جوبا تنفي فشلها في مواجهة التوترات الأمنية

المتحدث الرسمي باسم حكومة جنوب السودان لـ «الشرق الأوسط» : فريق الاتحاد الأفريقي سيحقق في مزاعم الخرطوم بدعمنا متمردي الجبهة الثورية

TT

رفضت دولة جنوب السودان تقارير دولية تحدثت عن فشل الدولة التي احتفلت الثلاثاء الماضي بالذكرى الثانية لاستقلاها في مواجهة تطور التوترات الأمنية خاصة في ولاية جونقلي التي بدأ فيها نذير حرب قبلية، واتهمت في المقابل جهات خارجية لم تسمها بأنها تعبث بالأوضاع الأمنية، في وقت كشفت فيه جوبا عن أن الرئيس السوداني عمر البشير قد أرسل خطابا جديدا في السابع من يوليو (تموز) إلى حكومة الجنوب واصل فيه ضغطه على جوبا بتذكيرها أن الفترة المتبقية من مهلة الـ60 يوما لإغلاق الأنبوب الناقل للنفط ما زالت سارية إذا لم توقف الدعم لمتمردي الجبهة الثورية، بينما يصل وفد من الاتحاد الأفريقي للتحقق من اتهامات الخرطوم في هذا الشأن.

وقال وزير الإعلام والبث الإذاعي في دولة جنوب السودان برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط»، إن كل التقارير سواء من الأمم المتحدة أو جهات دولية حول فشل حكومته في مواجهة تطور التوترات الأمنية في البلاد خاصة في ولاية جونقلي غير صحيحة ولا صلة لها بأرض الواقع، وأضاف أن «هذه الجهات تعلم أن هناك أيادي خارجية هي التي تعبث بأمن البلاد عبر بعض الأفراد مثل المتمرد ديفيد ياو ياو الذي يقود التمرد في جونقلي ويستخدم المدنيين كدروع بشرية»، وقال إن «شعبنا يريد السلام ولا نعرف لماذا يريد الآخرون أن نتواصل في حروب لأنه يكفينا أن حاربنا أكثر من خمسين عاما»، لكنه لم يتهم دولة بعينها، غير أنه من المعروف أن جوبا تتهم الخرطوم بصفة دائمة بأنها تقف وراء تشكيل وتدعيم الميليشيات ضدها، وأضاف أن «قضية الأمن هي الأولوية في أجندة الحكومة لذلك لا يمكن الحديث عن أننا فشلنا، بل إن الرئيس سلفا كير ظل يكرر العفو العام للمتمردين وقد استجاب بعضهم وعادوا إلى البلاد، بينما ظلت مجموعات قليلة على الحدود لم تستجب مثل ديفيد ياو ياو»، وتابع أن «هناك جهات خارجية ما زالت مستمرة لتقديم الدعم العسكري ضدنا لتخريب البلاد».

واعتبر بنجامين الحديث عن انتهاكات يرتكبها جيش جنوب السودان ضد حقوق الإنسان فبركة، وقال إن حكومته مستعدة لإجراء التحقيقات التي تتحدث عن هذه الانتهاكات، وأضاف: «نحن ملتزمون بحقوق الإنسان وتشريعاتنا ملتزمة بحقوق الإنسان كما أن الجيش يحكم بقانون وإذا كانت هناك تجاوزات تكون فردية وتتم المحاسبة فورا بإجراء المحاكمات»، وقال إن جيش بلاده يخوض حربا ضد المتمرد ديفيد ياو ياو في منطقة البيبور في ولاية جونقلي، وأضاف أن الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان) يدافع عن المدنيين الذين يستهدفهم ياو ياو بالقتل والسرقة، وتابع: «حربنا ضد ياو ياو لن تتوقف إلا في حال وضع هو السلاح واستفاد من قرار العفو العام الذي أصدره الرئيس سلفا كير».

