روحاني يلوح بغصن الزيتون للبرلمان.. ويتعهد بتقديم خطة للمائة يوم الأولى من ولايته

خامنئي في آخر لقاء مع حكومة نجاد: لم تغركم المخصصات والمميزات

صورة بثتها وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء لجانب من لقاء خامنئي وأحمدي نجاد في طهران مساء أول من أمس
TT

بعد الخلافات التي عصفت بالعلاقات بين حكومة الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد ومجلس الشورى (البرلمان)، سعى الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إلى تصحيح مسار تلك العلاقات ولوح بغصن الزيتون لأعضاء البرلمان متعهدا بالتعاون بشكل وثيق مع البرلمان والحد من النزاع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، قائلا إن «مشكلات إيران لن تحل إلا بتعاون السلطتين».

وحقق روحاني، وهو معتدل نسبيا، انتصارا ساحقا على منافسين محافظين في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 14 يونيو (حزيران) الماضي، ويحتاج مساندة أعضاء البرلمان لتمرير الميزانية وتنفيذ وعود بزيادة الحد الأدنى للأجور وإصلاح قطاع البنوك.

وذكرت وكالة «مهر» للأنباء أن روحاني قال للنواب خلال كلمة ألقاها أمام أعضاء البرلمان إن «الحكومة المقبلة لن تفكر في المواجهة مع البرلمان، ولن تفكر في خداع البرلمان بإحصاءات غير دقيقة لا سمح الله».

وأضاف روحاني، الذي يواجه تحديات صعبة في إعادة بناء اقتصاد بلاده المتراجع بسبب العقوبات الدولية، قائلا إنه «ما من شك أن حل مشكلات البلاد لن يكون ممكنا دون تعاون بين البرلمان والسلطة التنفيذية».

واتسمت الفترة الثانية للرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد بنزاع شديد مع البرلمان بلغ ذروته في فبراير (شباط) الماضي عندما اتهم أحمدي نجاد أسرة رئيس البرلمان علي لاريجاني بالفساد.

كما انتقد أعضاء البرلمان بشدة أحمدي نجاد بسبب تنفيذ إدارته إصلاحات في برنامج الدعم الحكومي يقولون إنها تسببت في زيادة التضخم.

ويتولى روحاني الذي تربطه علاقات وثيقة بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، منصبه الشهر المقبل.

كما يتعين على البرلمان الموافقة على ترشيحات روحاني للمناصب الحكومية التي كانت موضع تكهنات في وسائل الإعلام الإيرانية في الأسابيع القليلة الماضية على نطاق واسع.

وأدت العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل إلى ضغوط هائلة على اقتصاد البلاد مما ساهم في ارتفاع التضخم إلى أكثر من 30 في المائة ورفع معدل البطالة وأضعف الريال الإيراني.

وقال روحاني لأعضاء البرلمان في إشارة إلى العقوبات: «تواجه البلاد ظروفا صعبة للغاية. بعض هذه التعقيدات نتيجة للأداء المحلي، والبعض نتيجة لضغوط أجنبية ظالمة»، وأضاف في انتقادات ضمنية لحكومة سلفه أحمدي نجاد: «هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها البلاد معدل تضخم مرتفعا للغاية.. الأعلى في المنطقة وربما في العالم، إلى جانب تراجع النمو الاقتصادي».

ويقول محللون إن روحاني، وهو شخصية محنكة سياسيا شغل مناصب في الجمهورية الإسلامية لعشرات السنين، أمامه فرصة طيبة لتحقيق أهدافه بسبب قدرته على مد الجسور بين الفصائل السياسية المختلفة في إيران.

لكن خامنئي سيظل له القول الفصل في السياسات الحيوية بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني ودعمه الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة المعارضة التي تسعى للإطاحة به.

وتعهد روحاني، الذي وصل إلى البرلمان وبصحبته 19 مستشارا بارزا يعتقد أنه سيسند لهم المناصب الحكومية في حكومته المقبلة، بوضع تقرير شامل حول خطته للمائة يوم الأولى من إدارته بشأن حالة البلاد والمشكلات التي تواجهها والحلول، وسيضعها أمام الشعب الإيراني والمرشد الأعلى.

وفي تلك الأثناء، عقد آخر لقاء بين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وحكومة أحمدي نجاد المنتهية ولايتها. ورغم الخلافات التي كانت بين الطرفين، فإن خامنئي أثنى على أداء تلك الحكومة.

وقال المرشد الأعلى إنه «خلال السنوات الماضية الجميع بات يدرك مدى الجهود المضنية التي بذلها الرئيس محمود أحمدي نجاد وأعضاء حكومته مقارنة مع الحكومات السابقة؛ حيث قامت بجهود جبارة وقيمة، وهذا يستوجب الثناء والتقدير». وأشاد بأعضاء الحكومة «وامتناعها عن التمتع بالمخصصات والمميزات كالتي يعمد إليها جل مسؤولي الحكومات في العالم»، وقال إن «أعضاء الحكومة لم تُغْرِهم المخصصات، وآثروا المشقة على الراحة، وهذا يعد وساما على صدر هذه الحكومة، والجميع الذين يتابعون أداء الحكومة أخذوا تلك الملاحظات المذكورة بعين الاعتبار»، حسبما أوردته وكالة «مهر» الإيرانية.

من جهة أخرى، أفرجت السلطات الإيرانية عن دبلوماسي إيراني كبير له صلة بالإصلاحيين في إيران بكفالة أول من أمس بعد أن ظل محتجزا أربعة أشهر.

وكانت مصادر أفادت في أبريل (نيسان) الماضي أنه ألقي القبض على باقر أسدي في منتصف مارس (آذار) الماضي في العاصمة الإيرانية طهران. وكان أسدي دبلوماسيا رفيعا في بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وتولى في الآونة الأخيرة منصب مدير بالأمانة العامة لما يسمى «مجموعة الدول الثماني النامية» ومقرها إسطنبول.

ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن مصادر مطلعة على قضية أسدي وتحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن تقرير وسائل الإعلام الإيرانية، الذي نشر الأحد، عن الإفراج عن أسدي صحيح. وأضافت أنه لم يعرف بعد سبب القبض عليه في المقام الأول ووضع القضية المقامة ضده.

وأضافت المصادر أنها تشك في أن الإفراج عن أسدي يمثل تحركا من جانب السلطات لتخفيف ما يصفه محللون ودبلوماسيون غربيون بقمع المعارضين في إيران قبل انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) الماضي.

وقالت المصادر إن أسدي (61 عاما) كان محتجزا في حبس انفرادي في سجن إيفين السيئ السمعة بطهران منذ أشهر وإنه حرم من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه.

وهمش الإصلاحيون في إيران بعد فوز محمود أحمدي نجاد رئيس بلدية طهران المحافظ في انتخابات الرئاسة في 2005 ليحل محل الإصلاحي محمد خاتمي. وقالت المصادر إن اعتقال أسدي له صلة على ما يبدو بالحملة التي شنت على المعارضين قبل الانتخابات.