المعارضة السورية تنتقد إحجام بريطانيا عن تسليحها.. وإدريس يتهم كاميرون بـ«الخيانة»

المقداد: التسليح وحده يحمي المدنيين.. ودماؤهم كفيلة بتبديد الهواجس

مقاتلو الجيش الحر يجتمعون في أحد المنازل في دير الزور أمس (رويترز)
TT

لم تبد المعارضة السورية حماسة لإعلان الحكومة البريطانية، أمس، عزمها على تقديم معدات «على وجه عاجل» لمقاتلي الجيش السوري الحر لحماية أنفسهم من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي يستخدمها نظام الرئيس بشار الأسد. وانتقدت بشدة تخلف الدول الأوروبية والإدارة الأميركية حتى اليوم عن الوفاء بتعهداتها بتسليح المعارضة في صراعها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ويأتي الإعلان البريطاني أمس إثر تأكيد لندن تخلي رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عن نية تسليح المعارضة السورية، استجابة لتوصيات القيادة العسكرية، مع وصول الصراع في سوريا إلى مرحلة متقدمة، وهو ما أثار غضب رئيس هيئة الأركان في «الحر» اللواء سليم إدريس الذي اتهم كاميرون بـ«خيانة المعارضة السورية بعد تخليه عن خطط تسليحها». وقال، في مقابلة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، إن هذا «القرار يمهد الطريق أمام تنظيم القاعدة للسيطرة على صفوف المقاتلين المعارضين».

وكان وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ قد أعلن أمس، في بيان مكتوب إلى البرلمان، أن «بريطانيا سوف تقدم 5 آلاف قناع غاز وكبسولات للوقاية من غازات الأعصاب ووسائل رصد الأسلحة الكيماوية إلى الائتلاف الوطني السوري في 3 أغسطس (آب) أو بعد ذلك». وأشار إلى أن «هناك أدلة على هجمات باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا بما في ذلك السارين». وقال: «نعتقد أن نظام الأسد يسمح ويأمر باستخدام الأسلحة الكيماوية».

وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش السوري الحر، لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادرة البريطانية مشكورة، لكننا نعتقد أن حماية الشعب السوري لا يمكن أن تتم بأقنعة واقية من الأسلحة الكيماوية، بل بمنع المجرم من استخدام هذه الأسلحة». وسأل المقداد: «إذا استخدم الجيش الحر الخمسة آلاف قناع، فماذا عن بقية الشعب السوري؟» وشدد على أن «المطلوب خطوات أكثر جدية، لأن تسليح الجيش الحر هو الأساس لحماية الشعب السوري وما دون ذلك يبدو أشبه بعلاج بالمسكنات لا يقضي على الورم».

وفي حديثه الصحافي أمس، أعرب اللواء إدريس عن قناعته بأن «قرار كاميرون (عدم التسليح) سيترك الجيش الحر عرضة للقتل من قبل قوات النظام السوري». وأشار إلى أن «الوعود الغربية (بالتسليح) أصبحت طرفة الآن»، مضيفا: «لم تتح لي الفرصة لسؤال كاميرون شخصيا ما إذا كان سيتركنا وحدنا لكي نقتل». وتساءل: «ما الذي ينتظره أصدقاؤنا في الغرب؟ وهل ينتظرون قيام إيران وحزب الله بقتل الشعب السوري بأكمله؟».

وكانت 11 دولة (بينها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية)، تعتبر المكون الرئيس لمجموعة «أصدقاء سوريا»، قد أقرت خلال مؤتمر استضافته العاصمة القطرية الدوحة في 23 يونيو (حزيران) الماضي، تقديم مساعدات عسكرية نوعية إلى المعارضة السورية، من أجل تحقيق التوازن على الأرض، ولدفع الأسد إلى الاستجابة إلى جهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا.

واتهم المقداد، الذي يواكب عمل إدريس في مجال التسليح، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» الدول الغربية، وتحديدا بريطانيا والإدارة الأميركية بـ«الإخلال بتعهدات واضحة سبق أن التزموا بها»، مضيفا أن «المطلوب من هذه الدول التحرك بسرعة وفرض مناطق حظر جوي تمنع النظام السوري من استخدام الصواريخ الباليستية وقصف المدنيين بالطيران».

وكانت تقارير صحافية نقلت قبل يومين عن مسؤول أميركي «رفيع» قوله، إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما «أحرزت تقدما في التغلب على اعتراضات المشرعين على خططها لتسليح المعارضة السورية، لكن ما زال ينبغي تسوية بعض التفاصيل». وأشار المسؤول ذاته إلى أن «أعضاء لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الذين شككوا في مدى حكمة قرار تسليح مقاتلي المعارضة وافقوا بصفة مبدئية على مضي الإدارة قدما بخططها، لكنهم طلبوا إطلاعهم على المستجدات مع تقدم العملية السرية».

ويخشى المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون من وصول الأسلحة في إلى أيدي متشددين إسلاميين وألا تكون كافية لترجيح الكفة ضد قوات الحكومة السورية الأفضل تسليحا. لكن المقداد شدد في هذا السياق على أن «دماء الشعب السوري والتي تراق يوميا يجب أن تكون كافية لتبديد هواجس الإدارات الغربية، لا سيما الأميركية». وقال إن «الذريعة الأساسية، وهي خشيتهم من وصول الأسلحة إلى جماعات متشددة أو إسلامية، قد سقطت، بعد أن بدأت هذه الجماعات بتنفيذ أجندات خاصة بها وبات الجيش الحر في مرحلة توتر شديد مع هذه الجماعات».

في غضون ذلك، أعلن السفير البريطاني لدى لبنان توم فليتشر خلال لقائه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان أمس، أن بلاده ستقدم مبلغ 20 مليون دولار في إطار دعم الجيش اللبناني، و75 مليون دولار لدعم المؤسسات التي تحتضن اللاجئين السوريين. وذكر بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية أن فليتشر كشف خلال لقائه رئيس لبنان أمس عن أن بلاده وفي إطار دعم لبنان ستقدم على صعيد الدفاع وتعزيز قدرات الجيش «مبلغ 20 مليون دولار معدات وتدريبات ومبلغ 75 مليون دولار لدعم المؤسسات التي تحتضن النازحين السوريين وتساعدهم». وأضاف البيان أن فليتشر نقل للرئيس اللبناني تأييد بلاده للجهود التي يقوم بها سليمان للحفاظ على الاستقرار. ولفت فليتشر إلى أن بلاده على استعداد «للقيام بالاتصالات الدولية اللازمة لترسيخ فكرة تحييد لبنان عن صراعات الآخرين».