وقال بنجامين إن أفرادا من قبيلة «المورلي» كانت قد هاجمت قبل أيام قرى تابعة لقبيلة «اللو نوير» وقتلت عددا منهم وسرقت أبقارهم، وأضاف أن حكومته طلبت من المنظمات والمفوضيات المختلفة العمل مع الحكومة المحلية والمركزية لحماية المدنيين وليس الالتفات للشائعات التي قال إن جهات ظلت تطلقها باستمرار، مشددا على أن حكومته قادرة على فرض سيطرتها وأن تعيد الاستقرار إلى المنطقة، وقال: «بعثة الأمم المتحدة تعلم بهذه الإجراءات وهي تساعد الحكومة المحلية في إجلاء المدنيين الذين قد يقعون تحت نيران المعارك التي تندلع بين فترة وأخرى»، وتابع: «نحن ندعو بصورة مستمرة المدنيين ونطالب المنظمات وخاصة الأمم المتحدة بالتعامل مع السلطات الحكومية في المنطقة».

وكانت الخارجية الأميركية قد أبدت عن قلق واشنطن العميق بشأن تقارير تحدثت عن وقوع عمليات قتل وضرب ونهب في ولاية جونقلي بشرق جنوبي السودان، وقالت إن الجيش مسؤول عن حماية كل المدنيين، وقالت في بيان لها: «نحث كل الأطراف بما في ذلك الجيش الشعبي لتحرير السودان والأطراف المسلحة الأخرى الحكومية وغير الحكومية على إنهاء أعمال العنف والعمل نحو تحقيق السلام والمصالحة من خلال الحوار»، وحثت واشنطن كل الأطراف على توفير وصول المساعدات الإنسانية من دون عائق لكل مناطق جونقلي والسماح لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام بالقيام بدوريات.

من جانبه، حث مارتن نيسركي المتحدث باسم الأمم المتحدة السلطات الوطنية وسلطات الولاية على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وقال إن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان قلقة بشكل عميق من التقارير التي تحدثت عن تعبئة ضخمة لشبان مسلحين صوب مقاطعة البيبور في ولاية جونقلي.

إلى ذلك، قال بنجامين إن فريقا من الاتحاد الأفريقي سيصل إلى جوبا في الأيام القليلة القادمة، مشيرا إلى أن حكومته عقدت اجتماعا موسعا ترأسه نائب الرئيس رياك مشار ووزراء الخارجية والنفط والتعدين والدفاع ومكتب الرئيس والعدل والأمن ورئيس هيئة الأركان، وقال إن الاجتماع بحث متابعة التنفيذ الكامل لاتفاق التعاون الموقع بين الخرطوم وجوبا في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأضاف أن فريق الاتحاد الأفريقي سيتحقق من الاتهامات التي قدمتها الحكومة السودانية حول دعم بلاده لمتمردي الجبهة الثورية إلى جانب مناقشة قضايا الحدود والمنطقة الصفرية منزوعة السلاح، مؤكدا أن بلاده وافقت على نشر 150 من الإحداثيات كما حددت على الخريطة من قبل فريق الاتحاد الأفريقي.

وكشف بنجامين عن أن الرئيس السوداني عمر البشير قد بعث خطابا جديدا في السابع من يوليو الجاري يؤكد فيه أن بلاده ماضية في تنفيذ مهلة الـ60 يوما لغلق الأنبوب الناقل لنفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، واصفا الخطاب بأنه عبارة عن مزيد من الضغط على بلاده، وقال إن الخرطوم ما زالت تصر على أن جوبا تقدم الدعم لمتمردي الجبهة الثورية التي تقاتل القوات السودانية في مناطق جبال النوبة، والنيل الأزرق، ودارفور، وقال: «لقد كررنا ذلك عدة مرات، والآن هناك فريق من الأمم المتحدة سيأتي إلى جنوب السودان للتحقق وسنقدم له كل الدعم»، وتابع: «ونحن أيضا لدينا أدلة ضد الخرطوم على دعم الميليشيات الجنوبية».