في البلاد قرارات بتوقيف بديع وعدد كبير من أعضاء مكتب الإرشاد.

ونفى المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان أيضا وجود اتصال مباشر بين قادة الإخوان وجنرالات الجيش، لكنه أكد وجود مبادرات من عدة أطراف من دون أن يشير لما تتضمنه هذه المبادرات ولا الوسطاء، لكن القيادي الإخواني محمد البلتاجي أشار في مقابلة صحافية مع شبكة «بلومبرغ» الأميركية أمس إلى أن الاتصال بين الجماعة والجيش يتم عبر وسطاء، بما في ذلك السفراء الأجانب.

وقال البلتاجي خلال المقابلة إن «رسالة الجماعة هي أنه في حال عودة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى منصبه، وإعادة مجلس الشورى، والدستور، فإن جماعة الإخوان ستوافق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وستمنح العفو لجميع من قاموا بـالانقلاب».

يشخص الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية الموقف الإخواني قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأسف إنهم يعيشون في وهم كبير.. عودة مرسي إلى السلطة أمر بات مستحيلا، فالشارع الذي خرج ضدهم لن يقبل بالهزيمة ولا قادة الجيش بإمكانهم التراجع الآن، وليس لديهم مصلحة في هذا التراجع».

ويضيف نافعة: «هناك حالة انكشاف كامل للإخوان.. كنا دائما لا ننكر قدرتهم على الحشد، وقد أصبح واضحا أنهم لا يتجاوزون 20 في المائة من الشعب المصري، وهم يواصلون عزل أنفسهم بخطواتهم التصعيدية.. الجماعة قد ترتاح أكثر وهي في موقع المعارضة والحصار؛ لأن هذه هي الظروف التي عملت خلالها طويلا، لكن هذا لن يؤدي إلى شيء، فما تم بناؤه خلال مائة عام في صف المعارضة انهار عقب عام واحد في الحكم».