الضاحية الجنوبية لبيروت تعيش على إيقاع الإشاعات.. وتتخوف من السيناريو العراقي

استهداف سيارة لحزب الله متجهة إلى سوريا يوقع جريحين

مدرعتان تابعتان للجيش اللبناني تقيمان دورية في بلدة مجدل عنجر القريبة من الحدود اللبنانية ــ السورية (رويترز)
TT

يعيش سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، توترا متواصلا مع تناقل إشاعات شبه يومية، بأن القوى الأمنية عثرت على متفجرة، أو عطلت أخرى، أو أوقفت متورطين بالتخطيط للاعتداء على المنطقة، وازدادت وتيرتها بعد انفجار بئر العبد الذي هز الضاحية الأسبوع الماضي، وأسفر عن وقوع 53 جريحا.

وترتفع وتيرة التوتر، مع الإعلان عن استهداف مواكب تابعة لحزب الله في البقاع، كان آخرها انفجار استهدف سيارة أمس، رجحت مصادر صحافية أن عناصر من حزب الله يستقلونها. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بانفجار عبوة عند مفرق جامع الأزهر على طريق مجدل عنجر - المصنع استهدفت سيارة «جيب» من نوع «جي إم سي». وأشارت إلى أن الانفجار أدى إلى إصابة شخصين بجروح نقلا إلى مستشفى شتورة.

وقالت مصادر إعلامية في البقاع إن «الموكب تابع لحزب الله، ويضم 5 عناصر كانوا يتوجهون إلى سوريا». وعلى الفور فرض الجيش اللبناني طوقا أمنيا حول مكان الانفجار، وبدأ تحقيقاته. وذكرت قناة «إل بي سي» أن «الهيئة الإسلامية الصحية»، وهي الهيئة الطبية في حزب الله، نقلت الجريحين اللذين سقطا في انفجار مجدل عنجر إلى مستشفى الرسول الأعظم في بيروت.

ويعد هذا الانفجار الرابع خلال أقل من شهرين، يستهدف سيارات مجهولة على طريق لبنان دمشق الدولية، يقال إنها سيارات تابعة لحزب الله تقل مسلحين إلى سوريا، من غير أن ينفي حزب الله أو يؤكد صحة هذه الأنباء.

وتزداد وتيرة الخوف في بيئة حزب الله، بعد كل حدث أمني. ففي الضاحية الجنوبية، لا يخلو يوم من شائعة العثور على عبوات متفجرة، وتعطيلها. ويتناقل السكان تلك الأنباء التي تسري مثل النار في الهشيم، على الرغم من أن السلطات اللبنانية لا تعلن عن أي منها، على غرار ما تعلنه عن ضبط متفجرات وأسلحة في البقاع أو طرابلس أو في الجنوب على سبيل المثال.

ويقول بائع جوال في بئر العبد، إن الخوف من المتفجرات «جدي» في الضاحية الجنوبية. يشرح: «أعداؤنا كثيرون.. إسرائيل وأزلامها يستهدفون أمننا منذ وقت طويل، ولا ينفكون عن ذلك». ويسري هذا الاعتقاد بين جمهور حزب الله، خصوصا بعدما أعلن الحزب مشاركته في القتال بسوريا، لـ«مواجهة التكفيريين».

ويقول السكان إن أكثر ما يرعبهم هو خطر التفجيرات، إذ كرس انفجار بئر العبد مخاوفهم من أن يتكرر سيناريو العراق في الضاحية. يقول رجل سبعيني يقيم في حارة حريك، إن «الأعداء لا يستطيعون مواجهتنا إلا بالغدر.. لذلك نخاف أن تخترق سيارة مفخخة الجموع والأسواق».

ولم تختبر الضاحية هذه التفجيرات خلال العقد الأخير، منذ اغتيال القيادي بحزب الله غالب عوالة، قبل أن تندلع الأزمة السورية، وينعكس التوتر السوري على الوضع الأمني في الضاحية، وتمثل بتفجير عبوة صغيرة في الشتاء الماضي في منطقة حي السلم، وجدت معها رسائل تهديد من جبهة النصرة.

ورغم الإشاعات التي ترددت عن تعطيل عدة انفجارات في الضاحية، لم تعلن السلطات اللبنانية عن الإمساك بعبوات ومتفجرات، باستثناء انفجار بئر العبد. كما لم يعلن حزب الله الذي يتحفظ، عادة، عن أخبار أمنية مشابهة. ويتخذ حزب الله إجراءات أمنية في منطقته، منذ حربه مع إسرائيل في الثمانينات، ويقوم عناصره الأمنيين بحراسة مقراته ومسؤوليه، بمعزل عن الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية.

ورفع صمت الأجهزة الأمنية تجاه تلك الإشاعات، من المخاوف في الضاحية، إذ كثيرا ما تتردد عبارة «لا يريدون أن يحكوا عن العثور عليها»، في إشارة إلى حزب الله. وأوردت مواقع إلكترونية خبرا عن تفكيك عبوة قرب مسجد القائم في عمق الضاحية، قبل يومين، من غير أن تقدم تفاصيل إضافية، في حين لم تعلن السلطات اللبنانية عنها بتاتا.

وتزداد المخاوف في المناسبات الدينية، حيث يوجد أكبر عدد من السكان في الشوارع، كما تزداد تلك الإشاعات في تلك الفترات. وفي شهر رمضان الحالي، تشهد الضاحية زحمة سير خانقة في ساعات الصباح وفي فترة بعد الظهر، كما تشهد اكتظاظا كثيفا في أيام عاشوراء، حيث تتولى شرطة اتحاد بلديات الضاحية تنظيم الشوارع وضبط الإيقاع الأمني طول عشرة أيام.

وتعود هواجس السكان من السيارات المفخخة في الضاحية، إلى الإعلان عن مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، في خطاب أمينه العام حسن نصر الله في 26 مايو (أيار) 2013. غداة الخطاب، سقط صاروخان على الضاحية أسفرا عن وقوع 4 جرحى، ومنذاك، ارتفع منسوب الهلع، وسط توقعات بأن تطال المتفجرات الأحياء الآمنة. وبعد استعادة القوات النظامية للقصير في ريف حمص بسوريا، ارتفعت وتيرة هلع سكان الضاحية، إذ تخوفوا من أن تكون المتفجرات، ثأرا لمشاركة حزب الله في القتال.