إصابات دامية في اعتداء الشرطة الإسرائيلية على المشاركين في الإضراب العام لفلسطينيي 48

احتجوا على قانون يصادر أراضي بدو النقب ويرحل 45 ألف مواطن

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تحاول اعتقال متظاهرة من عرب النقب خلال مظاهرة في مدينة بئر السبع أمس (أ.ف.ب)
TT

اعتدت الشرطة الإسرائيلية على المتظاهرين العرب في بئر السبع، وضرب أفرادها النائب العربي في الكنيست الدكتور جمال زحالقة، ومجموعة من النساء، واعتقلوا 14 متظاهرا، وذلك خلال أحداث الإضراب الشامل الذي أعلنه المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48)، أمس، احتجاجا على المخطط الإسرائيلي القاضي بهدم 36 قرية عربية وترحيل أهلها البالغ عددهم 45 ألف نسمة ومصادرة 800 ألف دونم من أراضيهم.

وزعم الناطق بلسان الشرطة أن المظاهرة خرجت عن حدودها عندما أغلقت الشارع الرئيس أمام جامعة بئر السبع، وأنها حذرت المتظاهرين، فعندما «استخفوا بالتحذير فرقتهم بقوة محدودة». ورد قادة المظاهرة بأنهم أغلقوا الشارع أمام مكتب المؤسسة التي تعمل على تهجير عرب النقب، وتسمى بـ«سلطة توطين البدو».

وكان فلسطينيو 48 أعلنوا الإضراب العام يوم أمس في إطار معركتهم لإلغاء مشروع القانون، الذي يبحث في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والمعروف باسم «قانون برافر»، والذي يرمي إلى سيطرة دائرة أراضي إسرائيل على 800 ألف دونم من أراضي عرب النقب وهدم 36 قرية قائمة عليها منذ سنين طويلة وترحيل سكانها (45 ألف نسمة) عنها إلى بلدات أخرى مقابل تعويضات هزيلة.

وأغلقت جميع المرافق التعليمية والتجارية في البلدات العربية، بما في ذلك المؤسسات العامة، والسلطات المحلية، والبنوك والعيادات الطبية وكل المؤسسات الخدماتية. وبالإضافة إلى مظاهرة النقب المركزية من أمام جامعة بئر السبع، أقيمت 15 مظاهرة أخرى على أبواب المدن العربية. وتضامن معها أهالي رام الله والقدس الشرقية المحتلة، بمظاهرتين إضافيتين. وأعلن أسرى الحرية في سجن «الجلبوع» في مرج ابن عامر عن مشاركتهم في الإضراب العام من خلال رفض مجموعة من الفعاليات التي تلزمهم بها إدارة السجون.

وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المظاهرات بداية معركة طويلة ضد مخططات الترحيل. وأكد أن «لجنة المتابعة تنوي العمل على طرح هذه القضية على جدول الأبحاث في الأمم المتحدة وفي برلمانات الولايات المتحدة وأوروبا، حتى يعرف أصدقاء إسرائيل في الخارج كم هي ظالمة وبشعة وغير ديمقراطية في كل ما يتعلق بمواطنيها العرب».

وبدوره، قال النائب الدكتور جمال زحالقة، رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، إنه «سعيد بالتزام الجماهير العربية وتجاوبها الكبير لنجاح الإضراب»، مشيرا إلى أن هذا التجاوب «يؤكد نضوج المواطن ووعيه بالتحديات وغضب الجماهير العربية ورفضها القاطع لمخطط برافر العنصري الهادف لتشريدنا عن أرضنا في نكبة أخرى لم ولن نقبل بها». وهدد زحالقة بأن تكون واحدة من الخطوات القادمة إعلان العصيان المدني في حال تنفيذ المخطط. وأضاف زحالقة «نحن لا نريد المواجهة مع المؤسسة الإسرائيلية، ولكن إذا فرضت علينا المواجهة فسنواجه وننتصر لأننا أصحاب حق وأصحاب أرض ولن نتنازل عن حقنا وأرضنا».

وبدوره، قال الدكتور ثابت أبو راس، مدير مركز «عدالة» القانوني في النقب، إن «هذا الإضراب يأتي كنتيجة حتمية لسياسة التمييز والاقتلاع والتشريد التي يواجهها عرب النقب». وأضاف أن «هذه السياسة لا تتوقف عند برافر، بل جاء هذا القانون لتسليط الضوء على التصعيد، غير المبرر، للحكومة والكنيست الإسرائيلي». وقال إن مركز عدالة رصد 50 قانونا تمييزيا وعنصريا، في المقاييس الدولية، في كتاب القوانين الإسرائيلية. وهذه القوانين هدفها تضييق الخناق على المواطنين العرب بحجج قومية وأمنية وتكريس يهودية الدولة.

وتابع أبو راس أن استعمال الأغلبية اليهودية في الكنيست وبشكل أوتوماتيكي ضد الأقلية العربية ومستقبلها يضعف من مكانتها ويهدد مستقبلها في البلاد. وقال إن «اقتراح قانون برافر يشكل قفزة نوعية في التشريع العنصري ويكاد يكون القانون الأسوأ في انعكاساته على المواطنين العرب منذ عام 1948، وإذا ما قبل هذا القانون فسوف يضع إسرائيل على أعتاب دولة أبرتهايد (فصل عنصري)»، وأوضح أن «قانون برافر هو الأخطر، ليس فقط لأنه سيؤدي إلى اقتلاع أكثر من 45 ألف مواطن نقباوي وتشريدهم ومصادرة أكثر من ثلاثة أرباع المليون دونم من أراضيهم، وإنما لما يحمله هذا القانون في طياته من تأثيرات على مكانة العرب في هذه البلاد». واختتم قائلا بأن «اقتراح القانون يطرح أمورا جديدة في تعامل إسرائيل مع مواطنيها العرب لم يسبق لها مثيل».